إيلاف من القاهرة: يحتفل المصريون بالذكرى السابعة لثورة 25 يناير وسط حالة من التخبط بالمشهد السياسي الداخلي لمصر، بسبب الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومنذ قيام ثورة 25 يناير في 2011، والشعب المصري لم يشعر بعد بتحقيق المطالب التي رفعها الرئيس في ميدان التحرير أيقونة ثورة يناير، وهي "عيش – حرية – عدالة انتقالية"، بل على العكس أصبحت الأوضاع الداخلية للبلاد بعد الثورة أكثر سوءًا وتراجعًا، على الجانب الآخر يرى مؤيدو الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنه عمل خلال ولايته الأولى من حكم البلاد على تحقيق مطالب ثورة 25 يناير، حيث حرص على توفير حياة كريمة للطبقات الفقيرة، والقضاء على الفساد والمحسوبية التي كانت منتشرة قبل ثورة يناير، والسؤال هل نجح السيسي بالفعل في تحقيق مطالب ثورة 25 يناير، والذي تعهد بها قبل انتخابه في 2014 ؟

اختفاء الرموز 

اختفاء شباب ورموز ثورة 25 يناير عن المشهد تمامًا ربما يعتبر من أبرز السلبيات البارزة للثورة، فالكثير من رموز وشباب ثورة 25 يناير معتقلون أو صدرت بحقهم أحكام قضائية بالسجن، والبعض الآخر هارب خارج البلاد، في حين فضل الكثير منهم التخفي بعيدًا عن الأنظار خوفًا من المطاردات الأمنية، وهي الظاهرة التي تحدث لأول مرة عبر تاريخ ثورات العالم، فهناك أحمد ماهر (مؤسس حركة شباب 6 إبريل، في ثورة 25 يناير وما تلاها من حراك ) يقضي الآن عقوبة السجن ثلاث سنوات بسبب التظاهر بدون ترخيص، ونفس المصير يواجهه علاء عبد الفتاح أحد وجوه ثورة 25 يناير البارزة ، فقد صدر بحقه حكم بسجنه 5 سنوات؛ لإدانته في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "أحداث مجلس الشورى"، وتنظيم مظاهرة دون ترخيص في نوفمبر 2013، وهناك أيضًا أحمد دومة ( الناشط السياسي وأحد وجوه ثورة 25 يناير) يواجه حكمًا بالسجن 31 عامًا وغرامة تصل إلى أكثر من 17 مليونا، أما بالنسبة لمفجر ثورة يناير ـ كما كان يطلق عليه - الناشط وائل غنيم، فإنه هارب خارج مصر، ويكتفي الآن بالتعبير عن رأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تشويه الثورة 

من جانبه، أكد الدكتور حسام عبد الله من الاشتراكيين الثوريين، أن آمال الشعب تتلاشى تمامًا في تحقيق مطالب ثورة 25 يناير التي قتل في سبيلها آلاف الشباب، فجميع من حكم البلاد منذ الثورة وحتى الآن تعمد على كتابة نهاية الثورة، بل إن النظام الحالي للبلاد تعمد من خلال أنصاره تشويه صورة الثورة، وصل الأمر إلى اعتبارها نوعًا من الانقلاب، فالسلطة السياسية للدولة حاليًا لا تعترف إلا بثورة 30 يونيو فقط، وتعتبرها التغيّر الحقيقي للجمهورية الثالثة.

وأشار إلى أن شباب ورموز 25 يناير مسؤولون عن ضياع مطالب الثورة ، فالشباب الذين شاركوا انقسموا في ما بينهم لعدد من الأيديولوجيات، فمنهم من كان يرى أنّ بسقوط النظام تنتهي الثورة من الميادين، بينما وجد البعض أنّ امتداد الثورة يظل في الميادين، مما أفقد للثورة تأثيرها ، وهو الأمر الذي استغله جيدًا نظام المجلس العسكري ومن بعده الإخوان وأخيرًا السيسي.

وتوقع الدكتور حسام عبد الله لـ"إيلاف" أن تشهد الأعوام القادمة اختفاء ثورة 25 يناير من ذاكرة التاريخ، فالشارع تناسى تمامًا الذكرى السابعة، والحديث الآن يتركز فقط على ثورة 30 يونيو، ويوم 25 يناير عاد ليكون ذكرى الاحتفال بعيد الشرطة، فهذا العام لم تخرج دعوة واحدة من التيارات الثورية أو الأحزاب لإحياء ذكرى الثورة، وهذا ما سعى إليه النظام السياسي للدولة منذ 2014 ونجح بالفعل في تحقيقه .

حافة البركان 

في السياق ذاته، يرى المهندس محمد العراقي (عضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير)، أن النظام السياسي الحالي يكره ثورة يناير، بدليل أنه طيلة العامين الأولين من حكمه لم يذكرها في خطاباته وتصريحاته إلا على استحياء، بل ترك أنصاره في تشويهها واعتبارها نوعاً من الانقلاب الخارجي لمشاركة الإخوان فيها.

مؤكدًا لـ"إيلاف" أن النظام الحالي قضى نهائيًا على مطالب ثورة يناير، فلم ينجح في تحقيق عدالة انتقالية حقيقية بين أفراد المجتمع، بل على العكس زادت الفجوة بين المجتمع، وخاصة بين الطبقة الغنية والفقيرة، وصل الأمر لتمني البعض عودة حكم نظام مبارك، وهذا بالطبع أمر كارثي يتحمله الرئيس السيسي، لكونه تعهد عند ترشحه في انتخابات 2014 بتنفيذ مطالب ثورة يناير وتحديدًا العدالة الانتقالية والحرية، وهو ما لم يحدث نهائيًا.

وقال العراقي :" إن الأسباب التي من أجلها قامت ثورة يناير مازالت موجودة وبشكل أكبر، وخاصة في ما يتعلق بالتضييق على الحريات واعتقال المعارضة، والوضع في البلاد على حافة البركان، فالشعب لن يتحمل كثيرًا من الأعباء الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، بجانب حالة التخبط السياسي الداخلي وسعي الدولة إلى عمل انتخابات رئاسية صورية لصالح الرئيس السيسي، كما كان يحدث في عهد نظام مبارك الذي قامت عليه ثورة يناير، لرفع الظلم عن الشعب.

نجاح كبير

بدوره، قال الدكتور صلاح حسب الله أستاذ العلوم السياسية:" إن الرئيس السيسي يعمل جاهدًا على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير كما تعهد من قبل أمام الشعب، فعلى المستوى الاقتصادي أصبح لدينا برنامج اقتصادي واضح ومحدد التنفيذ عن طريق خلق فرص عمل للشباب العاطل من خلال افتتاح 11 ألف مشروع، وتوفير حياة كريمة لجميع الطبقات الفقيرة والأكثر احتياجًا، كما عمل الرئيس على مكافحة الفساد، ويوميًا تقوم الرقابة الإدارية بضبط المخالفين ومستغلي وظائفهم".

وأضاف حسب الله لـ"إيلاف" أن أحد مطالب ثورة يناير عدم خلود رئيس الجمهورية في الحكم كما كان في السابق، وها نحن لدينا الآن رئيس جمهورية يأتي عن طريق الصندوق بمدة ولاية محددة دستوريًا وبانتخابات نزيهة تحت إشراف كامل من القضاء.

مشيرًا إلى أن ثورة يناير لم تحمل مشروعًا تفصيليًا محددًا، وإنما رفعت مطالب في العموم، وبالتالي لا توجد معايير ثابتة للحكم عليها بالفشل من عدمه، ولكن عقب سبع سنوات فهناك بوادر جادة لتنفيذها.