في الحلقة الأولى من ثلاثة وثائقية على بي بي سي، عنوانها "سلالة خطيرة: آل الأسد"، يبدو بشار الأسد رجلًا بشاعته فرضتها عليه الظروف. وإذا كان هذا من نكد حظه، فهو مأساة لآلاف قُتلوا ليحتفظ بالسلطة.

لندن: بثت قناة "بي بي سي التلفزيونية الثانية" مساء الثلاثاء الجزء الأول من فيلم وثائقي بعنوان "سلالة خطيرة: آل الأسد"، تناولت خلفية رئيس النظام السوري بشار الأسد وصعوده غير المتوقع بعد مقتل شقيقه باسل الأسد الذي كان مرشحًا لخلافة والده في حادث سير.&

غباء وديع

لاحظت صحيفة ديلي تلغراف في تعليق على الحلقة الأولى التناقض بين طبيب العيون السابق الذي تدرب في لندن، وما توحي به ملامحه من غباء وديع من جهة، واستعداده لضرب مواطني بلده بالقنابل والغاز من جهة أخرى، قائلة إن هذا اللغز يمثل العمود الفقري للجزء الأول من الفيلم الذي يتكون من ثلاثة أجزاء.&

يتساءل الفيلم الذي أخرجه نك غرين: "كيف ينتهي المآل بطبيب العيون الدمث هذا إلى قتل مئات الآلوف من البشر؟".

الجزء الأول تأريخ عائلة استبدادية هي المعادل الشرق اوسطي لآل سوبرانو أو كورليونيس في الأفلام التي تصور عصابات المافيا، سوى أن ضحايا هذه العائلة أكثر كثيرًا من ضحايا عائلات المافيا، وانها أعطت الأولوية لإثراء نفسها على حساب الشعب السوري.&

إبن مدلل

ترى ديلي تلغراف أن بشار الأسد، على الرغم من جرائم الحرب المرتكبة باسمه، لم يكن الشخصية الشريرة الرئيسية في مسلسل آل الأسد، بل كان يشترك بهذا الامتياز والده حافظ وشقيقه الأكبر باسل.&
مقتل الأخير في عامه الحادي والثلاثين هو الذي انتزع الشقيق الأصغر من حياته كإبن مدلل يعيش حياة هادئة في لندن، من دون أن يخطر بباله أنه سيخلف والده.&

قال كريس دويل من مجلس التفاهم العربي - البريطاني إنها مسرحية شكسبيرية تمامًا، محورها الولاء وأواصر القرابة. تعقب صحيفة ديلي تلغراف قائلة إنه إذا كان هذا شكسبير في المشرق العربي فالإغراء البديهي هو أن يُنسب دور الليدي ماكبث إلى أسماء زوجة بشار المولودة في بريطانيا والتي قدمتها مجلة فوغ في عام 2011 يوصفها "وردة في الصحراء". أرادت أسماء التي عملت في مصرف استثماري في لندن أن تكون النسخة العربية من الأميرة ديانا. فهي متألقة وصاحبة لمسة شعبية وتردد انها لا تنسجم مع أهل زوجها.

حيلة السندويش

لكن، اتضح أن صفة النجومية عند أسماء كانت واجهة زائفة مثل إدعاء بشار بالتحديث والانفتاح بعد وفاة والده الذي حكم سورية بالحديد والنار منذ عام 1970.&

يروي الفيلم أن أسماء طافت ذات مرة في أنحاء سورية متنكرة لجس نبض الرأي العام، أو هكذا زعمت. لكنها لم تخرج من هذه الجولة بموقف متعاطف مع بلد سُحق تحت جزم أفراد عائلة زوجها. أشار جار لها في لندن من أيام الطفولة إلى أن أسماء كانت انتهازية وجَّهتها نحو آل الأسد والدتها السورية الطموح.&

بشار الذي تسلم مقاليد الحكم إثر وفاة والده في عام 2000 لم يرث تبختر والده البارد، بل كانت هذه الصفة من نصيب باسل الذي كان يقود سيارة بورش ويمارس رياضة الفروسية. ذات يوم، أمر بسجن فارس منافس فاز عليه. بدلًا من كاريزما المستبد، كانت سمة بشار المميزة نزعة قهرية خطيرة تدفعه إلى أفعال هوجاء. ومن الأمثلة التي اوردها الفيلم غدره برئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير خلال مؤتمر صحافي في دمشق حين تراجع علنًا عن التزام قطعه له في محادثاتهما بدعم الولايات المتحدة وبريطانيا في الحرب على الارهاب. هكذا هي السياسة كما يظن بشار الأسد بالابتسام للحليف ثم طعنه في الظهر أو ما يسميه السوريون حيلة السندويش؛ بيع سندويش بلا شاورما.&

روح الدكتاتور

يتناول الفيلم ما سماه خطأ بشار الكبير حين أفرج عن متطرفين إسلاميين من السجون السورية وأرسلهم إلى العراق للقتال ضد الأميركيين والبريطانيين، لكنهم عادوا لاحقًا إلى سورية لمواصلة القتال ضده هذه المرة، بعد أن تحولوا إلى جهاديين في تنظيم الدولة الاسلامية.&

تقول ديلي تلغراف إن فيلم "سلالة خطيرة" يتيح إلقاء نظرة على روح الدكتاتور من خلال مقابلات أرشيفية مع بشار وأسماء، ومساهمات معلقين أُحسن اختيارهم بينهم صحافي سوري أمضى شهورًا في الحبس الانفرادي بعد أن ذكر أن الأسد يتوجه إلى دعم الغزو الأميركي للعراق.&

بحسب ديلي تلغراف، ما عرضه الجزء الأول من الفيلم عن بشار الأسد خلال عمله طبيب عيون في احد مستشفيات لندن يعزز الانطباع بأنه رجل بشاعته فرضتها عليه الظروف. لكن، إذا كان هذا من نكد حظه فإنه كان مأساة مطلقة لآلاف قُتلوا في مجرى محاولة آل الأسد الإجرامية للاحتفاظ بالسلطة.&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "ديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط:

https://www.telegraph.co.uk/tv/2018/10/09/dangerous-dynasty-house-assad-episode-1-review-forensic-look/

&
&