لم يجد الطب علاجًا شافيًا لمرض ألزهايمر حتى الآن، لكن يتحدث الأطباء الألمان عن فحص دم بسيط يكشف المرض قبل ثمانية أعوام من ظهور أعراضه.

لا تنجح أفضل طرائق التشخيص العلمية الخاصة بمرض ألزهايمر في تشخيص المرض إلا بعد أن يكون قد تأصل في الدماغ، وتراكمت جزيئات "بيتا أميلويد" في الخلايا العصبية. وحقق العلماء الألمان اليوم خرقًا من خلال النجاح في تشخيص المرض قبل أعوام طويلة من ظهور أعراضه.

ومعروف أن التراكم الأولى لبروتينات "بيتا أميلويد" في خلايا الدماغ يبدأ قبل 15 إلى 20 عامًا من ظهور الأعراض المقيتة للمرض. ويرى العلماء أنفسهم في سباق مع الزمن من أجل التوصل إلى طريقة تكشف عن البشر المعرضين لألزهايمر منذ بداياته.

حقق هذا الإنجاز فريق من العلماء الألمان من جامعة الرور في مدينة بوخوم، بالتعاون مع علماء من المركز الألماني للبحوث السرطانية في مدينة هايدلبيرغ، وعلماء من مركز مراقبة السرطان في ولاية زارلاند. وكتب العلماء في مجلة "الطبيب الألماني" أن الفحص الجديد يضمن الكشف عن ألزهايمر قبل 8 أعوام من ظهور أعراضه.

تنبوء مسبق

كتب البروفيسور كلاس غيرفيرت، منسق فريق العمل من جامعة الرور، أن الفحص يجعل تراكم "بيتا أميلويد" في الدم مرئيًا بالنسبة إلى الأطباء. وأضاف أن فريق العلماء سبق له أن تحدث عن الفحص في عام 2017، إلا أنه تمت تجربته الآن على المرضى، وأثبت فاعليته في دراسة طبية مقارنة.

زاد الباحث أن الفحص الجديد يكشف المرض في مراحله الأولى، حينما يكون من دون أعراض، كما يتنبأ بالمرض في حالة المرضى الذين هم أكثر عرضة لمخاطر ألزهايمر. وهذا يتيح إمكانيات واسعة لوقف تقدم المرض قبل تفاقمه، بحسب تقدير الباحث.

يؤكد غيرفيرت أن الفحص يجري بواسطة الدم، وأنه بسيط وغير مكلف. ولم تتكشف التجارب على البشر عن ردات فعل حساسية وأعراض جانبية للفحص.

يرى البروفيسور هيرمان برينر، رئيس قسم البحوث المرضية في مركز بحوث السرطان الألماني، أن الكشف المبكر عن المرض قبل 8 أعوام يفتح آفاق العثور على عقار جديد لعلاج المرض.

قالت الدكتورة مونيكا باخمان، وزيرة الصحة والعائلة في ولاية الزار والمشاركة في الدراسة، إن الفحص يعد بتحرير المرضى وعوائلهم من أعباء اجتماعية ونفسية كبيرة، لأن الكشف المبكر عن المرض يوقف تفاقم الأعراض.

خطأ إيجابي

يعتمد الفحص على الكشف عن جزيئات بروتين "بيتا أميلويد" في الدم، كما يخبر عن كمية هذه التراكمات ونوعيتها، ويؤهل الأطباء بالتالي لعلاج كل مريض بحسب نسبة التراكم في دمه ودماغه.

ثبت في الاختبارات أن الفحص تنبأ فعلًا بأصابة الناس مسبقًا بمرض الزهايمر بنسبة 70 في المئة. ولم ترتفع نسبة الخطأ في التشخيص عن 9 في المئة من الفحوصات، لكن فريق العمل أطلق على نسبة الخطأ المذكورة "الخطأ الايجابي"، لأنه لا ينفي تعرض المريض للمرض بعد مرور أكثر ثمانية أعوام.

يؤكد غيرفيرت أن الفحص يخضع للتطوير باتجاه تجاوز "الخطأ الايجابي" وجعله مضمونًا 100 في المئة في التشخيص. واعتبر الفحص، مقارنة بطرق الكشف المبكر الأخرى، بسيطًا ورخيصًا.

استشعار مناعي

كتب فريق العمل أن فحص الدم الذي يشكف عن "بيتا أميلويد" الخبيث لم يكن ممكنًا من دون استخدام تقنية استشعار مناعي بالأشعة فوق الحمراء؛ إذ معروف أن لـ "بيتا أميلويد" وظائف حميدة في الجسم البشري، ويختلف عن "بيتا أميلويد" الخبيث الذي يتراكم في الدماغ.

تمكن جهاز الاستشعار المناعي بالأشعة فوق الحمراء من تلوين نوعي "بيتا أميلويد" (الحميد والخبيث) بلونين مختلفين يتيحان التفريق بينهما، وتشي بانتشار الخبيث منه في الدم.

يعمل العلماء لتحسين عمل جهاز الاستشعار المناعي بالأشعة فوق الحمراء بهدف تأهيله للكشف عن المرض منذ نشوئه في الدم قبل 15 إلى 20 عامًا، ووصولًا إلى رفع قدرته التشخيصية إلى أعلى نسبة ممكنة. ويؤكدون أن الفحص جاهز منذ الآن للاستخدام "روتينيًا" في المستشفيات والعيادات في التشخيص المبكر لألزهايمر.

جدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية تقدر معاناة 35 مليون انسان من مرض الزهايمر على المستوى العالمي، منهم أكثر من مليون ونصف ألماني، وأكثر من 5 ملايين أميركي. ويطلق العلماء على هذا المرض اسم "السكري-3" بالنظر إلى سرعة انتشاره وتحوله إلى "مرض" شعبي يقلق بال البشرية. وتتوقع الدراسات أن تتضاعف الإصابات بمرض ألزهايمر مرتان نصف حتى عام 2050، ما لم يتم التوصل إلى علاج.