بهية مارديني: ثار جدل حول تصريحات الرئيس الروسي حول "خروج القوات الأجنبية من سوريا"، فيما أكدت مصادر متطابقة أن روسيا تحاول العودة الى مسار جنيف حول الحل السوري بعد فشل محادثات أستانة، لكن من بوابة لجنة دستورية اعتبرها معارض سوري أنها الساحة المتاحة حاليا.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي الى خروج القوات الاجنبية من سوريا بالتزامن مع التقدم الذي حققه الجيش السوري مؤخرا.

وجاء هذا الموقف خلال لقاء عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره السوري بشار الاسد في منتجع سوتشي الواقع على البحر الاسود لم يعلن عنه مسبقا.

ونسب موقع الرئاسة الروسية الالكتروني الى بوتين قوله "اننا نعول انطلاقا من النجاحات والانتصارات الهامة التي حققها الجيش السوري في التصدي للارهاب وانتقال العملية السياسية الى مرحلة اكثر نشاطا على انسحاب القوات الاجنبية من الاراضي السورية".

وقال بوتين ان الظروف باتت مهيأة لتنشيط جهود التسوية السياسية لافتا الى ان الرئيس السوري قرر ارسال ممثلي الحكومة السورية لتشكيل اللجنة الدستورية التي يجب ان تعمل على بلورة القانون الاساسي للبلاد.

إلى ذلك، اعتبر منذر اقبيق الناطق الرسمي باسم "تيار الغد" السوري أن "اجتماعات آستانة فشلت في حماية المدنيين في الغوطة وشمال حُمص من القصف والتهجير والمعاناة الانسانية، وقبلها فشلت في مناطق اخرى، ونجحت في تنفيذ إرادة و تفاهمات الدول الضامنة الثلاث في تقاسم النفوذ الجغرافي فيما بينها في سوريا".

واعتبر في تصريح لـ"إيلاف" ردا على سؤال حول الحل في سوريا في ظل الاستعصاء الحالي، "أن العمل السياسي من قبل المعارضة ضروري من اجل تحقيق الأهداف الوطنية في الانتقال الديمقراطي واعادة توحيد البلاد و خروج الجيوش الأجنبية".

وأكد آقبيق أنّ "الساحة المتاحة الان هي اللجنة الدستورية، حيث من شأن تحقيق إصلاحات دستورية عميقة ان يحقق خطوة أولى في طريق انهاء الاستبداد".

وأضاف "اما موضوع اجراء الانتخابات وفق الدستور الجديد فهو سابق لأوانه، حيث لازالت البيئة غير آمنة ومناسبة لإجراء مثل هذه الانتخابات بحيث تضمن مشاركة جميع السوريين داخل و خارج الوطن، وبحيث تعكس العملية خياراتهم باقصى قدر من الحرية والنزاهة. لذلك على السوريين الوطنيين أن يعملوا بسياسة الخطوة خطوة، ويواصلوا النضال من اجل تحقيق الأهداف المنشودة".

بحسب مصادر اعلامية، فإنّ روسيا حاليا تنشط ديبلوماسياً مع عدد من الدول الغربية لإحياء مسار جنيف، وتبني طرحها حول التسوية، المتوافق مع القرار الدولي على حد قول مسؤوليها.

ورغم التوتر الأخير الذي ساد العلاقة الأوروبية ــ الروسية، وما جرى من قصف إسرائيلي على سوريا ، فكما قرأته جريدة الأخبار اللبنانية "شكّل التفارق في الموقفين الأوروبي والأميركي حول ملف الاتفاق النووي الإيراني فرصة لتعزيز التواصل بين الدول الأوروبية وموسكو، التي أعلنت دعمها لمجهود إنقاذ الاتفاق وحضرت سوريا على طاولة النقاش كواحد من أبرز الملفات التي تتطلب تعاوناً بين الجانبين".

ومن هذا المنطلق حلّت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضيفة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي، لبحث عدد من القضايا، وعلى رأسها الملف السوري. وكان لافتاً أن استقبال الضيفة الألمانية جاء بعد أقل من 24 ساعة على استقبال الرئيس السوري بشار الأسد في المقرّ نفسه، إلى جانب أنها استقلّت السيارة نفسها للحضور إلى مكان اللقاء ، بحسب ما قاله ذات المصدر.

ورغم أن الحديث عن الملف السوري جاء مقتضباً في تصريحات بوتين وميركل، إلا أنه لمح إلى دور ألماني مرتقب في دعم صيغة المحادثات الروسية في جنيف، لدى المعسكر الغربي.

وأكد بوتين أن بلاده على دراية باستعداد ألمانيا للمشاركة في إعادة إعمار البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية» في سوريا، ولكنه أضاف أن ذلك يجب أن يتمّ بالتنسيق مع "السلطات الشرعية" هناك.

ولفت إلى أن الإسهام في إعادة الإعمار من شأنه تخفيف ضغوطات ملف اللاجئين على الدول الأوروبية.

ومن المنتظر أيضا أن يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، نظيره الروسي، في زيارة هي الأولى إلى روسيا. 

ويتوقع أن يشكّل الملف السوري والمحادثات المرتقبة واحدة من النقاط البارزة في نقاشات الطرفين.

واهتمت وسائل الاعلام بحديث بوتين خلال لقائه الأسد، عن ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، عند انطلاق التسوية السياسية، و أثارت التصريحات جدلاً واسعاً حول هوية الأطراف التي لم يحددها تصريح الرئيس الروسي.

ونقلت وكالة نوفوستي عن المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينتيف قوله إن الحديث يدور عن جميع الأطراف الموجودة في سوريا من دون غطاء قانوني.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أن هناك في الواقع قوات أجنبية موجودة، بقوة الأمر الواقع، ولكن "بشكل غير شرعي من وجهة نظر القانون الدولي، وسيكون عليها مغادرة البلاد لعدم وجود أسس قانونية لوجودها"، وأشار إلى أن قوات بلاده تمت دعوتها من قبل الحكومة الشرعية، وتملك جميع الأسس القانونية.

فيما أكد مبعوث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف، أن المقصود من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحاجة إلى انسحاب القوات الأجنبية من سوريا هو القوات الإيرانية وميليشيا حزب الله والقوات التركية والأميركية.

وقال لافرنتيف، في تصريحات صحافية أدلى بها لاحقا "إن هذا التصريح يخص كل المجموعات العسكرية الأجنبية، التي توجد على أراضي سوريا، بمن فيهم الأميركيون والأتراك وحزب الله والإيرانيون".

وشدد لافرنتيف على أن كلام الرئيس الروسي حول هذا الشأن يمثل "رسالة سياسية"، لكنه دعا إلى عدم النظر إليه كبداية لعملية انسحاب القوات الأجنبية من سوريا.

وتابع "هذه المسألة معقدة للغاية، لأنه يجب تنفيذ هذه الإجراءات جماعياً، وينبغي أن تبدأ هذه العملية بالتوازي مع سير إحلال الاستقرار، لأن الجانب العسكري يقترب من نهايته، والمواجهة تشهد حالياً مرحلة نهائية".

وكان الرئيس الروسي قد قال عقب محادثاته مع الأسد في سوتشي الخميس الماضي : "إننا ننطلق من أن الانتصارات الملموسة ونجاح الجيش السوري في محاربة الإرهاب وانطلاق المرحلة النشطة من العملية السياسية سيليها بدء انسحاب القوات المسلحة الأجنبية من الأراضي السورية".