حمامات: يتنقل العشرات من السياح البريطانيين والروس بين الشاطئ ومسبح فندق بمدينة نابل (شرق) في مشهد غاب عن قطاع السياحة التونسية منذ الاعتداءات التي ضربت البلاد في 2015 وتسببت بمقتل ستين شخصا بينهم 59 سائحا.

على طول شواطئ نابل والحمامات، يستمتع السياح بأشعة الشمس وصفاء الطقس على الرغم من ان الموسم السياحي لا يزال في بدايته. ومن الواضح ان السياح البريطانيين الذين قتل ثلاثون منهم في اعتداء سوسة بدأوا يعودون الى تونس، كما ارتفع عدد السياح الفرنسيين، فيما يشكل الصينيون والروس العدد الاكبر من السياح، بحسب مسؤولين في القطاع.

ويقول السائح الايرلندي ستيف (49 عاما) الجالس مع زوجته بملابس السباحة تحت مظلة بجانب مسبح في فندق أربعة نجوم في نابل في جنوب تونس "أنصح بالمجيء الى تونس... الامن موجود هنا اكثر مما هو في ايرلندا".

وأمضى ستيف عشرة ايام في مدينة الحمامات قبل نابل، واختار تونس بحثا عن أشعة الشمس الدافئة إضافة "الى ان أسعار الخدمات التي تقدم فيها متدنية".

ويضيف مهندس المعلوماتية "سنعود في الصيف القادم، وأقول لهم (الارهابيون) سنأتي ونفرح بالرغم من كل شيء". 

واكدت وكالات سفر لوكالة فرانس برس ان الحجوزات نحو تونس لم تتأثر بالهجوم الذي استهدف الاحد دورية أمنية في منطقة حدودية مع الجزائر (غرب) وقتل فيه ستة عناصر أمن وجرح ثلاثة آخرون وأعلنت "كتيبة عقبة بن نافع" مسؤوليتها عنه. 

وكانت اعتداءات 2015 شكلت الضربة القاضية للسياحة التونسية التي كانت ايراداتها تعد 7 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي. واستهدفت متحف باردو في العاصمة وفندقا في سوسة، وجاءت بعد أعوام من التدهور بسبب انعدام الاستقرار الذي أعقب ثورة 2011.

وتترافق عودة السياح هذه السنة مع إجراءات أمنية مشددة. في الفندق، يؤمن الحراسة عناصر أمن خاصون، فيما نشرت كاميرات مراقبة عند مداخل الفندق من الداخل والخارج حيث يلهو أطفال يسبحون أو يلعبون على الرمال.

وتعتبر السياحة عنصرا أساسيا في الاقتصاد التونسي، وقد سجلت نموا حقيقيا في الاشهر الخمسة الاولى من 2018.

ووفقا لبيانات احصائية نشرتها وزارة السياحة في يوليو، دخل تونس اكثر من ثلاثة ملايين سائح الى حدود يونيو الفائت، في تجاوز لأرقام الفترة نفسها من سنة 2010، العام المرجعي للسياحة التونسية الذي بلغت العائدات المالية خلاله 430 مليون يورو.

وتؤكد وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي ان التوقعات تشير الى أن نحو ثمانية ملايين سائح سيتوافدون الى تونس هذه السنة.

وتقول "إنه عام النهوض الفعلي"، لافتة الى ان "حجوزات الفنادق مكتملة في جربة والحمامات وسوسة والمهدية" خلال فصل الصيف.

ولطالما كانت تونس إحدى أهم الوجهات السياحية في شمال افريقيا. تمتد سواحلها على 1300 كلم، ومن مدنها المشهورة الى جانب الحمامات وسوسة، جزيرة جربة المعروفة بجمال شواطئها. وتطورت في البلاد خدمات سياحية جديدة خلال السنوات الأخيرة مثل العلاج بمياه البحر. 

ويقول المسؤولون ان العدد الاكبر من السياح الوافدين الى تونس الى حدود تموز/يونيو، هم من الصينيين بزيادة بلغت 56,9 في المئة (مقارنة بالفترة نفسها من 2017)، ثم الروس بزيادة بلغت 46,4 في المئة.

وسجلت "السوق التقليدية"، اي الفرنسيون، زيادة عن 2017 بنسبة 45 في المئة، والالمان (42,4 في المئة)، والجزائريون (17,4 في المئة).

وتعزز هذا النهوض بعودة أبرز الشركات التي تنظم جولات سياحية الى تونس، مثل البريطانية "توماس كوك" والفرنسية "تي يو آي". 

مراجعة المنظومة الامنية

ويقول السائح الروسي سيرغي (36 عاما)، وهو مهندس أشغال مدنية، إن بين الدوافع التي شجعته لتمضية العطلة في تونس الاسعار الجيّدة لتكاليف السفر والاقامة في تونس.

ويوضح وهو يتوسط مجموعة من الرفاق الروس وافرادا من عائلته يجلسون بجانب مسبح الفندق "زرت في السابق العديد من البلدان المشابهة لتونس، لكن هنا الخدمات جيدة والطعام ووسائل الترفيه كذلك".

وتعتبر محافظة نابل ثاني الوجهات السياحية في تونس بعد جربة. وهي تضم قرابة 124 فندقا.

ويقول المندوب الجهوي للسياحة بمحافظة نابل عزالدين القرامي إن "العوامل التي ساهمت في العودة التدريجية للقطاع هي اولا الامن ثم الاستراتيجية الاتصالية والتسويقية وتطوير الخدمات السياسية".

وأوضح ان المنظومة الامنية في المنطقة تمت مراجعتها وتطويرها بمشاركة مكاتب انكليزية والمانية مختصة في الامن والتأمين الذاتي للمؤسسات الفندقية.

وتشدّد السلطات التونسية على تحسن الوضع الامني في البلاد خصوصا من خلال عمليات توقيف "استباقية" للخلايا الارهابية النائمة في عدد من مناطق البلاد.

ويؤكد مدير فندق "خيام غاردين" هيكل العكروت "عودة السياحة"، معتبرا ان "السوق الروسية أنقذت السياحة التونسية خلال السنتين الماضيتين بالرغم من عائداتها القليلة". 

وكثفت وزارة السياحة حملاتها الدعائية للوجهة التونسية واستغلت مشاركة المنتخب التونسي في مونديال 2018 للتسويق للسياحة في تونس في شوارع موسكو والمدن التي اقيمت فيها المباريات.