أشرف أبوجلالة من القاهرة: تسببت الأحداث التي وقعت على مدار العام الماضي في قرب انهيار العلاقة بين يهود أميركا ويهود إسرائيل. فقد قام الرئيس دونالد ترمب، المحبوب في إسرائيل وغير المحبوب بكل تأكيد من غالبية اليهود الأميركيين، بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس في مايو الماضي، وهي الخطوة التي احتفى بها القسيسان الإنجيليان جون هيجي وروبرت جيفريس.

كما توجه ترمب إلى مكان الحادث الذي قتل بموجبه 11 يهودياً في كنيس "شجرة الحياة" بمنطقة سكويرل هيل في بيتسبرغ خلال شهر أكتوبر الماضي، من أجل مواساة أسرة الضحايا وتعزيتهم.

وحينها أبدى أفراد من المجتمع اليهودي هناك اعتراضهم على زيارة ترمب، وهم في حالة أقرب ما تكون للحداد الصامت، معلنين عدم الترحاب به لحين أن يلقي خطاباً وطنياً ينكر فيه صعود القومية البيضاء وما يصاحبها من تعصب، بينما كان الترحيب الرسمي الوحيد به وقتها من جانب سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، رون ديرمر.

وخلال الاحتفال بعيد الأنوار "حانوكا" بالبيت الأبيض الشهر الماضي، أثار ترمب الدهشة والتلميحات القديمة عن الولاءات المزدوجة حين أخبر اليهود الأميركيين في ذلك التجمع أن نائبه يكن عاطفة كبرى لـ "بلدكم" إسرائيل.

وهو الأمر الذي لخصه يوسي كلاين هاليفي، الكاتب الإسرائيلي المولود في الولايات المتحدة، بقوله إن اليهود الإسرائيليين يؤمنون تماماً بأن الرئيس ترمب يدرك تهديداتهم الوجودية.

ورغم إحباطهم من الاتفاق النووي الإيراني في عهد أوباما، الذي يراه كثير من الإسرائيليين أنه يُعَرِّض أمنهم للخطر، إلا أنهم ينظرون إلى أفعال منها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس وتنفيذ كل ما تطلبه حكومة بنيامين نيتنياهو على أنها أفعال صادرة من رئيس أميركي يتصرف وكل ما يريده في الواقع هو إنقاذ حياتهم.

أما في المقابل، فيري اليهود الأميركيون أن الرئيس ترمب هو تهديدهم الوجودي، فهم يعتقدون أنه رئيس تسبب في إذكاء التعصب القومي، وإثارة معاداة السامية والإخفاق مراراً وتكراراً في نبذ الكراهية العنيفة التي تحوم حول تحركاته السياسية.

وهناك تقارير صادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" تتحدث عن أن جرائم الكراهية في الولايات المتحدة قفزت بنسبة 17 % في 2017، مع حدوث زيادة نسبتها 37 % بمعدل الجرائم المرتكبة ضد اليهود وضد المؤسسات اليهودية.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مايكل شيغيل، الحاخام الرئيسي في كنيس أنشيه إيميت المحافظ في شيكاغو، قوله "حين يرى أي من الطرفين أن الطرف الآخر لا يعتني برفاهيته الأساسية، فتكون هذه الهاوية التي لا يمكن اجتيازها".

ومع هذا لم تغفل الصحيفة أن تؤكد على فكرة أنه لا&تزال هناك أقلية قوية من اليهود في إسرائيل تشعر بالقلق إزاء ترمب، وأنه بالمثل لا&تزال هناك أقلية قوية من اليهود في الولايات المتحدة يؤيدونه بشدة.

لكن بحسب بيانات صادرة عن مركز بيو للأبحاث، فإن أكثر من 75 % من اليهود الأميركيين قد صوتوا للديمقراطيين في الانتخابات النصفية، وكانت لـ 69 % من الإسرائيليين آراء ايجابية في الولايات المتحدة في ظل حكم ترمب بعد أن كانت تلك النسبة تقدر بـ 49 % خلال عام 2015.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن جزءًا من تباعد المسافات الحاصل بين اليهود في أميركا واليهود في إسرائيل قد يكون ناتجاً عن الموقف الذي يتبناه نتنياهو على الساحة العالمية، حيث يسير على خطى الزعيم الهنغاري السلطوي بشكل متزايد، فيكتور أوربان، الذي أدار حملة معادية للسامية بشكل صارخ لإعادة انتخابه. فضلاً عن اتهامات الفساد التي&تلاحقه وما يتعرض له ائتلافه المحافظ من ضغوط، واضطراره في الأخير للدعوة لانتخابات في أبريل القادم على أمل تعزيز موقفه.

وقالت الصحيفة إن ما بات ملاحظاً هو أن الساسة وكذلك المواطنين الإسرائيليين باتوا يرفضون على نحو متزايد وجهات نظر اليهود الأميركيين على أي حال. كما امتد الخلاف الحاصل بين اليهود الأميركيين واليهود الإسرائيليين لما هو أبعد من السياسة، خاصة مع صدور قانون مؤخراً يسعى لإعادة الحاخامية الكبرى باعتبارها السلطة الوحيدة التي يمكنها قانوناً تغيير ديانة اليهود غير الأرثوذكس في إسرائيل. &

وبعد مقتل الـ 11 يهوديا في بيتسبرغ، رفض حاخام أشكنازي الرئيسي في إسرائيل أن يشير إلى كنيس "شجرة الحياة" المحافظ على أنه "كنيس" على الإطلاق، حيث اكتفى بوصفه بأنه "مكان ذو نكهة يهودية عميقة".

ونوهت نيويورك تايمز في الأخير إلى أن هناك حوالي 6.5 ملايين&يهودي في إسرائيل، وحوالي 5.7 ملايين&يهودي في أميركا، وأن كل فريق ينظر للعالم بطرق مختلفة تماماً.

أعدت "إيلاف" المادة نقلاً عن صحيفة "نيويورك تايمز". الرابط الأصلي هنا:

https://www.nytimes.com/2019/01/04/opinion/sunday/israeli-jews-american-jews-divide.html