لا تتسبب فطريات كانديدا البيكانس الخميرية، حينما تتكاثر، بالتهابات الرئتين والدم فحسب، وإنما قد تسبب الخرف والزهايمر أيضاً، بحسب دراسة أميركية جديدة.

ايلاف من برلين: تعيش فطريات كانديدا البيكانس على جلود، وداخل أمعاء وأفواه 75% من البشر، إلا أنها لا تتسبب بمشاكل للإنسان إلا بعد تناميها بشكل يؤثر سلباً في المناعة الجسدية.

وهي من الفطريات الخميرية الطفيلية، التي تشبه إلى حد ما الخمائر التي تقطن الأمعاء والقناة التناسلية والفم والحلق والمرئ. ويتميز هذا النوع من الفطريات بتعايشه في توازن غريب مع البكتيريا والخمائر الأخرى الموجودة في جسم الإنسان.

وتتكاثر الكانديدا، فتضعف جهاز المناعة، وتسبب عدوى خطيرة تعرف باسم" مرض الكانديدا".

وفطر الكانديدا يمكن أن ينتقل بسهولة من خلال مجرى الدم لأجزاء كثيرة في جسم الإنسان .فتصيب أجزاء كثيرة من جسم الإنسان وبالأخص الفم والأذن والجهاز الهضمي والمهبل.

والنوع الشائع هو كانديدا البيكانس candida albican الذي يصيب السيدات.

وليس من الغريب أن تكثر التهابات كانديا البيكانس في الناس الذين يعانون من ضعف المناعة الجسدي، كما هي الحال في كبار السن والمرضى المزمنين ومتعاطي العقاقير التي تكبح جماح نظام المناعة الذاتي.

وتشير دراسة أميركية جديدة بأصبع الاتهام إلى فطريات كانديدا البيكانس بالعلاقة مع مرض الزهايمر. ونشر العلماء الأميركان من جامعة بايلور الطبية في هيوستن تقريراً في"نيتشر كوميونيكيشن" يقول إن الدراسات على الفئران أثبتت دوراً لهذ الفطريات في نشوء وتقدم مرض الزهايمر.

سببت ضعف الذاكرة والزهايمر في الفئران

وكتب الباحث ديفيد كوري وفريق عمله أن التهابات كانديدا البيكانس في الفئران أضعفت ذاكرة الفئران وأدت إلى زيادة تراكم بيتا اميلويد في أدمغتها. والعلاقة بين تراكم بيتا أميلويد في الخلايا العصبية ونشوء الزهايمر معروف منذ سنوات.

ويعرف العلم ان تراكمات بروتين اميلويد-بيتا في خلايا الدماغ هي الحالة التي ينجم عنها "الخرف" الناجم عن النسيان وعدم التركيز.&

والبروتين المذكور ليس خطيراً على الدم وإنما على الدماغ فقط، لكنه مهم في ذات الوقت لصحة الإنسان، لأنه يدخل في عملية تنظيم استقلاب الشحوم. وتتراكم جزيئات اميلويد-بيتا، التي تميل إلى التصلب والاستقرار في أنسجة الدماغ، بالتدريج مع تقدم العمر، وتسبب بالتدريج أيضاً اختلال وظائف خلايا الدماغ، ومن ثم إلى موتها.

وجاء في تقرير جامعة بايلور الطبية أن "الرفيق الخفي" (المقصود كانديدا البيكانز) يصيب الدماغ بأضرار تقود إلى الزهايمر. وأشار ديفيد كوري إلى دراسات سابقة تحدثت عن"خطر" الزهايمر مرتفع لدى المعانين من التهابات كانديا البيكانز"، إلا أن الدراسة الجديدة أثبتت علاقة مباشرة ممكنة بين المرضين.

الفطريات اخترقت الحاجز الدماغي

زرق كوري وزملاؤه دماء الفئران بالفطريات المذكورة ثم راقبوا التطورات عليها مجهرياً. ولدهشتهم تمكنت هذه الفطريات من اختراق الحاجز الدماغي والاستقرار في الخلايا الدماغية.

وأثبتت الفحوصات اللاحقة على الفئران أن اخترق الحاجز الدماغي من قبل هذه الفطريات لم يكن بلا عواقب. إذ أنها أدت إلى ضعف ذاكرة الفئران، كما أدت إلى تنشيط الخلايا المناعية الدماغية المعروفة باسم ماكروغليا.

أدى نشاط هذه الخلايا المناعي ضد الفطريات في الدماغ إلى رد فعل مناعي كانت نتيجته فرز العديد من الجزيئات قادت بدورها إلى التهاب مناعي في الخلايا العصبية. وأغلقت الفطريات الخميرية نفسها داخل شكل "حُبيبي" في إطار دفاعها عن النفس.

والمهم ان الفحوصات المجهرية أثبتت أن بروتينات بيتا اميلويد تراكمت حول هذه"الحبيبات" الفطرية في خلايا الدماغ. وهذا أطلق المرحلة الأولى من إصابة الفئران بفقدان الذاكرة والزهايمر، بحسب تقرير كوري وزملائه.

وقدر كوري دوراً لالتهابات فطريات كانديدا البيكانس أيضاً بأمراض التنكس العصبي الأخرى مثل باركنسون والتصلب المتعدد. وأشار إلى ضرورة المزيد من البحث في الموضوع للتأكد من دور هذه الفطريات بالأمراض العصبية.

النساء يعانين أكثر من كانديدا البيكانس

ومعروف أن أكثر أنواع الفطريات التي تصيب الجهاز التناسلي هي فطريات الخمائر وخصوصا كانديدا البيكانس. وهذا رغم إن هذه الفطريات يمكن إثبات وجودها بشكل قليل لدى معظم الناس دون أن تتكشف عن أية أعراض التهابية.

&أما أسباب نمو هذه البكتيريا وتحولها إلى حالة مرضية فهي عديدة. ويقول الأطباء إن أحد أهم هذه الأسباب هو العناية المفرطة بنظافة المهبل والغسل المتكرر له. وينصح الأطباء أيضاً باستخدام الواقي أثناء الممارسة الجنسية لأن العدوى الفطرية تنتقل بالممارسة. جدير بالذكر إن 75% من النساء تعرضن مرة واحدة في الأقل لالتهاب المهبل الفطري خلال مجرى حياتهن.

أن أهم أسباب تحول كانديدا البيكانس إلى مشكلة صحية عويصة لدى النساء هي: جرح المهبل بسبب الاحتكاك بالملابس الضيقة جدًا أو بسبب استخدام وسائد العادة الشهرية، والعلاج الطويل المدى بواسطة المواد المحتوية على الكورتيزون أو المضادات الحيوية &والعدوى بالطبع.&

كما إن هناك العديد من الحالات المرضية المساعدة مثل التغيرات الهرمونية التي تقلل مناعة الجسم عادة، والحمل، وتعاطي حبوب منع الحمل، وداء السكري، وفرط نشاط الغدة الدرقية والالتهابات الفيروسية مثل الإيدز. هذا مع وجود مؤشرات قوية على أن الوضع النفسي المتوتر يلعب دوراً هاماً في الالتهاب.

كما تعتبر فطريات كانديدا البيكانز من أهم مسببات تسوس الأسنان عند الإنسان.

ويعاني اليوم في ألمانيا نحو 1,3 مليون ألماني من مرض الزهايمر، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد إلى2,6 مليوناً مع حلول العام 2050. ويتعلق المرض بتقدم العمر، وهكذا تبلغ نسبة المصابين به فوق 65 سنة 2%، لكنها تقفز إلى 3% بعد السبعين، وإلى 6% فوق الـ75 سنة.