وصلت التسوية السياسية في سوريا إلى طريق مسدود، حتى الملفات الجانبية والجزئية مثل اللجنة الدستورية لم يتم التعامل معها، وبقيت معطلة، نتيجة استمرار كل طرف من أطراف النزاع في محاولته الحصول على مكتسبات آنية من دون حل شامل أو إرادة حقيقية للسعي نحو ذلك.

إيلاف: قال أمين سر تيار الغد السوري وعضو المكتب السياسي أحمد عوض محمد: "نحن اليوم كسوريين، كل السوريين، نقف على حافة فقدان وطننا لنعيش كلاجئين، أو تحت حماية الدول المتصارعة على وطننا كرعايا وتابعين لأجنداتها لتحقق مصالحها عبرنا وعلى حساب كرامتنا، ومستقبل أولادنا".&

واعتبر في حديث مع "إيلاف" أن "ثمة فرصة وحيدة متبقية أمامنا هي أن نعمل معًا من أجل استعادة وطننا من دون تغليب أية مصالح فئوية من أي شكل كانت؛ سياسية، دينية، مذهبية، عرقية، أو مناطقية، ولننتج مشروعنا الوطني الديمقراطي، ونعمل على إيجاد كل ما يلزمه، وما هو ضروري له تحت شعار "سوريا أولًا"، حيث لا أكثرية ولا أقلية، لا موالاة ولا معارضة، لا علمانية ولا إسلامية".

الحلول والنخب&

وقال القيادي في تيار الغد السوري "علينا أن نجد حلولًا لهذه العقبات، وهذه هي مسؤولية النخب السورية ودورها، الذي عليها أن تقوم به، وهي قادرة فعلًا على إنقاذ وطننا. ليس مطلوبًا من أميركا أو روسيا أو تركيا أو إيران أو أي دولة أخرى في العالم تحقيق الحرية والأمن والسلام والتقدم للشعب السوري، لسبب بسيط، هو أننا لسنا أميركيين أو روسًا أو...".

وأكد: "نحن سوريون، ونحن الوحيدون المطلوب منا جميعًا إنقاذ وطننا، ولن ينقذه أحد سوانا، نحن أبناء المحافظات الأربع عشرة".

وشكك عوض في تصريحاته الخاصة لـ "إيلاف" في العملية السياسية برمتها وقال لم يكن في أية لحظة أي شكل من أشكال ما يسمى بالعملية السياسية في سوريا. وأضاف "إنها إحدى أهم الأوهام والأساطير التي صبغت ولونت الوضع السياسي في سوريا".

واعتبر أن الأسباب كثيرة، لكن أهمها هو "موقف النظام الرافض رؤية الواقع السوري ومعطياته على مدار السنوات الثمانية الماضية حيث لا يعترف بقيام ثورة شعبية في سوريا شارك فيها معظم سكان المدن والبلدات والقرى وحتى المزارع الصغيرة في سوريا، ولا يعترف بوجود معارضين لنظام حكمه، على اعتبار أنه نظام وطني، وديموقراطي، معادي للصهيونية وللقوى التي تضطهد الشعوب، وتسرق خيراتها،كما تؤكد ماكينته الإعلامية طوال الخمسين سنة السابقة".

مجرد عملاء&

وتابع أحمد عوض محمد أن النظام "يرى إن المعارضين الحاليين والسابقين هم مجرد خونة وعملاء لقوى خارجية معادية للشعب السوري وتقدمه،كما يصنف، ويرى نفسه، وهكذا نظام لا تقوم عليه ثورة كما يقول عبر أدبيات، وخطابه الإعلامي، وبالتالي النظام يرى أنه لا ضرورة لوجود معارضة، وليست هناك أسباب لقيام ثورة".

من جهة أخرى رأى القيادي في تيار الغد أنه "يغيب عن الوضع السوري مشروع وطني جامع، له أدواته وبرامجه واستراتيجياته يأخذ بعين الاعتبار بنية المجتمع السوري، وحاجات تطوره، وضرورة التوصل إلى عقد اجتماعي جديد مبني على حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والدولة المحايدة تجاه ايديلوجيات وعقائد مواطنيها، والمساواة التامة بين كافة المواطنين في الحقوق والواجبات".

وقال رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحـريري إن "روسيا تخادع المجتمع الدولي والعالم بحديثها عن الحل السياسي، في حين أنها لا تزال تعوّل بالكامل على الحلول العسكرية، (والنظام انتهى منذ زمن)، ولولا مساعدة الروس لما استطاع الاستمرار، وما يجري على الأرض الآن أكبر دليل على ذلك".

أضاف على "تويتر" أن "استمرار النظام وروسيا وإيران في اعتماد استراتيجية الحلول العسكرية، والحديث عن الحل السياسي من باب التغطية الإعلامية فقط، يجعلنا كشعب سوري "أمام تحدّ كبير في الاستمرار في دراسة كل الخيارات الكفيلة بدعم معركتنا حتى إسقاط هذا النظام، إذ إن خيارنا كان وسيبقى هو تحقيق الانتقال الحقيقي".

اللجنة الدستورية
وأشار رئيس هيئة التفاوض إلى أن "التصريحات الروسية الأخيرة بخصوص اللجنة الدستورية مجافية للحقيقة تمامًا، وتأتي انعكاسًا مباشرًا لفشلها الميداني في تحقيق أهدافها العسكرية في شمال سوريا، وفشلها السياسي في فرض شروطها في كل ما يتعلق بتفاصيل الحل السياسي، وخاصة موضوع اللجنة الدستورية".

وأوضح الحريري ‏أن "اللجنة الدستورية التي نَشَدَ الروس تشكيلها في سوتشي أصبحت وراء ظهورنا، وما نحن فيه اليوم مختلف تماماً، إذ إننا نتحدث عن لجنة دستورية برعاية الأمم المتحدة في جنيف كجزء من التطبيق الكامل والواسع لبيان جنيف وقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ تضم تمثيلًا من النظام وهيئة التفاوض السورية والمجتمع المدني.

واعتبر أن ‏مهمة اللجنة الدستورية وضع مسودة دستور جديد للبلاد يتم اعتمادها بالموافقة الشعبية، ولا يمكن غضُّ الطرف عن المسائل الأخرى المتضمنة في القرار الدولي، وأهمُّها هيئة الحكم الانتقالي والانتخابات البرلمانية والرئاسية بإشراف الأمم المتحدة بالتسلسل المنطقي والجدول الزمني الذي تضمنه القرار الدولي.

الأسماء الستة
‏وكشف الحريري أنه "ما زالت مشكلة الأسماء الستة لم تحل، وبعض الأسماء مرفوضة من قبلنا بالكلية، لأنها من صُلب النظام، وكذلك نرفض التعديلات التي يحاول النظام تضمينها لضرب جوهر الهدف من تشكيل اللجنة، وسنستمر في رفض أي مقترح لا يتماشى مع جوهر قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف".

‏في المناقشات التي خاضتها هيئة التفاوض مع الأمم المتحدة أكدت لجنة المفاوضات "على عدم أحقية النظام في تسمية بدلاء من الأسماء الستة التي شطبت من القائمة لارتباطها بالنظام، واتفقنا على ضرورة التوافق على أسماء ستة تحقق المعايير الخاصة بالثلث الثالث في أن تكون متوازنة وشاملة وحيادية".

وقال الحريري "‏إذا كان النظام سيسمي أسماء للجنة الدستورية، فسيكون لهيئة التفاوض الحق نفسه في التسمية، والصيغة التي يتحدث عنها الروس مرفوضة، وحرصنا على تشكيل اللجنة الدستورية لا يعني أننا في معرض التنازل عن قضايا جوهرية تضرُّ بمصالح شعبنا وتنسف تضحياته".

وانتهى إلى القول "‏لا نعتقد أنه من الممكن &البدء بعملية سياسية حقيقة في ظل التصعيد العسكري المتفاقم على الأرض، ولا يمكن العودة إلى طاولة المفاوضات إلا بوقف إطلاق نار شامل، والبدء بإجراءات بناء الثقة، على رأسها ملف المعتقلين، وإظهار الجدية الكاملة من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل انتقالي على أساس المرجعيات الدولية".
&