إيلاف: ألقت الأمم المتحدة الضوء على عمليات قتل وتعذيب الناشطين والناشطات في العراق داعية السلطات الى البدء فورا بالتحقيق في جميع حالات الاختطاف والاختفاء وسوء المعاملة ومحاكمة المسؤولين عنها والإعلان عن هوية "الميليشيات" المسؤولة عن ذلك.

واورد تقرير للأمم المتحدة نُشر اليوم حول اختطاف المتظاهرين في العراق منذ أواخر أكتوبر الماضي تفاصيل محنتهم بدءاً من لحظة اختطافهم مروراً بالتحقيق إلى حالات التعذيب.

وفي تقريره الرابع حول التظاهرات وثّقَ مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) والذي تابعته "إيلاف" 123 حالة لأشخاصٍ اختفوا في الفترة ما بين 1 أكتوبر 2019 و21 مارس 2020. واوضح ان من بين هذا العدد تم العثور على 98 شخصاً، بينما لا يزال 25 شخصاً في عداد المفقودين.

ونوهت بأنه في جميع الحوادث كان الأشخاص المستهدفون لديهم مشاركات في التظاهرات أو قدموا الدعم إلى المتظاهرين ونشروا بيانات تنتقد السلطات أو المجاميع المسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي.

مقتل 490 ناشطا وأصابة 7783
واشارت الامم المتحدة في تقريرها الى انه منذ اندلاع التظاهرات في أوائل شهر أكتوبر فقد أكّدت الأمم المتحدة وفاة 490 ناشطا وإصابة 7783 غالبيتهم من الشباب العاطلين عن العمل، وكانوا يطالبون باحترام حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، حيث استمرت الاحتجاجات حتى بعد تفشّي فيروس كوفيد-19 في البلاد في 24 فبراير الماضي.

خلصت إلى أنّ "استمرار غياب المساءلة حول هذه الأفعال لا يزال يسهم في تفشّي ظاهرة الإفلات من العقاب في ما يخص التقارير بشأن الانتهاكات والتجاوزات".

متظاهر عراقي يحمل درعًا للحماية من رصاص الأمن والميليشيات المرافقة لها

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت "إن قيام الحكومة الجديدة بتشكيل لجنة عُليا لتقصي الحقائق للتحقيق في الخسائر البشرية والأضرار ذات الصلة هي خطوة حاسمة نحو العدالة والمساءلة.. منوهة بأن التزام الحكومة بتوفير العلاج الطبي للمتظاهرين المصابين وتعويض أسر الضحايا هو أمر مشجع".

ووثقت المنظمة الدولية محنة المختطفين بدءا من لحظة اختطافهم مرورا بالتحقيق إلى حالات التعذيب. واوضحت انه على الرغم من أن عددا من قوات الأمن بين ضحايا المظاهرات إلا أن الغالبية العظمى ممن أزهقت أرواحهم أو أصيبوا بجروح هم من المواطنين غير المسلحين.

قتل متعمد
يشير التقرير إلى أن عمليات الاختطاف والاختفاء وقعت في خضمّ العديد من الحوادث التي تنطوي على انتهاكات وتجاوزات إضافية استهدفت الناشطين والمتظاهرين، بما في ذلك عمليات القتل المتعمد، وإطلاق النار وهجمات باستخدام السكاكين، والتهديد والترهيب والاستخدام المفرط وغير القانوني للقوة في مواقع المظاهرات.

وأشار تقرير الامم المتحدة الى انه لم يكن أيّ من الذين تمت مقابلتهم على معرفة بهوية المسؤولين عن اختطافهم على الرغم من أن معظمهم تكهن بتورط "ميليشيات".. كما أضافوا بأنهم لا يعتقدون أن قوات الأمن العراقية كانت مسؤولة بشكل مباشر ولا العصابات الإجرامية العادية هي الملامة.

لا يتكهن التقرير حول من قد يكون وراء عمليات الاختطاف، لكنه يشير إلى "تورط جهات مسلحة ذات مستويات عالية من التنظيم والموارد والإمكانيات".

الضحايا يكشفون طرق تعذيبهم
وأشارت الامم المتحدة إلى أن عمليات الاختطاف والاختفاء وقعت في خضم العديد من الحوادث التي تنطوي على انتهاكات وتجاوزات إضافية استهدفت الناشطين والمتظاهرين، بما في ذلك عمليات القتل المتعمد وإطلاق النار، وهجمات باستخدام السكاكين والتهديد والترهيب، والاستخدام المفرط وغير القانوني للقوة في مواقع التظاهرات.

وقالت إن "جميع المختطفين قد افادوا بأنهم استجوبوا من قبل خاطفيهم، وكان يبدو أنه الدافع وراء عمليات الاختطاف. وقال بعض الذين لم يتم عصب أعينهم أثناء الاستجواب إن ملثمين قاموا باستجوابهم. لم يكن هناك اتساق بين ملابس المحققين، على سبيل المثال ذكر بعض المختطفين بأنهم أشخاص يرتدون ملابس مدنية والبعض الآخر وصفهم بملابس عسكرية".

واوضح التقرير أن "جميع المختطفين ذكروا أن نوع الأسئلة التي كانت تطرح عليهم أثناء الاستجواب تركزت على دورهم في التظاهرات ومزاعم الدعم من وإلى دول أجنبية وخاصة الولايات المتحدة وانتمائهم (أو عدمه) إلى الأحزاب السياسية".

وقال انه لم يكن أي من المختطفين الذين قابلتهم الأمم المتحدة يعرفون هوية المسؤولين عن اختطافهم لكن معظمهم تكهن بتورط ميليشيات. لكنهم اكدوا انه تم استهدافهم عن عمد حيث وصف معظمهم من كانوا يستجوبونهم بأنهم يعرفون كما هائلا من المعلومات التي تخض هوياتهم والأنشطة المرتبطة بالتظاهرات.

أما عن المعاملة السيئة فوصف جميع المختطفين من الذكور للمنظمة "تعرضهم لأفعال مختلفة تصل إلى حد التعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاستجواب بما في ذلك الضرب المبرح والصعق الكهربائي ورشهم بالماء البارد أو الاستحمام به وتعليقهم من ذراعيهم وساقيهم في السقف، وتهديدهم بقتلهم وقتل عوائلهم، وكذلك المعاملة المهينة مثل التبول عليهم وتصويرهم عراة".

تهديد الناشطات بالاغتصاب
واكدت الامم المتحدة ان النساء المختطفات تعرّضن للضرب والتهديد بالاغتصاب ولمس المناطق الخاصة. وحذرت من أن "استمرار غياب المساءلة حول هذه الأفعال لا يزال يسهم في تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب في ما يخص التقارير بشأن الانتهاكات والتجاوزات".

دعوة السلطات الى كشف ميليشيات قتل واختطاف المحتجين
وأوصت الامم في تقريرها وبشكل محدد الحكومة العراقية بضرورة بذل جهود فورية للامتثال الى التزاماتها وفقاً للقانون الدولي بما في ذلك بذل جميع الجهود للعثور على أولئك المتظاهرين والناشطين الذين لا يزالون في عداد المفقودين.

كما شددت على السلطات بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لحماية المتظاهرين والناشطين من الاختطاف والبدء فورا بالتحقيق في جميع حالات الاختطاف والاختفاء والتعذيب وسوء المعاملة ومحاكمة المسؤولين عنها.. اضافة الى الإعلان عن هوية ما تسمى القوة المجهولة أو المجاميع المسلحة أو "الميليشيات" المسؤولة عن حالات الاختطاف.


متظاهر عراقي في مواجهة قوات الامن

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد توعد في 11 من الشهر الحالي الضالعين بجرائم قتل المتظاهرين بأقسى العقوبات مشددا على انه لن يدعهم ينامون ليلهم، مشددا على ان سلمية الاحتجاج واجب يشترك به الجميع.

وشهد العراق في اكتوبر الماضي اندلاع احتجاجات مليونية غير مسبوقة ارغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة في نهاية نوفمبر 2019 تحت ضغط هذه الاحتجاجات المطالبة برحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة ورهن ارادتها بإيران، حيث واجهتها القوات الامنية والميليشيات العراقية الموالية لطهران بالعنف المفرط.