فيصل الأحمد من الرياض: مر 36 شهراً على مقاطعة الدول الأربع، السعودية والامارات والبحرين ومصر، لدولة قطر، لتدخل المقاطعة عامها الرابع في حين تحاول قطر استمالة الوساطات الدولية لإنهاء هذا الخلاف والعودة إلى بيتها الخليجي، وعلى الرغم من هذا كله ما زالت تصر على سياساتها.

وفي وقت تسرب فيه الأوساط القطرية أخبارا عن قرب انفراج أزمتها مع الحضن الخليجي، أكد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي في تصريحات لـ "بي بي سي" أن عودة العلاقات مع قطر مشروطة باستجابتها للمطالب المشروعة لدول الرباعي العربي، والتي يأتي في مقدمتها إنهاء الوجود العسكري التركي وتخفيض العلاقة مع إيران، مضيفاً أنه إذا استجابت قطر لتلك المطالب فإن الدول المقاطعة سترحب بقطر التي ينبغي أن تعود إلى مكانها الطبيعي بين شعوب مجلس التعاون الخليجي.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو 2017 علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة وبالتقارب مع إيران، وهو ما نفته الإمارة.

وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.

وفي هذا السياق، تحدثت "إيلاف" مع كتاب وصحافيين حول دخول الأزمة القطرية عامها الرابع وما زالت تزعم أنها "اقوى مما كانت عليه قبل الخامس من يونيو 2017" وفي الوقت ذاته، تستميت لإعادة المياه لمجاريها. كما تسعى الدوحة للتقرب من الإدارة الأميركية، وإقناعها بالتوسط من جديد على الرغم من أن الدول المقاطعة وضعت شروطا للاستجابة للعودة.

ليس من مصلحة إيران وتركيا والإخوان

وقال سعد بن طفلة، الكاتب والأكاديمي الكويتي ووزير الإعلام السابق لـ"إيلاف": "لا شك أن الازمة الخليجية التي مر عليها ثلاث سنوات آذت وآلمت كل الخليجيين ومحبينه والطامحين إلى أن يكون الخليج كونفدرالية موحدة في يوم من الأيام، هذه الأزمة هي أخطر أزمة مرت بها وحدتنا الخليجية وأعادتنا ربما إلى مربعات متأخرة بدلاً من أن نتطلع إلى مزيد من التنسيق الخليجي على كافة الأصعدة، وكل الجهود برأيي المتواضع لن تأتي في المستقبل القريب بحل لهذه الأزمة".

يضيف بن طفلة: "لنكن واقعيين، صحيح أن هناك جهودا جبارة يقوم بها صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح لم تتوقف ولم تتوان لإنهاء الخلاف، ولكن في المقابل هناك أطراف إقليمية لم يعد من مصلحتها أن تُحل الأزمة، ليس سراً القول إن إيران لم تعد لها مصلحة بل على العكس فهي تعمل على تعزيز وتكريس هذه التفرقة الخليجية لمصالحها ولأنها تندرج ضمن استراتيجيتها باختراق المنطقة، ولا شك أن الطموح التركي الذي تجاوز شمال العراق وسوريا إلى ليبيا وتوسعها تتطلع أو ترى أن حل الأزمة سينهي هذا الطموح الإقليمي لديها، وهناك أيضا تنظيم سياسي دولي "سرطاني مستشري" في المنطقة برمتها، وهو "الإخوان المسلمون"، الذين لهم مصلحة في استمرار هذه الفرقة الخليجية بانحيازهم إلى جانب تركيا والتبعية لإيران بحجة وقوفهم في الخندق القطري وهم حقيقة لا يقفون مع قطر إنما مصلحة بقائهم كتنظيم تتطلب في هذه المرحلة أن تبقى الفرقة الخليجية وألا يكون هناك حل للأزمة الخليجية، باقي الحلول الترقيعية هنا أو هناك برأيي أنها لن تحل شيئاً، نحن بعد هذه الأزمة لا نريد حلولا ترقيعية أو دواء مخدراً نريد أن تحل هذه الأزمة مرة واحدة إلى الأبد وتكون هناك مرجعية تحكيمية خليجية تجنبنا مستقبلاً لمثل هذه الأزمة التي عصفت بنا بين عشية وضحاها، هل أرى لهذه الجهود الكويتية أملاً في المستقبل القريب؟ دعونا نتفاءل، ولا نريد حقيقة لأي من هذه الجهود أن تجهض من قبل الأطراف التي ذكرتها، والتي ليست من مصلحتها حل الخلاف الخليجي".

خطابان متناقضان

يقول الصحافي نايف الحربي لـ"إيلاف" انه بعد مرور ثلاث سنوات على المقاطعة ما زالت الدوحة تصر على خطاب إعلامي وسياسي معتمد على رسالتين متناقضتين، الأولى موجهة للخارج تحمل الظلم وتشكو من الحصار المزعوم، والأخرى موجهة للداخل تتحدث من خلالها عن انتصار وهمي وإنجازات من الخيال تكذبها الأرقام والحقائق على أرض الواقع، نظام الحمدين لم تعد له أية سيادة .. أنهى السيادة القطرية وأصبحت قطر تابعة للنظام التركي والإيراني واصبح نظامها مفلسا".

يضيف الحربي: "أوكد أن الوطن العربي عانى عندما توفر المال الوفير في أيدي نظام الحمدين غير الراشد وغير العقلاني حيث أنفقته على الإرهاب والفكر المؤدلج واستئجار الذباب الإلكتروني من الخارج ودفع 9 مليارات دولار سنويا على المؤسسات الإعلامية لكي تبث سمومها".

وبيّن أن قطر لا تزال تواصل دعمها للإرهاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، وتستخدم وسائل إعلامها لترويج خطاب الكراهية، مشيراً إلى أنها حاولت ولا تزال تسييس الرياضة وجعلها ملفا من الملفات التي تحاول الضغط من خلالها على بعض دول، لكنها لا تستطيع.

كما استبعد الحربي نجاح الوساطة الكويتية في إيجاد حل للازمة، موضحاً ان الدوحة لم تظهر أي استعداد في السنوات الأخيرة للتراجع.

استياء خليجي

رصدت "إيلاف" آراء عدد من الكتّاب والصحافيين حول دخول المقاطعة عامها الرابع، عبر الصحافة العربية والخليجية، والتي اتجهت في معظها لابداء الاستياء من الدور القطري الهدّام لمنظومة التعاون الخليجي.

وقال الاعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد في مقالته بـ"الشرق الأوسط": "قطر أعلى الدول صراخاً في العالم وأقلها مصداقية؛ مثلاً، حديثها عن معاناتها من مقاطعة جاراتها لا يمت للواقع بصلة. قطر، سكانها مليونان ومطارها استقبل العام الماضي 38 مليون راكب، مصر سكانها تسعون مليوناً ومطارها استقبل عشرة ملايين، فأين هذا الحصار وأين هي المعاناة؟! المقاطعة محصورة في تعاملات الدول الأربع مع قطر، ولا علاقة لها ببقية العالم على مدى ثلاث سنوات، وقطر تريد إنهاء القطيعة لأسباب سياسية فقط، لا اقتصادية".

وكتب سلمان الدوسري في مقالته بـ "الشرق الأوسط": "ما يحزن قطر ليس فقط العزلة التي تعيشها منذ ثلاث سنوات، وإنما عدم قدرتها على ممارسة سياساتها السابقة المعتمدة على استغلال علاقاتها الخاصة مع جيرانها، في دعم التنظيمات والجماعات الإرهابية ومساعيها الرامية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن ذلك الدور رغم استمراره إلى حد ما، إلا أنه فقد القطعة الذهبية التي اعتمد عليها النظام القطري، وهي العلاقات المتميزة التي كانت تجمع الدوحة بالرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة، فلا هي التي تستطيع العودة كدولة طبيعية لها ما لجيرانها وعليها ما عليهم، ولا هي القادرة على التأقلم مع وضعها الجديد كدولة معزولة يتحكم فيها التركي والفارسي".

من جانبه، نشر عضوان الأحمري رئيس تحرير "اندبندنت عربية" تغريدة على تويتر جاء فيها: "استمرار مقاطعة قطر أمر صحي. لا يمكن مصافحة المخادع والمتآمر. تسجيلات القذافي أقل درجات الضرر. وفرت الدوحة قناة الجزيرة من 2001-2006 لعرض كل تسجيل لتنظيم القاعدة ضد السعودية وعمليات التنظيم في الداخل، ليتبين أن مطلوباً أمنياً كان يلتقي بشخص على الحدود يسلمه التسجيلات. قطر سادة الغدر".