ثمة من يقول إن كورونا قدم خدمات جليلة لحملة جو بايدن الانتخابية لرئاسة أميركا، إذ لم يدخل في حملة مرهقة تدفعه إلى ارتكاب الأخطاء، ما يجعله متقدمًا على دونالد ترمب.
ميلووكي: مع أنه اضطر للقيام بحملة انتخابية من منزله بسبب تدابير العزل، يسجل المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن تقدمًا واضحًا في استطلاعات الرأي مستفيدًا، من غير قصد، من تفشي الوباء والأزمة الاقتصادية العميقة، ما يجعل من الانتخابات استفتاءً حقيقًا على الرئيس الحالي دونالد ترمب.
إضافة إلى تقليص مخاطر ارتكابه هفوات، سمح وباء كورونا لبايدن (77 عامًا) بتجنب حملة انتخابية تجري بوتيرة مرهقة. ونجحت توقعات ألان ليتشمان، أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية، لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ عام 1984، بما في ذلك انتخابات عام 2016 عندما فاجأ الملياردير الجمهوري العالم بفوزه. ويتوقّع ليتشمان هذه المرة فوز النائب السابق للرئيس باراك أوباما في انتخابات 3 نوفمبر.
يقول في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "لكن ذلك لا يتعلّق بجو بايدن ولا بشخصية دونالد ترمب: كل شيء يرتكز على التقييم".
فأستاذ التاريخ طوّر نظامًا مؤلفًا من 13 "مفتاحًا" من السهل تحديدها من بينها: هل البلاد تتمتع بصحة اقتصادية جيدة؟ هل تمرّ باضطرابات اجتماعية؟ هل الرئيس المنتهية ولايته مرشح للانتخابات؟
لكن معيارًا واحدًا يعطي نقاطاً للمرشح نفسه: هل يتمتع بحضور قوي؟
يشير ليتشمان إلى أن "بايدن لا يصبّ في هذه الخانة. إنه رجل ودود وصادق لكنه لا يتمتع بشخصية قوية".
رئاسة فاشلة
كان ليتشمان يعتبر أواخر عام 2019 أن ترمب انطلق جيدًا في اتجاه إعادة انتخابه. يقول الآن: "مذاك، ارتكب خطأ فادحًا هو الاعتقاد أن بإمكانه الاكتفاء بإلقاء خطابات للخروج من أزمات تضرب البلاد ودعوات لتحقيق العدالة الاجتماعية والركود الاقتصادي. هذا لا ينفع. والنتيجة هي رئاسة فاشلة".
مع أكثر من 160 ألف وفاة وخمسة ملايين إصابة، الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضرراً في العالم جراء فيروس كورونا المستجدّ وقد أضعفت الأزمة الصحية الاقتصاد الأميركي.
في هذا السياق الصعب، أثارت وفاة المواطن الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد موجة احتجاجات تاريخية ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة.وفي حين كان ترمب يدير هذه الأحداث بشكل مثير للجدل من البيت الأبيض، كان بايدن صامتًا.
وحرم الوباء المرشح الديموقراطي الذي التزم بتدابير العزل منذ مارس في منزله في ويلمينغتون في ولاية ديلاوير، من تنظيم تجمعات انتخابية والاحتفال بفوزه في الانتخابات التمهيدية مطلع أبريل. لكن معسكر ترامب سخر منه متهمًا إياه بأنه "يختبئ" لتجنّب ارتكاب هفوات.
إلا أن المرشح السبعيني استفاد من هذا الصمت ومن وسائل إعلام يُرجّح أنها متساهلة أكثر معه في مواجهة رئيس يدلي باستمرار بتصريحات مشينة لتحقيق تقدم في استطلاعات الرأي.
لا تردد
بايدن محظوظ كثيرًا. فرغم تكبده ثلاث هزائم كبيرة في الانتخابات التمهيدية، إلا أنه عبر العاصفة متمسكًا باستراتيجية الانطلاق: التعويل كثيرًا على كارولاينا الجنوبية وناخبيه الأميركيين من أصل إفريقي وهي فئة مهمة جدًا بالنسبة لكل مرشح ديموقراطي يريد الوصول إلى البيت الأبيض.
وهزّت نتيجته الكاسحة ترشيح التقدمي بيرني ساندرز ودفعت عددًا من المرشحين الوسطيين مثله لكن أصغر سنًا، إلى التخلي عن الترشيح.
يرى كريستوفر أرتيرتون، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، أن منذ انتصاره وبسبب "حملته شبه المنغلقة، بقيت الأضواء مسلطة على الرئيس ترمب". إلا أن الرئيس الجمهوري وبإدارته للأزمة "دفع الناخبين المستقلين إلى الانتقال من خانة ’المترددين‘ إلى خانة ’لن أصوّت له‘"، وفق أرتيرتون.
لكن مع ترمب المرشح المخالف للتقاليد إلى هذا الحدّ وحملة متقلبة جراء أحداث تاريخية، قد يتغير الزخم.
وفي وقت ستتسارع الوتيرة أكثر مع المؤتمرين العامين للحزبين الديموقراطي والجمهوري في نهاية أغسطس ثم ثلاث مناظرات كبيرة في سبتمبر وأكتوبر، ستكون أمام بايدن فرصًا للانزلاق. ويعتبر ألان ليتشمان أن ترمب "مستعدّ لكل شيء، ليس لديه أي تردد".
اتهام بالخرف
في حال لم يتمكن أو لم يعرف كيفية توسيع قاعدته الانتخابية، قد يحاول الملياردير الجمهوري تثبيط عزيمة الناخبين الديموقراطيين على التصويت. وهذا الأمر يفسّر هجماته العنيفة على بايدن الذي يتّهمه بـ"الخرف" وبأنه يريد "تدمير الحلم الأميركي" أو بأنه "دمية" بيد اليسار المتطرف.
ويرى ليتشمان سببين كي يكون الديمقراطيون قلقين: الأول هو أن يسعى ترامب وفريقه إلى "جعل التصويت أصعب، خصوصًا عبر البريد في خضمّ أزمة الوباء. والثاني تدخل روسي" أو قوى أجنبية أخرى، مذكرًا بتدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية في عام 2016.
يشير المؤرخ إلى أن هذين الأمرين "مجهولان" تمامًا. ورغم أنه فخور بنظامه لتوقع نتائج الانتخابات إلا أنه يؤكد أنه "لا يمكن لأي نظام أن يأخذ هذين الأمرين بالاعتبار".
التعليقات