إيلاف من بيروت: انطلقت صباح اليوم الثلاثاء في هولندا جلسة النطق بالحكم في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وتُعقد في هذه الأثناء المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي جلسة علنية للنطق بالحكم في القضية التي أطلق عليها اسم “قضية عياش وآخرين”، وذلك ابتداءً من الساعة 12 ظهراً بتوقيت بيروت.

ويحضر الجلسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والوزير السابق مروان حمادة وأقارب وزير المالية السابق باسل فليحان. وقد انطلقت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت اكراماً لأرواح ضحايا تفجير 4 آب في بيروت.

ويُحاكم في القضية غيابياً أربعة متهمين رئيسيين ينتمون إلى حزب الله، وُجهت لهم مجتمعين تهمة التآمر بارتكاب عمل إرهابي. وتصدر غرفة الدرجة الأولى حكمًا بأكثرية القضاة يقررون فيه إما تبرئة المتهمين من كل تهمة مسندة اليهم أوإدانتهم بها.

اغتيل لأسباب سياسية

وقال القاضي دايفيد راي، رئيس هيئة المحكمة، إن اغتيال الحريري في 14 شباط 2005 قد "نُفذ لأسباب سياسية". وأضاف أن القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين نسق مع المتهم سليم عياش (العضو في حزب الله) عملية اغتيال الحريري.

والمتهمون الرئيسيون في القضية هم سليم عياش وحسين عنيسي وأسد صبرا وحسان مرعي. أما بدر الدين، الذي خطط لعملية الاغتيال، فقُتل لاحقاً في سوريا.

وأضاف راي أن المتهمين بدر الدين وعياش “نسقا ونفذا عملية اغتيال الحريري”، في حيث تولى عنيسي وصبرا تنسيق إعلان المسؤولية زوراً عن اغتيال الحريري.

وأشار القاضي إلى أن الحكم في قضية اغتيال الحريري يتكون من نحو 3000 صفحة. وأضاف أن أدلة الاتصالات أدت إلى تأسيس القضية، مضيفاً أن "الادعاء" قدم أدلة وافية عن الاتصالات التي استخدمت في اغتيال الحريري.

وقادت بيانات الاتصالات، بحسب راي، إلى كشف الخلية" التي نفذت العملية. وشدد القاضي على أن "متابعة المتهمين لتنقلات الحريري تؤكد الترصد وليس الصدفة" في التفجير.

وتوسع القاضي في شرح الظروف السياسية التي رافقت اغتيال الحريري، فأكد أن "الأدلة أظهرت سيطرة سوريا على النواحي العسكرية والأمنية في لبنان"، وأن الحريري وأنصاره نادوا بإنهاء الهيمنة السورية على لبنان قبل الاغتيال.

وأضاف أن "السوريين فرضوا على الحريري إرادتهم السياسية"، وأن الرئيس السوري بشار الأسد فرض على الحريري التمديد لرئيس الجمهورية اللبنانية حينها آميل لحود.

كما رأى أن محاولة اغتيال النائب مروان حمادة كانت تحذيراً مسبقاً للحريري وللزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

وختم القاضي راي مؤكداً أن "غرفة الدرجة الأولى تشتبه بمصلحة حزب الله وسوريا بالاغتيال"، إلا أنه أوضح أن "لا دليل مباشراً على تورط قيادة حزب الله وسوريا بالاغتيال". وشددت المحكمة على أن "المتهمين باغتيال الحريري ينتمون لحزب الله".

التعويضات المحقة

وقالت القاضية جانيت نوسوورثي، عضو هيئة المحكمة، إن معظم المتضررين من الانفجار لم يحصلوا على تعويضات، كما أكدت أنه لم تتم حماية مسرح الجريمة، وتم العبث بالموقع، وأن الأمن اللبناني أزال أدلة مهمة من موقع التفجير. وأضافت أن "التحقيق الذي تلا الانفجار مباشرة كان فوضويا".

وأوضحت القاضية أنه "تم استخدام مواد شديدة الانفجار في العملية"، وأن التحقيق أثبت أن أجهزة التشويش في موكب الحريري كانت تعمل. وأضافت: "لا شك بأن انتحاريا هو من نفذ الاعتداء"، لكنها أضافت أن "أبو عدس ليس الانتحاري الذي نفذ العملية"، في إشارة إلى الشخص الذي ظهر في مقطع فيديو تبنى فيه العملية قبل حدوثها. كما تحدثت القاضية جثة مجهولة الهوية تم اكتشفها في موقع التفجير.

المتهمون الأربعة في اغتيال الحريري

وأضافت القاضية أن ثمانية أشخاص هم من نفذوا التفجير وهم ينتمون إلى ما يسمى "الشبكة الحمراء" التي حددتها المحكمة بناءً على بيانات الاتصالات. وأوضحت أن "الشبكات الخضراء والحمراء والصفراء كانت مترابطة وسرية" وأن "الهواتف استخدمت قبل ارتكاب الجريمة وتوقفت بعدها". لكنها أقرّت بأن عملية نسب الهواتف للمتهمين ومصطفى بدر الدين معقدة، خاصةً وأنه حينها كان يتم شراء شرائح الاتصالات بدون إبراز بطاقات هوية.

تورط سليم عياش

وكشفت القاضية ميشلين بريدي أن التحقيق تمكن من تحديد نمط استخدام الهواتف في العملية، وإن الادعاء قدم أدلة على تورط المتهم سليم عياش عبر نشاطه الخلوي. وشرحت أن عياش لم يسافر لأداء فريضة الحج في السعودية، كما قيل، بل بقي في لبنان. وأضافت بريدي أن أدلة الاتصالات الهاتفية أثبتت ضلوع عياش في العملية، ملاحظة أن "غرفة الدرجة الأولى مقتنعة بأن عياش مرتبط بحزب الله".

وأضافت بريدي أن اتصالات هاتفين محمولين أثبتت دور المتهم حسان مرعي في العملية. كما قالت إن بدر الدين، الذي كان يستخدم أيضاً اسماً مستعاراً هو سامي عيسى، "شارك في مؤامرة مع المتهمين الأربعة لاغتيال الحريري"، مضيفة أنه استخدم خمسة خطوط هاتفية في التواصل مع المنفذين. وتابعت: "عشر شهود تعرفوا على أرقام تعود لبدر الدين أي سامي عيسى".وذكرت أن بدر الدين كان يسافر مع حراس مسلحين وسط احتياطات، وأن حزب الله أكد عند مقتل بدر الدين أنه كان قائداً عسكرياً رفيعاً.

من جهته، قال القاضي راي إنه "لا توجد أدلة مقنعة على أن مصطفى بدر الدين مسؤول عن التفجير". واعتبر أن بدر الدين ومرعي وعنيسي وصبرا مسؤولون عن تلفيق التهمة باغتيال الحريري لأبو عدس. وشدد على أن إعلان المسؤولية عن التفجير في وسائل الإعلام كان مزيفاً، حيث إن المتهمين الأربعة المرتبطين بحزب الله لفقوا مسؤولية التفجير.

كما أكد أن "شبكات الاتصالات شهدت نشاطاً كبيراً خلال 39 يوماً حول قصر قريطم مقر الحريري"، مضيفاً أن "رفيق الحريري كان مراقباً بشكل مكثف"، بينما انخفض نشاط شبكات الاتصالات خلال زيارات الحريري خارج لبنان. وكشف أن "قرار اغتيال الحريري تم اتخاذه بشكل نهائي مطلع شهر شباط 2005".

وأشارت المحكمة إلى أن بيروت كانت في حالة فوضى يوم الاغتيال، وكان هناك ضغط على شبكتي الاتصالات بعد وقوع الانفجار، فيما تعذر معرفة تاريخ بيع الشاحنة التي استخدمت في عملية الاغتيال.

ونوهت المحكمة لـ"عدم كفاية الأدلة" ضد 3 متهمين في قضية اغتيال الحريري، حيث إن "عدة أشخاص شاركوا بالتخطيط لعملية التفجير لكن لا أدلة على مشاركة صبرا وعنيس". وشددت على أن "لا أدلة على أن من راقب الحريري قد شارك بعملية التفجير"، مشيرةً إلى أنه لا يمكن تحديد عدد المتورطين في التفجير.

أما عن المتهم عياش فقالت المحكمة: "ليس لدينا شك بمشاركة عياش في المؤامرة"، مضيفةً أن "عياش مذنب ومتورط بالقتل العمد بجريمة قتل الحريري" وقد كان "يعلم هدف المؤامرة ضد الحريري".