أغلبية ضئيلة من قراء إيلاف تفضل إقفال المدارس والمساجد اليوم بسبب الخوف من تفشي كورونا في موجات جديدة، خصوصًا أن الأطباء يحذرون من إمكان تضاعف التفشي بحلول فصل الخريف.

إيلاف من بيروت: في كل العالم، بلغ السيل بالناس الزبى، فلا تقنع بالتزام إجراءات صحية، ولا تلتزم التباعد الاجتماعي، حتى أن بعضًا "كثيرًا" من الناس صار يخرج من منزله بلا كمامة، وهو يقول إن أرقام الإصابات المعلنة مبالغ فيها، أو إن كورونا "كذبة" عالمية لغاية في نفس يعقوب.
سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل تؤيد افتتاح المدارس والمساجد بشكل كامل في بلدك؟". أجاب 46.5 في المئة من المستجيبين للاستفتاء بـ "نعم"، مقابل 53.5 في المئة أجابوا بـ "لا".

ما السر؟
لا أحد يعرف سر العجلة في فتح المدارس والمساجد في الدول العربية، رغم أن كورونا تجد في الدول العربية بؤرًا وبائية مثلى لنشر العدوى.

فالناس في الدول العربية هي من بين الشعوب الأقل وعيًا بمدى الخطورة التي يمثلها هذا الوباء، خصوصًا أن العدوى سهلة الانتقال، بعدما ثبت أن فيروس كورونا ينتقل بالهواء. فالمدارس العربية مكتظة، خصوصًا المدارس الحكومية. والمساجد تبقى مكتظة، حتى أن بعض المصلين يصرون على التراصف "منعًا لمرور الشيطان في هذا الفراغ بينهم"، وكأن كورونا ليس شيطانًا أخرس، لا تسمع له صوتًا إلا متى تغلغل في جسم الإنسان وابتلاه.

الإثنين، قررت السلطات المغربية إغلاق كافة المؤسسات التعليمية في الدار البيضاء، في أول يوم لاستئناف العام الدراسي في المملكة المغربية، واتخذت سلسلة تدابير تشمل إغلاق منافذ العاصمة الاقتصادية للمغرب وفرض حظر تجول ليلي لمواجهة انتشار فيروس كورونا، على أن تطبق أسبوعين مع إخضاع الوضعية الوبائية بالمدينة لتقييم دقيق ومستمر لاتخاذ القرار المناسب بشأنها في الدار البيضاء التي تعد 3,3 ملايين نسمة.

مدمج أو مرسل
في دول عربية أخرى، بدأ العام الدراسي، وأفتت مجالس الفتوى بفتح المساجد. في لبنان، قرر وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب فتح المدارس في 28 سبتمبر الجاري، على أن يتبع الأسلوب المدمج، أي "اونلاين" أيامًا و"حضور" أيامًا. لكن، بعد ساعات من هذا الإعلان، كشف النائب اللبناني بلال عبدالله، وهو طبيب، أنّ عدد الإصابات في لبنان هو أعلى كثيرًا من المُعلن عنه رسميًا، ويمكن ضرب العدد الموجود بـ5 مرّات.

في مصر مثلًا، أعلنت المدارس الدولية الحكومية بدء الدراسة في 27 سبتمبر الجارى، مستفيدة من تراجع أعداد المصابين بالفيروس، ومن إعلان مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية محمد تاج الدين: "لا توجد سلالات جديدة من فيروس كورونا في مصر".

أما في سوريا، فالمصادر تؤكد أن حالة التفشي خارجة عن سيطرة السلطات المعنية، خصوصًا في العاصمة دمشق، فيما تلتزم أجهزة النظام السوري سياسة التعتيم الشديدة على الأرقام الحقيقية للمصابين والحالات الوفاة اليومية.

التفشي سيزداد
ما يقال عن المدارس ينسحب على المساجد. فالمكانان مرشحان ليكونا بؤرة للوباء بسبب الاكتظاظ.

كشف البروفيسور نيل فيرغسون، عالم الوبائيات البريطاني المختص في انتشار الأمراض المعدية بين البشر والحيوانات، أن إعادة فتح المدارس ستزيد تفشي كورونا بنسبة 1.5 في المئة، محذرًا من أن معدل انتشار فيروس كورونا يمكن أن يزداد إذا تم فتح أماكن التعليم العالي، كالمعاهد والجامعات، وكذلك المدارس.

يحذر فيرغسون: "ربما تزداد الأمور صعوبة في الخريف والشتاء، وربما ينتقل الفيروس بشكل أكبر في الطقس البارد حول العالم، لذلك يجب أن يكون الجميع مراقبًا جيدًا لمعرفة تطورات الوباء حول العالم، سيكون الأمر صعبًا ولن تكون هناك عودة إلى التفاعل الاجتماعي الطبيعي على الأقل حتى الربيع القادم وربما إلى حين توفر لقاح".

بروتوكولات الأمان
في فورين بوليسي، تقول جينيفر نوزو، عالمة الأوبئة في كلية بلومبرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز، إنه يجب مراعاة معدّل انتقال العدوى وخطورة المرض في المجتمعات التي يعيش فيها الطلاب والعاملون في المدارس.

فربما تشكل العودة المدرسية خطورة لا تقل شدتها عن إعادة فتح المطاعم والنوادي وغيرها من أماكن التجمع.

بحسبها، بروتوكولات الأمان مُهمة، فحتى داخل المجتمعات التي يقل فيها مُعدل انتقال العدوى وانتشار المرض، لا تزال هناك احتمالات بإصابة الأشخاص بالعدوى، ما يزيد أهمية الالتزام بالتدابير والإجراءات الاحترازية مثل ارتداء الأقنعة، والحفاظ على المسافات بين الطلاب والمعلمين، وتجهيز الفصول الدراسية بأنظمة تهوية جيدة.

خطط استجابة
تحث نوزو المدارس على وضع خطط للتعامل مع اكتشاف أي حالات، وأن تكون مستعدة للاستجابة لها، وأن تكون لديها خطط واضحة للإغلاق، ويُستحسن إنشاء فقاعات كما اعتمدت الدانمارك، وهي مجموعات ثابتة من الطلاب والموظفين يتفاعلون بعضهم مع بعض طوال الوقت، وإذا تبين أن شخصًا ما داخل الفقاعة مُصاب، فإن عدد الأشخاص المُحتمل إصابتهم سيكون محدودًا ويسهل التعامل معه.

تختم: "أظهرت الدراسات أن إعادة فتح المدارس في جميع أنحاء العالمية والتجمعات خارج المدارس مسار مُهم لانتقال عدوى كورونا، لذلك يجب أن يكون الجميع واقعيين عند المطالبة بالالتزام بالتباعد الاجتماعي خارج المدارس".