في ظل الموجة الثانية من فيروس كورونا، المتوقع أن تكون أعتى من الأولى، تؤكد أغلبية قراء "إيلاف" أن السبيل الوحيد للنجاة هو الإغلاق والحظر التام، مقدمين هذا الخيار على مناعة القطيع والتجارب العلاجية.
إيلاف من بيروت: فيما تتنافس دول العالم للفوز بقصب السباق نحو لقاح ناجع لفيروس كورونا المستجد، وفيما لا أمل فعليا للقاح مفيد قبل عامين تقريبًا، وفي ظل موجة ثانية من الفيروس منتظرة بين لحظة وأخرى، سألت "إيلاف" القارئ العربي: "ما هو الطريق الأفضل لمواجهة تصاعد تفشي كورونا مع عدم إنجاز اللقاح؟".
شارك في هذا الاستفتاء 501 قارئ، قال 42 في المئة منهم إن الطريق الأفضل هو "الحظر والإغلاق"، واختار 35 في المئة منهم "مناعة القطيع"، فيما اختار 23 في المئة "التجارب العلاجية".
الإغلاق السبيل الأمثل
حذر باحثون من كلية لندن الجامعية ومدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، من أن العالم مهدد بموجة ثانية من كورونا أقوى بمرتين من الموجة الأولى، ما لم يتم وضع استراتيجية عزل محكمة، خصوصًا أن الخريف هو زمن عودة الطلاب إلى المدارس، وعودة موجات الإنفلونزا في الوقت نفسه.
قال الباحثون إن فتح دول كثيرة في العالم المدارس في سبتمبر وعودة الشركات العامة والخاصة إلى العمل، وعودة الناس إلى تواصلهم الاجتماعي كما في السابق، عوامل تمثل مكونات الوصفة السحرية لموجة ثانية قاسية جدًا من الجائحة، مرجحين بلوغ الموجة الثانية ذروتها في ديسمبر.
قال هؤلاء الباحثون في دراستهم إن نتائج الأنموذج الذي وضعوه تشير إلى أن فتح المدارس في سبتمبر من دون استراتيجية فاعلة للعزل الفردي سيسفر عن ارتفاع معدل انتشار العدوى.
بالتالي، الأمر الوحيد الذي شدد عليه هؤلاء الباحثون كان الاختلاط، محملينه مسؤولية تمادي الفيروس وقسوة الموجة الثانية، وبالنتيجة لا حل لهذه المعضلة إلا الحظر والإغلاق، لمنع التواصل الاجتماعي، خصوصًا أن الدراسة افترضت أن 70 في المئة من الناس سيعودون إلى مواقع العمل، مع عودة أبنائهم للمدارس، وستصل نسبة الاختلاط الاجتماعي إلى 90 في المئة، اي ستعود إلى ما كانت عليه قبل كورونا، تقريبًا.
مناعة القطيع ليست خيارًا
أما مناعة القطيع، فهذا مصطلح ظهر في منتصف مارس الماضي، حين دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى اتباع هذه الاستراتيجيا لمواجهة كورونا، إلا أن هذه الاستراتيجية انهارت سريعًا وسط تفشي الفيروس الذي نال من جونسون نفسه، مع تحذيرات الأطباء والخبراء من خطورة اعتمادها.
تستند مناعة القطيع إلى تجاهل وجود الفيروس وممارسة الحياة بشكل طبيعي ليصاب معظم الشعب بالفيروس فتتعرف أجهزة الناس المناعية على الفيروس فتحاربه. لكنّ المختصين يحذرون من هذه الاستراتيجية، لأن في غياب العلاج الناجع لهذا الفيروس التاجي المستجد، ستجد المستشفيات نفسها غير قادرة على القيام بأعباء الآلاف المؤلفة من المرضى. فهذا سيرهق النظام الطبي، وسيرفع الفاتورة الاستشفائية.
ما يدعم هذا الرأي هو رأي جيريمي روسمان، أستاذ علم الفيروسات في جامعة كينت البريطانية. يقول: "ربما تكون مناعة القطيع غير فاعلة في مواجهة كورونا، وعدم نجاعة هذه الاستراتيجية مردود إلى تطور الفيروس جينيًا وتطوير سلوكه، ما قد يضطرنا إلى اجتراح طرائق جديدة لمكافحته".
إلى ذلك، يمكن اكتساب مناعة القطيع أيضًا بتلقيح عدد كبير من الناس لمكافحة الوباء، متى صار اللقاح جاهزًا، ما يصعّب انتقال العدوى.
تجارب علاجية فاشلة
مقابل ذلك، يبدو أن التجارب العلاجية لوقف تدهور حالة مرضى كورونا وصلت إلى طريق مسدود. ففي يوليو الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية إيقاف تجاربها على علاج مرضى فيروس كورونا بعقاري "هيدروكسي كلوروكين" و"لوبينافير - ريتونافير"، بعد أن فشلت في الحد من الوفيات.
سبق للمنظمة إجراء تجارب تحت اسم "تجربة التضامن"، لإيجاد علاج فعال ضد كورونا. وتقوم هذه التجربة على مقارنة خيارات علاجية مع مستوى الرعاية المعتاد، لتقويم الفاعلية النسبية لكل منها في معالجة كورونا المستجد.
من خلال إشراك مرضى من بلدان متعددة، تهدف تجربة التضامن إلى التوصل إلى نتائج سريعة بشأن أي الأدوية تبطئ تطور المرض أو تحسّن فرص البقاء على قيد الحياة. ويمكن إضافة عقاقير أخرى حسب ما يتوفر من بيّنات في هذا المجال.
في يوليو أيضًا، بدأت في الكويت تجربة سريرية لعقار أفيغان، وهو علاج محتمل لفيروس كورونا، على أن يشارك نحو 1000 شخص في التجربة لتأكيد فاعلية العلاج.
كان الأطباء قد أملوا في أن يثبت عقار "كاليترا" نجاحه في علاج مرضى فيروس كورونا، إلا أن الدراسات التي استهدفت هذا العقار نسفت كل الآمال.
التعليقات