مرسيليا: تعرب منظمة "أس أو أس مدتيرانييه" غير الحكومية لإغاثة المهاجرين في البحر عن قلقها على مستقبلها مع مصادرة السلطات الإيطالية سفينتها والصعوبة المتزايدة في عمليات الإنقاذ.

وقال فرنسوا توما رئيس الجمعية التي مقرها في مرسيليا خلال مؤتمر صحافي الخميس "يُجرَّم عملنا (..) نتهم بأننا متواطئون مع المهربين".

ويشهد العام 2020 ارتفاعا في عدد المراكب المحملة بالمهاجرين في وسط البحر المتوسط، والمتجهين إلى أوروبا انطلاقا من ليبيا أو تونس، معرِّضين حياتهم للخطر.

لكن منذ تموز/يوليو، يتعذر على سفينة "أوشن فايكنيغ" التابعة للمنظمة إنقاذهم لأن السلطات الإيطالية تحتجزها في صقلية حيث تخضع بحسب توما "لعملية تفتيش مبالغ بها" على غرار سفن أخرى مكرسة لإغاثة المهاجرين.

وتطالب عريضة للجمعية حصدت 114 ألف توقيع عبر موقع "تشينج.أورغ" بإطلاق السفينة.

وتعرف المنظمة غير الحكومية مسارا مضطربا منذ انطلاقها في مرسيليا في شباط/فبراير 2016 مع سفينتها الأولى "أكواريوس"، بعد خسارتها علمها وتغيير السفينة وتوقف شراكتها مع منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية.

ورأت "أس أو أس مديتيرانيه" النور بعد توقف عملية "ماري نوستروم" للبحرية الإيطالية التي سمحت بين العامين 2013 و2014 بانقاذ أكثر من مئة ألف شخص في البحر المتوسط.

في صيف العام 2018، انقلب الوضع في المتوسط مع إغلاق وزير الداخلية الإيطالي اليميني المتطرف روبرتو سالفيني مرافئ إيطالية وتكليف ليبيا مسؤولية عمليات الانقاذ في منطقة بحرية شاسعة فيما يعاني هذا البلد من الفوضى منذ العام 2011 ويشهد صراعا على السلطة بين السلطات ومجموعات مسلحة متخاصمة.

وعلى غرار منظمات غير حكومية أخرى تندد "أس أو أس مديتيرانيه" بعجز الليبيين عن إدارة عمليات الإغاثة وترفض إنزال المهاجرين الذين تنتشلهم من البحر في ليبيا.

وتنتظر سفينة "أوشن فايكينغ" أسابيع عدة لتحديد مرفأ آمن لها في دول أوروبية تعتمد مواقف تزداد تحفظا في هذا المجال.

ويقول نيكولا رومانيوك منسق عمليات الانقاذ إن تسليم المهاجرين إلى ليبيا "أشبه باطفائيين ينقذون الناس من منزل تلتهمه النيران لنقلهم إلى مستشفى مشتعل".

وأضاف "نستمر بالعمل لكننا لا نحظى بأي مساعدة من أوروبا. هذا امر مؤسف لأن الجميع يعاني وفي نوبة العمل الأخيرة التي قمت بها ألقى شخصان بنفسهما في المياه".

وزادت جائحة كوفيد-19 من الوضع سوءا فقد أغلقت كل دولة حدودها إلا أن المهاجرين استمروا بمحاولة العبور الخطرة باتجاه إيطاليا.

والمستقبل يبقى غير واضح رغم الإعلان الصادر عن المفوضية الأوروبية الأربعاء. وعرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الدول الاعضاء "ميثاقا أوروبيا حول الهجرة واللجوء".

وينص هذا الاقتراح الجديد خصوصا على آلية تضامن بشأن عمليات الانقاذ في البحر وتجنب المنظمات غير الحكومية التي تنقذ لاجئين في البحر، ملاحقات قضائية.

وقالت بو "نرحب بهذا الإعلان لأننا بحاجة إلى رسالة سياسية قوية" لكنها أعربت عن "حذر شديد" بانتظار تطبيق هذه الإجراءات بشكل ملموس.

وأضافت "في حال كانت عمليات الابعاد محظورة فهي تتعارض كليا مع السياسة الحالية التي تستمر بتحويل المسؤولية إلى ليبيا".

وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن "فرنسا وألمانيا قامتا بدور المحرك" في التنسيق بين الدول الأوروبية لوضع آلية تضامن لانزال الناجين إلا أن العملية لم تسجل حتى الآن"إلا نجاحا محدودا".

وقالت "في كل مرة تحصل عملية غرق تحتاج الدول المختلفة إلى أسابيع للاتفاق وتقاسم بضعة آلاف الأشخاص".

وأشارت إلى أن "1800 شخص وزعوا على دول أوروبية منذ كانون الثاني/يناير 2019 وهذا أمر غير معقول".