برعاية أميركية، تبدأ السودان تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لتكون الثالثة بعد الإمارات والبحرين، فيما يقول دونالد ترمب إن خمسة دول أخرى ترغب في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

واشنطن: أعلن البيت الأبيض الجمعة أن إسرائيل والسودان وافقا برعاية الرئيس دونالد ترمب على تطبيع العلاقات بينهما، في خطوة هي الثالثة التي يقوم فيها بلد عربي في غضون شهرين.

وقال الرئيس الأميركي بعدما صرّح بأنّ الدولتين أقامتا "السلام" بينهما، إن خمس دول عربية أخرى على الأقل، بينها السعودية، ترغب في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

في الخرطوم، صدر بيان مشترك عن السودان والولايات المتحدة وإسرائيل نقله التلفزيون الرسمي السوداني، وجاء فيه "اتفق القادة (في الدول الثلاث) على تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل وإنهاء حالة العداء بينهما"، مضيفا "اتفق القادة على بدء العلاقات الاقتصادية والتجارية".

وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جود ديري على موقع تويتر "أعلن الرئيس (ترمب) أنّ السودان وإسرائيل توافقتا على تطبيع العلاقات بينهما، في خطوة كبيرة جديدة نحو السلام في الشرق الأوسط".

وحضر صحافيون في المكتب البيضاوي اتصالا هاتفيا بين ترمب ومسؤولين في إسرائيل والسودان.

وأكد مصدر حكومي في الخرطوم أن اتصالا هاتفيا جرى الساعة 17,30 (15,30 ت غ) بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ورئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.

ووصف نتانياهو تطبيع العلاقات مع السودان بأنه "تحول استثنائي". وقال في بيان كتب بالعبرية وتلقت وكالة فرانس برس نسخة منه "يا له من تحوّل استثنائي! اليوم تقول الخرطوم نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف باسرائيل ونعم للتطبيع مع إسرائيل".

وذكر المصدر الحكومي السوداني أن الاتصال الهاتفي حصل بعد إعلان ترمب سحب السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

وأعلن البيت الأبيض قبل وقت قصير من الإعلان عن التطبيع، أنّ الرئيس الأميركي سيسحب السودان من لائحة "الدول الراعية للإرهاب".

وقال البيت الأبيض إنّ الرئيس الأميركي "أبلغ الكونغرس بنيته التراجع رسمياً عن تحديد السودان كدولة راعية للإرهاب"، واصفاً الأمر بأنه "لحظة بالغة الأهمية" للسودان وللعلاقات بين الخرطوم وواشنطن.

وأوضح البيت الأبيض أنّ السلطات الانتقالية في السودان سددت مبلغ 335 مليون دولار في إطار اتفاق لتعويض أميركيين، ضحايا اعتداءات وقعت خلال حكم الرئيس عمر البشير الذي استمر ثلاثين عاما.

وحكم القضاء الأميركي على السودان بدفع هذه التعويضات بعدما اتهم البلد بدعم جهاديين فجروا السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، ما أدى إلى مقتل 224 شخصا وجرح نحو خمسة آلاف آخرين.

وقال مكتب حمدوك في بيان مكتوب إن قرار إزالة السودان عن اللائحة الأميركية للإرهاب "فتح الباب واسعا لعودة السودان المستحقة الى المجتمع الدولي والنظام المالي والمصرفي العالمي والاستثمارات الإقليمية والدولية".

ومن الواضح أن الأسباب التي دفعت السودان الى القبول باتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، هو الوضع الاقتصادي المزري الذي يعاني منه والمرتبط بشكل كبير بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليه.

لكن يخشى من أن يؤدي هذا الإعلان الى زعزعة الاتفاق السياسي الذي تحكم بموجبه الحكومة الانتقالية، إذ إن أصواتا معارضة ارتفعت منذ أن اتضح مسار التطبيع. ومن أبرز المعارضين رئيس حزب الأمة الإسلامي الصادق المهدي الذي يعتبر من أبرز داعمي الحكومة. وقد هدّد بسحب دعمه للحكومة إذا تم التطبيع.

وتحكم السودان منذ أكثر من سنة حكومة انتقالية هي ثمرة اتفاق بين العسكريين الذين أطاحوا بعمر البشير في نيسان/أبريل 2019، وقادة الاحتجاج الشعبي ضده الذي تواصل لأشهر بعد سقوطه للمطالبة لحكم مدني. وحُدّدت المرحلة الانتقالية بثلاث سنوات تنتهي بتنظيم انتخابات حرة في 2022.

وتواجه الحكومة الانتقالية صعوبات اقتصادية في ظل انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية (الجنيه السوداني)، الأمر الذي زاد من الأصوات المنادية برفع العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ تسعينات القرن الماضي.

ووصلت نسبة التضخم في السودان في آب/أغسطس الى 167 في المئة. وكان سعر الدولار في السوق السوداء يصل الى 75 جنيها إبان الإطاحة بالبشير، ووصل اليوم الى مئتين.

في 11 أيلول/سبتمبر، أعلنت الحكومة حال الطوارىء الاقتصادية.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "سواس" في لندن جيلبير أشقر لوكالة فرانس برس إن توقيع الخرطوم على اتفاق التطبيع مع إسرائيل "أهم بكثير من توقيع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، لأن السودان لم يقم يوما علاقات مع إسرائيل، على عكس الإمارات، وعدد سكانه كبير جدا، على عكس البلدين الخليجيين الآخرين".

وبالتالي، يمكن أن يحسب هذا الإنجاز انتصارا كبيرا للرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أيام من الانتخابات الرئاسية.

وفي أول رد فعل فلسطيني على الإعلان، اعتبرت حركة حماس أنّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان "خطيئة سياسية".

وأعلنت ترمب في 13 آب/أغسطس اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وبعد أقل من شهر، أعلن اتفاقا مماثلا بين البحرين وإسرائيل. وتتوالى خطوات إرساء العلاقات بين الدولة العبرية وكل من الدولتين الخليجيتين.

وأعلن نتانياهو مساء الجمعة أنّ إسرائيل لن تعارض بيع الولايات المتحدة أسلحة أميركية متطورة لدولة الإمارات.

وقال في بيان علّق فيه على زيارة وزير دفاع حكومته بيني غانتس إلى واشنطن الأسبوع الحالي لمناقشة بيع هكذا أسلحة للإمارات وتشمل طائرات اف-35، إنّ "إسرائيل لن تعارض بيع هذه النظم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة".