ايلاف من الرباط: عد رؤساء تمثيلات الجالية اليهودية بالمكسيك أن قرار استئناف العلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإسرائيل يكرس التعايش وتقارب الحضارات والثقافات والأديان بين اليهود والمسلمين، معتبرين إياه شكلا حضاريا راقيا في المنطقة برمتها، و ذلك من خلال متانة العلاقات التي ميزت اليهود مع جيرانهم المسلمين في المملكة المغربية، حيث يتمتعون باحترام وتقدير كبيرين، وهو ما جعل من المغرب دولة رائدة في مسألة التسامح الديني في المنطقة برمتها.
فخلال لقاء مفتوح عبر تقنية التواصل عن بعد جمع رؤساء تمثيلات الجالية اليهودية بالمكسيك بسفير المغرب بمكسيكو، عبد الفتاح اللبار، بمبادرة من جمعية اليهود المغاربة المقيمين في المكسيك، أجمع المشاركون على "الاستثناء المغربي" كالنموذج في التفاعل والعيش المشترك بين المسلمين واليهود، حيث عاشوا معا في المملكة في انسجام وتناغم كبيرين، وهو ما يعكس تنوعا سوسيولوجيا (اجتماعيا) فريدا، ومستوى راق من التسامح والتعايش بين الأديان الذي تميز به المغرب عبر العصور.
على المستوى الاقتصادي، اعتبر رؤساء هذه التمثيلات أن الاتفاقات بين المغرب وإسرائيل ستكون مفيدة جدا فيما يتعلق بالمبادلات التجارية والاستثمارات بين البلدين، بالنظر إلى ما يمتلكانه من مؤهلات وخبرات مهمة ، من شأنها أن تعود بالخير والنماء عليهما وبالسلم والاستقرار على المنطقة برمتها.
وفي معرض مداخلته في هذا اللقاء، عبر رئيس الطائفة اليهودية في المكسيك، ورجل الأعمال ماركوس شابوت، عن عزم الجالية اليهودية تقوية العلاقات مع المملكة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، من خلال الدفاع عن مصالح المغرب في قضاياه الكبرى، وجلب الاستثمارات في قطاعات متنوعة، وتنظيم زيارات سياحية للاطلاع على المخزون الروحي اليهودي الذي تزخر به المملكة المغربية من معابد وأضرحة جعلت منها قبلة لكل يهود العالم.
من جانبه، اعتبر السفير اللبار أن العلاقة التي تربط اليهود بالمغرب ليست حديثة العهد بل تعود إلى عصور ضاربة جذورها في التاريخ لأكثر من 2500 سنة، حيث تعززت هذه العلاقة بعد الهجرات اللاحقة لليهود والمسلمين إلى المغرب بعد طردهم من الأندلس إبان سقوطها أواخر القرن الخامس عشر، مؤكدا أن المملكة تشكل نموذجا فريدا في التعايش المشترك باعتبار الرافد العبري مكونا أساسيا و جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية للمغرب الذي يظل " فخورا" ببناته وأبنائه مسلمين و يهود، الذين لا يتوانون عن التعبير أينما كانوا عن ارتباطهم بالوطن الأم، والاعتزاز بأصولهم المغربية.
و أكد السفير اللبار للمشاركين أن اليهود المغاربة شكلوا دائما نسيجا اجتماعيا وثقافيا ودينيا وفكريا مهما إلى جانب إخوانهم المسلمين، كما أنهم كانوا وما زالوا يرتبطون بشكل وثيق بالاسرة العلوية من خلال تجديدهم الولاء للسلاطين العلويين عبر التاريخ، منوها بالعطف الخاص الذي يمنحهم إياه الملك محمد السادس، من خلال تعليماته بشأن الاهتمام بأفراد هذه الطائفة والحفاظ على موروثها الثقافي والروحي.
واضاف السفير المغربي ان هذا النموذج الرفيع في التعايش بين المسلمين واليهود ساعد المغرب في الحفاظ على أصوله المتعددة الثقافات المعترف بها دستوريا، ومكن من تعزيز تنوعها ووحدتها وهويتها الوطنية.
كما استغل السفير المغربي هذه المناسبة للتذكير بالمواقف التاريخية للملك الراحل محمد الخامس اتجاه اليهود المغاربة، حين رفض بشكل صارم المس بأي فرد منهم أو تسليمه إلى النظام النازي لحكومة "فيشي"، مضيفا حرص الملك الراحل الحسن الثاني الشديد على الحفاظ على الروابط التي تجمع اليهود المغاربة بوطنهم الأم، وذلك بإصدار الدولة المغربية لقرار سنة 1976، يتعلق بعدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين هاجروا في المراحل السابقة، وبذلك يمكنهم العودة إلى بلدهم متى شاءوا باعتبارهم مواطنين مغاربة.
وأجمع المشاركون في هذا اللقاء أن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين المغرب ودولة إسرائيل، وما رافقها من زخم كبير بالنظر إلى الروابط القوية التي تربط اليهود المغاربة المقيمين في هذا البلد، من شأنه تقوية هذه العلاقات وتعميقها لما يخدم المصالح بين الشعبين.