هنأت القيادة الإماراتية شعبها على إنجاز وصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ، وأشادوا بجهود الفريق الذي حقق هذا الحلم، والذي أرسل العرب إلى المريخ في لحظة باهرة من التاريخ العربي الحديث.

إيلاف من دبي: وجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، التهنئة إلى شعب دولة الإمارات والمقيمين والأمة العربية بنجاح مسبار الأمل في مهمته، مشيداً بالجهد الاستثنائي لأبناء الإمارات الذين حولوا الحلم إلى واقع، وحققوا طموحات أجيال من العرب ظل يراودها أمل وضع قدم راسخة في سباق الفضاء الذي ظل حكراً على عدد محدود من الدول.

وقال رئيس الدولة: "هذا الانجاز لم يكن ليتحقق لولا المثابرة على مشروع ظهرت فكرته أواخر عام 2013 على يد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي تابعه لحظة بلحظة حتى وصوله إلى وجهته بسلام".

كما أشاد بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي سخر له كل الدعم ليتحقق الأمل ونراه ويراه العالم معنا بانبهار وتقدير، "فكل التحية لسموهما ولفريق العمل الوطني من باحثين وعلماء".

جهد مؤسّسي مخلص

وأشاد بالمشروع كونه نشأ نتيجة جهد مؤسّسي مخلص ودؤوب ومن رؤية طموحة هدفها خدمة المشروع الوطني الإماراتي خاصة والبشرية والمجتمع العلمي عامة ومحققا آمال الملايين من العرب بأن تكون لهم قدم راسخة في مجال استكشاف الفضاء.

وكانت الإمارات قد دخلت مساء الثلاثاء التاريخ كأول دولة عربية تصل إلى المريخ، وخامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز بعدما نجح مسبار الأمل، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، في الوصول إلى الكوكب الأحمر، متوجةً بذلك الخمسين عاماً الأولى منذ تأسيسها عام 1971 بحدث تاريخي وعلمي غير مسبوق على مستوى المهمات المريخية السابقة، حيث تستهدف المهمة المريخية الاستكشافية الإماراتية إلى تقديم بينات علمية لم يتوصل إليها الإنسان من قبل عن الكوكب الأحمر.

ونجح "مسبار الأمل" عند الساعة 7:42 مساء الثلاثاء في الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر، منجزاً بذلك أصعب مراحل مهمته الفضائية، بعد رحلة استغرقت نحو سبعة أشهر في الفضاء، قطع فيها أكثر من 493 مليون كيلو متر، ليشكل وصوله إلى الكوكب الأحمر استعداداً لبدء مهمته العلمية من خلال توفير ثروة من البيانات العلمية للمجتمع العلمي في العالم علامة فارقة في مسيرة دولة الإمارات التنموية المتسارعة، وليكون هذا الإنجاز احتفالاً يليق باليوبيل الذهبي لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ملخصاً قصتها الملهمة، كدولة جعلت ثقافة اللامستحيل فكراً ونهج عمل وترجمةً حيةً على الأرض.

وأصبحت الإمارات أول الواصلين إلى مدار الكوكب الأحمر ضمن ثلاث مهمات فضائية أخرى تصل خلال شهر فبراير الجاري إلى المريخ، تقودها بالإضافة إلى الإمارات، كٌّل من الولايات المتحدة والصين.

وهنأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شعب الإمارات والأمة العربية بتحقيق هذا الإنجاز التاريخي، حيث حرصا على متابعة اللحظة التاريخية من محطة التحكم الأرضي بمسبار الأمل في الخوانيج بدبي. كما أشاد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء بفريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من المهندسين والمهندسات من الكوادر الوطنية الشابة، والجهود التي بذلوها على مدى أكثر من ست سنوات في سبيل تحويل حلم المريخ إلى واقع نحتفي به اليوم.

أعظم احتفال باليوبيل الذهبي

وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن "هذا الإنجاز التاريخي بوصول مسبار الأمل إلى المريخ هو أعظم احتفال بالذكرى الخمسين لقيام اتحاد الإمارات.. ويؤسس لانطلاقتها الجديدة في الخمسين عاماً المقبلة.. مع أحلام وطموحات لا سقف لها"، مضيفاً: "سنواصل تحقيق الإنجازات وسنبني عليها إنجازات أكبر وأعظم".

ولفت إلى أن "الإنجاز الحقيقي الذي نفخر به هو نجاحنا في بناء قدرات علمية إماراتية تشكل إضافةً نوعيةً للمجتمع العلمي العالمي".

وقال: "نهدي إنجاز المريخ إلى شعب الإمارات وإلى الشعوب العربية.. نجاحنا يثبت أن العرب قادرون على استعادة مكانتهم العلمية.. وإحياء أمجاد أسلافنا الذين أنارت حضارتهم ومعارفهم ظلمات العالم".

وختم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقول: "نتوج احتفالنا بيوبيل الإمارات الذهبي بمحطة المريخ.. وشبابنا الإماراتي والعربي مدعون لركوب قطار الإمارات العلمي السريع الذي انطلق بأقصى سرعة".

نهضة علمية مستدامة

من جانبه، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن "نجاح مسبار الأمل في الوصول إلى مداره حول المريخ يمثل إنجازاً عربياً وإسلامياً.. تحقق بعقول وسواعد أبناء وبنات زايد، ليضع الدولة في مصاف الدول التي وصلت لعمق الفضاء"، مشيراً إلى أن "وصول الإمارات للمريخ يحتفي بمسيرة الخمسين عاماً بما يليق بتجربة دولتنا ويعكس صورتها الحقيقية للعالم".

وأضاف: "مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يمهد لـ 50 عاماً جديدة من النهضة العلمية المستدامة في دولة الإمارات". وعبّر عن اعتزازه بهذا الإنجاز الإماراتي والعربي التاريخي الذي قادته الكوادر الوطنية من العلماء والمهندسين الإماراتيين، مؤكداً بأن: "ثروة الإمارات الحقيقية والأغلى هي الإنسان.. واستثمار الوطن بأبنائه وبناته يشكل مرتكزاً أساسياً في كافة سياساتنا واستراتيجياتنا التنموية".

وأوضح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قائلاً: "شباب الإمارات المتسلحون بالعلم والمعرفة هم الذين سيقودون مسيرتنا التنموية والنهضوية للخمسين سنة المقبلة.. ومشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أسهم في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة مؤهلة لتحقيق المزيد من الإنجازات في قطاع الفضاء".

إنجاز بحجم الفضاء

في السياق ذاته، قال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء أن "نجاح مسبار الأمل في رحلته الفضائية التاريخية وصولاً إلى مداره حول الكوكب الأحمر، يعد إنجازاً إماراتياً وعربياً بحجم الفضاء"، مؤكداً بأن "مشروع الإمارات الاستكشاف المريخ يُسطر فصلاً جديداً في سجل إنجازات الإمارات في مجال علوم الفضاء على مستوى عالمي، ويدعم جهود الدولة في بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الصناعات التكنولوجية المتقدمة".

وقدم التهنئة إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان على هذا الإنجاز، لافتاً إلى أن "احتفال دولة الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها أصبح مقترنا بالوصول للمريخ.. وهذا الإنجاز يضع مسؤولية كبيرة أمام الأجيال القادمة التي ستبني عليه في الخمسين سنة المقبلة".

مرحلة جديدة

كذلك هنأ محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية القيادة الرشيدة، بهذا الإنجاز التاريخي الكبير الذي حققته الإمارات، ووصول "مسبار الأمل" بنجاح إلى مداره حول كوكب المريخ.

وقال إن هذا الإنجاز العالمي يُسطر لمرحلة جديدة في تاريخ دولة الإمارات في مجال صناعة استكشاف الفضاء، ويدعم جهود الإمارات ورؤيتها في تطوير ميادين العلم والتكنولوجيا وتعزيز سياسة التنويع الاقتصادي لتحقيق التنمية المستدامة في القطاعات الاستراتيجية الرئيسية.

وأضاف: "نحن فخورون بهذا التفوق الذي صنعته الكوادر الوطنية الإماراتية المؤهلة من علماء ومهندسين في قطاع الفضاء والذين وضعوا دولة الإمارات على خارطة الفضاء العالمي لتكون في مصاف الدول الكبرى المتقدمة في هذا مجال".

وأشار إلى أن هذه الإنجازات التي تحققها دولة الإمارات تقف وراءَها قيادةٌ حكيمةٌ ذات رؤية استشرافية تدعم أجيال المستقبل وتجعلهم في عطاء وتطور مستمر وترفع من قدراتهم وجهودهم.

وختم بأن مسيرة مسبار الأمل رحلة مستمرة في مجال استكشاف الفضاء وتطوير العلوم ونقل المعرفة من أجل دولة الإمارات والمجتمع العالمي والإنساني ككل.

متابعة مليونية

وكان الملايين في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم قد تابعوا بترقب اللحظة التاريخية لدخول مسبار الأمل مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، من خلال تغطية حية ضخمة نقلتها محطات التلفزيون ومواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ضمن فعالية كبرى نُظمت بدبي في محيط برج خليفة، أطول بناء من صنع الإنسان في العالم، والذي اكتسى إلى جانب المعالم الرئيسية في الدولة والعالم العربي بلون الكوكب الأحمر، وذلك لمتابعة اللحظات الحاسمة لوصول المسبار، بحضور وكالات الأنباء العالمية وممثلي وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية المحلية والإقليمية ونخبة من المسؤولين وأعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل".

تضمنت الفعالية العديد من الفقرات التي سلطت الضوء على مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من الفكرة إلى التنفيذ، ورحلة دولة الإمارات مع حلم الفضاء وكيفية تحقيقه من خلال تأهيل وإعداد كوادر إماراتية علمية على قدر كبير من الخبرة والكفاءة. كما شهدت الفعالية عرضاً مبهراً بالليزر على واجهة برج خليفة تم تنفيذها بتقنية رفيعة المستوى، استعرضت رحلة مسبار الأمل والمراحل التي مر بها المشروع وجهود الكوادر الإماراتية التي شاركت في تحقيق هذا الحلم.

عرض توضيحي ولقاء إعلامي

وقدمت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، عرضاً توضيحياً مفصلاً باللغتين العربية والإنجليزية لأهم مرحلة من مراحل رحلة مسبار الأمل، والمتمثلة في مرحلة دخول مدار المريخ، كونها الأهم والأكثر خطورة، وتعد حاسمة فيما سيؤول إليه مستقبل المهمة الاستكشافية.

وتضمنت الفعالية عقد لقاء إعلامي بين عدد من أعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، بقيادة الأميري، وممثلي وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية تناولت مختلف جوانب المشروع والتحديات التي مر بها، وصولاً إلى تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.

كما سلطت الضوء على المهمة المريخية للمسبار ذات الأهداف العلمية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، والمراحل التالية التي سيمر بها المسبار طوال مهمته في استكشاف الكوكب الأحمر على مدار سنة مريخية كاملة تعادل عامين أرضيين.

وتخلل الفعالية الاتصال المباشر عبر الفيديو مع فريق العمليات والمهندسين في محطة التحكم الأرضي في مركز محمد بن راشد للفضاء في الخوانيج بدبي، حيث قدم المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، أحدث التحديثات والمستجدات، أولاً بأول، في ما يتعلق بمسار مسبار الأمل في الدقائق الأخيرة الفاصلة من رحلته تمهيداً لدخوله مدار المريخ.

نجاح مرحلة دخول مدار الالتقاط

وكانت اللحظات الحاسمة لمرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر قد بدأت عند الساعة 7:30 مساء بتوقيت دولة الإمارات، مع قيام مسبار الأمل ذاتياً، وفقاً لعمليات البرمجة التي كان فريق العمل قد أجراها مسبقاً قبل إطلاقه، ببدء تشغيل محركاته الستة للدفع العكسي "دلتا في" لإبطاء سرعته من 121 كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة، مستخدماً نصف ما يحمله من وقود، في عملية استغرقت 27 دقيقة. وانتهت عملية حرق الوقود عند الساعة 7:57 مساء ليدخل المسبار بأمان إلى مدار الالتقاط، وعند الساعة 8:08 مساءً تلقت المحطة الأرضية في الخوانيج إشارة من المسبار بنجاح مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، لتكتب دولة الإمارات اسمها بحروف بارزة في تاريخ المهمات الفضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر.

وبنجاحه في إنجاز مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ، يكون مسبار الأمل قد أنجز أربع مراحل رئيسية في رحلته الفضائية منذ إطلاقه في 20 يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ "إتش 2 إيه"، وهي بالترتيب: مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، ومرحلة الملاحة في الفضاء، ومرحلة الدخول إلى المدار. ويتبقى أمامه مرحلتان هما: الانتقال إلى المدار العلمي، وأخيراً المرحلة العلمية، حيث يبدأ المسبار مهمته الاستكشافية الخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.

اليوم الأول لـ"الأمل" حول المريخ

مع نجاح مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط، بدأ مسبار الأمل يومه الأول حول كوكب المريخ، وأصبح فريق المحطة الأرضية قادراً على التواصل مع المسبار للتأكد أن هذه المرحلة، التي كانت أكثر مراحل المهمة الفضائية دقة وخطورة، لم تؤثر على المسبار وأنظمته الفرعية والأجهزة العلمية التي يحملها.

ووفقاً لما هو مخطط له قد تستغرق هذه العملية من 3 إلى 4 أسابيع، يكون فيها الفريق على تواصل دائم مع المسبار على مدار 24 ساعة يومياً، عبر مناوبات متتابعة، علماً بأن المسبار سيكون قادراً أثناء هذه المرحلة من التقاط أول صورة للمريخ خلال أسبوع من وصوله بنجاح إلى مدار الالتقاط.