إيلاف من لندن : دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين القوى السياسية المختلفة الى حوار وطني شامل يهدف الى الابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة ومنح الشعب فرصة الأمل والثقة بالدولة

واتفاق على حل جذري للمشكلات المتراكمة بين بغداد وأربيل بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية واكد استعداد بلاده للعب دور فعّال في تكريس التهدئة وفتح أبواب الحوار لحل أزمات المنطقة. وقال الكاظمي في كلمة الى العراقيين لمناسبة اختتام زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس الى العراق اليوم وحصلت "ايلاف" على نصها ان شعب العراق ودع بكلّ حفاوة وتقدير قداسة البابا فرنسيس بمثل ما استقبله من محبة وكرم وأصالة إنسانية. وأشار الى ان هذه الزيارة الكريمة مثّلت بكل ما حفلت به من مظاهر ترحيب ومن إجماع وطني على إنجاح مقاصدها النبيلة "نقطةً مضيئةً جسّدت جوهر شعبنا المُحب الصّادق الحضاري المؤمن بقيم العدالة والسلام".

رسالة سلام وتسامح
وأضاف ان رسالة قداسةِ البابا قد وصلت الى كلّ أنحاء العالم، وهو يجول بقلبٍ مفعم بروح الأمل في مدن العراق .. ووصلت رسالة شعبنا الى كلّ شعوب الأرض لتقول :نحن شعب العراق .. شعب التأريخ والحضارة، لقد عانينا الكثير من الحروب .. وسال الدم على أرضنا حتى ارتوت .. ونشـر الموت طوال عقود ظلاله السود في منازلنا .. وعاثت في ربوعنا غربان السلاح والفساد والإرهاب والكراهية ..لكن مَعدننا الأصيل لم يصدأ، لأن روح الحياة وحبّ السلام والتمسك بالقيم الإنسانية لم يصدأ ..فليس في نفوسنا سوى المعاني الإنسانية الكبيرة ..لقد عشنا سوية طوال أكثر من ستة آلاف سنة مضت وما زلنا معاً ..نمسك بيد بعضنا بتعدد أدياننا ومذاهبنا وقومياتنا كما تماسكت أيادي سماحة السيد السيستاني وقداسة البابا.. العراق رسالة الإنسانية والسلام، والعراق تاج التسامح، .. وبغداد مدينة السلام ومنبر الحركة الفكرية".

دعوة لحوار وطني

وأشار الكاظمي الى ان العراق أمام فرصة حقيقية لاستعادة دوره التأريخي في المنطقة والعالم رغم كلّ العقبات والتحديات.. وقال "إننا كحكومة، متمسكون بإرادة شعبنا في تحقيق الأمن والسلام والإعمار والازدهار وعلى أساس هذه المسؤولية التأريخية، وفي أجواء المحبة والتسامح التي عززتها زيارة قداسة البابا لأرض العراق، أرض الرافدين ، نطرح اليوم الدعوة الى (حوار وطني)، لتكون معبراً لتحقيق تطلعات شعبنا ".

ودعا "جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التأريخ، ندعو قوانا وأحزابنا السياسية الى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي".

معاناة وطموحات شباب العراق
وخاطب الكاظمي شباب العراق قائلا "أدرك حجم معاناتكم وطموحاتكم والحيف الذي لحق بكم، ولكن علينا أن نصبر وأن نتوحد، من أجل العراق ومن أجل الوطن ومن أجل المستقبل الذي يليق بأجيالنا، ولهذا فالحكومة تحتاج الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب بيتنا العراقي الوطني". وحذر من "إن توتير الأوضاع ليس من مصلحة البلد ولذلك يجب منح الوقت الكافي للحكومة للبناء على ماحققت خلال الفترة الماضية، وتأمين الانتخابات على أسس رصينة ونزيهة".

دعوة المعارضين لحوار صريح
ودعا المعارضين قائلا "إخوتي ..أعزائي من المعارضين.. أدعوكم وبكلّ صدق، إلى حوار مفتوح وصريح مع الحكومة على أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته، وعلى قاعدة حفظ أمن العراق ودعم الدولة وسيادة القانون".
وبين "إن الحوار الإستراتيجي الذي بدأته الحكومة حول ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج كلّ القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق وأمنه".
كما دعا الى حوار وطني حقيقي عميق، وعلى كلّ المستويات الرسمية والحزبية والشعبية، للتوصل إلى إطار الاتفاق النهائي للعلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، ويعالج المشكلات المتراكمة جذريا".

ترميم العلاقات الخارجية
واوضح رئيس الوزراء ان حكومته عكفت منذ تشكيلها "على ترميم علاقات العراق الخارجية والتأسيس لاستعادة العراق موقعه الطبيعي ووزنه الإقليمي دولياً، وحققنا خطوات متقدمة في هذا المجال وكانت زيارة قداسة البابا تعزيزاً لهذه الخطوات، فقد نجحنا في أن يكون العراق معبراً للتفاهم والتواصل بين العديد من دول المنطقة، وهناك استعداد دولي لدعم العراق في مشروع الإصلاح الاقتصادي، بعد أن نجحنا في عبور الأزمة الاقتصادية.
وعلى ذلك .. ندعو كلّ أشقاء العراق وجيرانه وأصدقاءه إلى ترسيخ قيم السلم والتعاون بين دول المنطقة وإبعاد شبح الحروب والخلافات والصراعات التي لن تخدم شعوبنا ذات التأريخ المشترك".

استعداد لدور في تكريس التهدئة والحوار لحل ازمات المنطقة
وأكد الكاظمي استعداد العراق الكامل للعب دور فعّال في تكريس التهدئة وفتح أبواب الحوار لحل أزمات المنطقة، وأن يكون الجميع شركاء في التنمية لا محوراً للخلاف والصراعات.
ونوه الى ان العراق قد أصرّ على رفضه أن يكون ساحة للصـراعات الخارجية ، ومنطق التعاون والأخوة هو الوحيد المقبول بالنسبة للشعب وللعراق.

شكر للبابا لانصافه شعب العراق
وعبر الكاظمي عن التقدير كلّ من ساهم في إنجاح الزيارة التأريخية لقداسة البابا الى أرض العراق ..من مؤسسات حكومية وفعاليات شعبية وقوى سياسية .. كما قدم شكر العراقيين الى قداسة البابا الذي قال انه أحبّ العراق وشعب العراق ، ولمس طيبة وعمق وأصالة هذا الشعب العظيم القوي بتنوعه .

وخاطب البابا قائلا "نشكر قداستكم على كلّ كلمة إنصاف بحق شعبنا ، وكل دعوة للحوار والتسامح والسلام ألقيتها في ربوع العراق الحبيب ، وكلّ تفاعل وجداني مع التحديات التي يواجهها هذا الشعب".

وفي وقت سابق اليوم أختتم البابا زيارة تاريخية ناجحة الى العراق على الاصعدة الدينية والتنظيمية والامنية استمرت ثلاثة ايام وقادته الى خمس محافظات فيما تم اعتبار الزيارة تأكيد لقدرة العراق على استضافة جميع الشخصيات بنجاح.

وكتب الرئيس العراقي برهم صالح تغريدة على تويتر عقب توديعه البابا في مطار بغداد الدولي قال فيها "ودعّنا قداسة البابا فرنسيس، بعد ان حل ضيفاً عزيزاً لثلاثة ايام مضيئة في بغداد والنجف وأور ونينوى واربيل، تُمثل رسالة تضامن انسانية كبيرة مع بلدنا الذي انهكته عقود من العنف والنزاعات. ألقى حضوره المطمئن لمسة سلام ومحبة، وستبقى خالدة في قلوب كل اطياف الشعب، التّواقون للأمن والسلام".

وكان البابا قد وجه عشية وصوله الى بغداد في الخامس من الشهر الحالي رسالة الى العراقيين قال فيها أزوركم "حاجا يسوقني السلام" من أجل "المغفرة والمصالحة بعد سنوات الحرب والإرهاب".