غزة: وافقت إسرائيل وحركة حماس الخميس على وقف لإطلاق النار بينهما من شأنه أن يضع حدّاً لتصعيد عسكري دامٍ استمرّ أحد عشر يوماً بينهما وأوقع عدداً كبيراً من القتلى، غالبيتهم من الفلسطينيين، وأتى نتيجة مساعٍ دبلوماسية حثيثة قامت بها مصر خصوصاً.

وأعلن بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ المجلس الوزاري المصغر الذي اجتمع لساعات طويلة "وافق بالإجماع على توصية جميع المسؤولين الأمنيين (...) بقبول المبادرة المصرية بوقف ثنائي غير مشروط لإطلاق النار".

وأكّد مسؤولون في حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة لوكالة فرانس برس الموافقة على التهدئة التي "ستدخل حيّز التنفيذ الساعة الثانية" من فجر الجمعة (11,00 ت غ الخميس) لتضع بذلك حدّاً لأعنف مواجهة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة منذ الحرب التي دارت بينهما في 2014.

وقُتل في القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على قطاع غزة 232 فلسطينياً بينهم 65 طفلاً ومقاتلون نعتهم حماس. كما أصيب 1900 شخص بجروح.

وتسبّبت صواريخ أطلقتها حماس وغيرها من الفصائل المسلّحة من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية بمقتل 12 شخصاً، بينهم طفلان وجندي، وإصابة 336 آخرين بجروح.

وجاء في البيان الإسرائيلي "استعرض رئيس هيئة الأركان وقادة الجيش ورئيس جهاز شين بت (الاستخبارات الداخلية) أمام الوزراء الإنجازات الكبيرة التي حقّقتها إسرائيل في المعركة والتي تعتبر بعضها غير مسبوقة".

وأشار الى أنّ القيادة السياسية شدّدت على أنّ التطوّرات على الأرض "ستحدّد استئناف العملية" أم لا.

وفي خطاب له عقب إعلان وقف إطلاق النار، أكّد الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، الاتفاق قائلاً "استجبنا إلى الوسطاء".

وأضاف "نيابة عن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة وبالتوافق بين مكوّناتها (...) أعددنا ضربة صاروخية تغطي فلسطين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وعلّقنا هذه الضربة الصاروخية لنرقب سلوك العدو حتى الثانية فجراً".

وأكّد مصدر أمني مصري لفرانس برس أنّ القاهرة "سترسل وفدين أمنيين إلى تل أبيب والمناطق الفلسطينية" حيث سيعملان على "متابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة".

وقبل الإعلان عن وقف النار، كثّفت إسرائيل ضرباتها على القطاع المحاصر الذي يقطنه قرابة مليوني شخص.

وعصراً، انطلقت دفعة جديدة من الصواريخ من قطاع غزة في اتجاه جنوب إسرائيل، ما دفع السكان للهرع إلى الملاجئ.

وأعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن سيلقي كلمة بشأن الشرق الأوسط في الساعة 17,45 (21,45 ت غ)"، أي قبل ربع ساعة من الموعد المقرّر لبدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وكانت الاتصالات الدبلوماسية تكثفت خلال الأيام الأخيرة من أجل وقف العمليات العسكرية.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ تواصل التصعيد "غير مقبول"، داعياً إلى "وقف فوري للمواجهات".

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الخميس إن "المحادثات غير المباشرة" مع حماس ضرورية لإعطاء دفع للجهود الهادفة الى إنهاء العنف.

وأضافت "بالطبع يجب ضمّ حماس (إلى المحادثات) لأنه بدون حماس لن يكون هناك وقف لإطلاق النار".

وزار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس تل أبيب ورام الله للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في محاولة للتوصل الى تهدئة. ولم يلتقّ ممثّلين عن حركة حماس المدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.

وقامت مصر من جهتها باتصالات مكثفة مع أطراف مختلفة لإعادة العمل بالهدنة التي كانت قائمة بين إسرائيل وحركة حماس والتي لعبت القاهرة دوراً أساسياً في إرسائها وتجديدها مرة بعد مرة.

وأجرى الرئيس الأميركي الخميس اتصالاً هاتفيا بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي هو الأول منذ وصوله إلى البيت الأبيض، تم خلاله البحث في "سبل التعاون من أجل وقف العنف والتصعيد في ظل التطورات الأخيرة"، وفق بيان للرئاسة المصرية.

وزار مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند قطر لإجراء محادثات مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

وبدأ التصعيد الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية في العاشر من أيار/مايو، تضامناً مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبّب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.

وتسبّب القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة بدمار هائل، إذ أُسقطت أبنية بكاملها ولحقت أضرار جسيمة بأخرى وبالبنى التحتية. وأعلنت الحكومة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة أنّ الخسائر الأوليّة جراء القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي بلغت 150 مليون دولار أميركي.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ حماس وفصائل أخرى في غزة أطلقت أكثر من 4300 صاروخ باتجاه إسرائيل، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية "غالبيتها".

وتبادل وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد اردان اتهامات الخميس بارتكاب "إبادة" بحق شعبيهما خلال جلسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي إنّ حماس "مثل النازيين، متورطة في إبادة الشعب اليهودي".

وقال الوزير الفلسطيني من جهته "كيف يتم الاعتراف لقوة الاحتلال بحقّها في الدفاع عن نفسها ويحرم الشعب تحت الاحتلال من هذا الحق؟ كيف يتسابق البعض لاصدار بيانات الادانة إذا قتل اسرائيلي واحد ويبقى صامتا على إبادة عائلات فلسطينية بأكملها؟".

ووجّهت منظمة الصحة العالمية الخميس نداء عاجلا لجمع سبعة ملايين دولار قالت إنها ضرورية "لتوفير استجابة طارئة شاملة في الأشهر الستة المقبلة" في أعقاب تصاعد العنف (...) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التركيز على الاحتياجات ذات الأولوية في قطاع غزة".

وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أنّ مجلس حقوق الإنسان سيجتمع الأسبوع المقبل في جلسة استثنائية بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وتتواصل منذ عشرة أيام التحركات الاحتجاجية في الضفة الغربية المحتلة تضامنا مع غزة. وتحوّلت تظاهرات خلال الأيّام الماضية إلى مواجهات بين الفلسطينيين والقوى الأمنية الإسرائيلية قتل فيها 26 فلسطينيّاً، في أكبر حصيلة في الضفة الغربية منذ سنوات.

كذلك يُسجّل توتر حادّ في القرى والمدن الإسرائيليّة المختلطة اليهودية العربية.

وتشهد مدن وعواصم عدة في العالم تظاهرات تضامناً مع الفلسطينيين.