ايلاف من القطيف: على مدار سنواتها العشرين، كانت إيلاف حريصة كل الحرص على إتاحة الفرصة لكل الكتاب والمفكرين وذلك عبر محاورتهم والنقاش معهم وحتى اتاحة الفرصة لهم بالكتابة في إيلاف. من هؤلاء الكاتب والمفكر السعودي توفيق السيف الذي كان له حوار قبل سنوات في إيلاف، اثار جدلًا واسعًا، تحدث فيه عن المواطنة الحقيقة والرابط الوطني أو الديني.

بمناسبة ميلادها العشرين، وضمن مشاركة الكتاب إيلاف هذه المناسبة، بارك الكاتب توفيق السيف هذا الميلاد وهنأ فريق إيلاف وعلى رأسهم ناشرها عثمان العمير.

إيلاف .. قصة رؤية صادقة

أبدأ بتوجيه التحية الى الصديق العزيز الأستاذ عثمان العمير، والى جميع الزملاء العاملين في صحيفة ايلاف، في عيدها العشرين.

أنظر اليوم اليها كتحد استطاع صانعوه ان يثبتوا انهم يسايرون الزمن، واتذكر الشهور الأولى من صدورها، حين كتب اكثر من شخص، ان الصحافة الالكترونية لن تستطيع ابدا ان تأخذ مكان الصحافة الورقية التقليدية. وجرد بعضهم قائمة أسباب بينها ان "الناس تحب رائحة الورق!" أو ان "القراءة ارتبطت بالورق، ولن يترك القراء الورق حتى يتركوا القراءة"، ومثله القول إن الصحيفة اليومية اعظم من فرقة عسكرية، وهذا لن يعوض بصحافة الانترنت ...الخ.

أتذكر هذه الآراء ، بينما تمر في ذاكرتي أسماء الصحف الكبرى التي توقفت اصداراتها الورقية ، بدءاً من كريستيان ساينس مونيتور الى الاندبندنت، والطبعة الدولية من وول ستريت جورنال، إضافة الى صحف عربية شهيرة مثل السفير والانوار البيروتيتين، والشرق والحياة السعوديتين، والنهار الجزائرية ...الخ.

لدي اعتقاد عميق بأن الصحافة الورقية شمس غاربة، ليس فقط بسبب التكاليف، وليس فقط لأن أدوات الانترنت باتت أقدر على ايصال الخبر في ساعته، بل لأن العالم يمر بتحول جذري لم يسبق له مثيل في تاريخه، يتضمن تغييرا في بعض المفاهيم التي تلعب دور أداة الفهم او مفتاح الفكرة، والتي نستعملها في فهم ذواتنا والعالم المحيط بنا.

احد تجسيدات هذا التحول هو تحول الفعل الثقافي الى تفاعل ثقافي، ودخول المتلقي كشريك في صنع الفكرة او تطويرها ، ومنه أيضا تحول الاطار الموضوعي للفكرة (ربما نسميه الافق التاريخي) من المحلي المتصل ماديا بالفرد، الى اطار عالمي او معولم. كلا العنصرين يجعل الصحيفة الورقية (وكافة وسائل التواصل التي يقتصر دورها على نقل الفكرة في اتجاه واحد) غير فعالة ، لانها غير قادرة على تلبية تطلعات انسان هذا العصر ، الذي يتحول سريعا في نفس السياق.

كان كارل ماركس يعتقد ان الأدوات الناقلة للثقافة، بل كل أداة جديدة يستعملها البشر، تلعب دورا في تحديد طبيعة الثقافة وموضوعاتها وأولوياتها. وأظن ان مانويل كاستلز هو أفضل من شرح دور الشبكة الدولية للمعلومات، اي الانترنت، في تشكيل ثقافة العالم الجديدة وتحديد طبيعتها واولوياتها وأدواتها ، على نحو مختلف تماما عما عرفناه حتى اواخر القرن العشرين.

مبروك لصحيفة ايلاف التي وفقت في التقاط الخيط الابيض، روح العالم الجديد، وركبت أمواج المغامرة التي ارتاب الكثيرون في عواقبها، وبرهنت على ان الفكرة الذكية تصنع الفرق.