كينشاسا: نجت غوما في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية الأحد من سيل الحمم المنحدر على سفح بركان نيراغونغو بعد توقفها عند مشارف المدينة التي عاد سكانها تدريجا إليها وهم قلون خصوصا من الهزات الأرضية الكثيرة.

وبعدما فر السكان بالآلاف ليلا إثر ثوران البركان قال احد أبناء المدينة إن "غالبية الناس عادوا أو هم بصدد العودة إلى ديارهم". لكنهم يراقبون عن كثب البركان الذي يطل على المدينة، ولم يسجل أي نشاط ملحوظ مساء.

وأضاف الرجل نفسه "لكن ثمة الكثير من المنكوبين من دون منازل، لقد خسروا كل شيء وهم في الطرقات وعددهم كبير... بالمئات".

وعند حلول الليل راح المئات يستعدون لتمضية ليلتهم في الشارع على فرش حملوها معهم لدى فرارهم وقد تجمعوا أحيانا ضمن مجموعات عائلية أو مع أبناء بلدتهم.

ورغم وعود الحكومة لم يتلقوا حتى الآن أي مساعدة إنسانية على كما يبدو.

وقال الناطق باسم الحكومة باتريك مويايا إنه ينتظر وصول وفد حكومي من كينشاسا إلى غوما مساء.

وبعد اجتماعين طارئين وعدت الحكومة التي تتابع "الوضع عن كثب" ب"تحرك أنشط. الأهم الان توفير المساعدة للنازحين" على ما أكد الناطق مساء الأحد معلنا عودة الرئيس فيليكس تشيسيكيدي إلى كينشاسا قاطعا جولته الأوروبية.

وتوقفت الحمم خلال الليل الماضي في بوهيني على مشارف شمال شرق غوما.

وقال الحاكم العسكري للمنطقة الجنرال كونستان نديما إن "المدينة نجت".

وغمر سيل الحمم الأسود الذي حمل معه الصخور والبالغ عرضه مئات الامتار، الكثير من المساكن.

وحاول أشخاص طمرت الحمم جزءا من منازلهم خلال النهار إخراج بعض مقتنياتهم مستخدمين المياه لتبريد الصخور البالغة السخونة التي تحيط بالأراضي.

وتوقف سيل الحمم على بعد مسافة قصيرة من مطار غوما.

وبلغت حصيلة القتلى 15 شخصا كانوا يحاولون الفرار: تسعة في حادث سير وأربعة سجناء قتلوا وهم يحاولون الفرار فيما عثر على جثتين متفحمتين على ما أكد الناطق الحكومي.

وتضررت 17 بلدة فضلا عن الطريق الرئيسي في المنطقة الذي يربط غوما بشمال الإقليم فضلا عن خط للتوتر العالي على ما أوضح مويايا الذي أسف لسقوط "خسائر في الممتلكات والسلع".

وقالت منظمة يونسيف إن "أكثر من 150 طفلا فصلوا عن عائلاتهم ويخشى أن يكون أكثر من 170 في عداد المفقودين".

ولم يسمح لسكان الأحياء الواقعة في "المنطقة الحمراء" أي الأقرب من سيل الحمم في شمال شرق غوما، بالعودة إلى منازلهم.

وخلال النهار عادت الحركة الطبيعية إلى شوارع غوما لكن هزات أرضية قوية أحيانا ضربت المدينة بانتظام وزادت بشكل مقلق اعتبارا من بعد الظهر وصولا إلى العصر. وشعر سكان كيغالي عاصمة رواندا المجاورة ببعض هذه الهزات.

وروى شخص أن ذلك "يثير الخوف في نفوس السكان فهي هزات قوية حتى المنازل المتينة تهتز".

وكان ثوران البركان أتى من دون انذار مسبق ما اضطر السلطات إلى إصدار الأوامر باخلاء المدينة. وهرب عشرات آلاف الأشخاص باتجاه المعبر الحدودي مع رواند جنوب غوما أو باتجاه الجنوب الغربي نحو منطقة ماسيسي.

وكان آخر ثوران كبير لبركان نيراغونغو حدث في 17 كانون الثاني/يناير 2002. وقد تسبب حينذاك بمقتل أكثر من مئة شخص وغطت الحمم خلاله الجزء الشرقي من غوما بأكمله بما في ذلك نصف مدرج المطار. وتدفقت الحمم بعد ذلك ببطء نحو المدينة التي قسمتها لتكمل مسارها إلى بحيرة كيفو.

ويشبه سيل الحمم الجديد كثيرا السيناريو الذي حصل قبل 19 عاما.

فمساء السبت نزل سيلان من الحمم شرقا في مناطق مأهولة باتجاه الحدود القريبة مع رواندا، وآخر باتجاه الجنوب وصولا إلى مشارف غوما ليلا.

وقال مصدر في الأمم المتحدة نقلا عن خبير براكين إن الثوران الأخير "شبيه تماما بما حصل العام 2002 فقد أتى من دون سابق إنذار".

تشهد غوما نشاطا بركانيا كثيفا، وهي تضم ستة براكين بينها نيراغونغو ونياموراجيرا اللذين تقع قمتهما على ارتفاع 3470 مترا و3058 مترا على التوالي.

وحدث أسوأ ثوران لنيراغونغو في 1977 وأسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص.

ولم يكن البركان يخضع للمراقبة منذ سبعة أشهر لغياب التمويل الحكومي لدعم مرصد البراكين المحلي على ما أفاد مدير هذه الهيئة.