القدس: أطاح تحالف متنوع من الأحزاب الإسرائيلية، مساء الأحد، ببنيامين نتانياهو بعد 12 عامًا متواصلة في الحكم، ليحل محله الزعيم اليميني المتطرف نفتالي بينيت، وذلك في تحول كبير في السياسة الإسرائيلية.

وصوّت 60 نائبًا لصالح الائتلاف الجديد المتنوع ما بين اليمين واليسار والوسط بالإضافة إلى حزب عربي، في حين عارضه 59 نائبًا معظمهم من حزب الليكود والأحزاب اليمينية المتشددة. وامتنع نائب واحد عن التصويت.

وخرج آلاف الإسرائيليين الى الشوارع في القدس وتل أبيب بعد نيل الحكومة الجديدة الثقة للاحتفال بالإطاحة بنتانياهو.

ويضم "ائتلاف التغيير" ثمانية أحزاب لكل منها أيديولوجيته الخاصة، ويأمل في إنهاء نحو عامين من الجمود السياسي في إسرائيل تخللتهما أربع انتخابات غير حاسمة. وهنأ الرئيس الأميركي جو بايدن نفتالي بينيت بالمنصب.

ووعد نتانياهو في كلمته أمام البرلمان قبل التصويت على الائتلاف الجديد، بالعودة الى قيادة البلاد "قريبًا"، معتبرًا أن "إيران تحتفل اليوم" بالحكومة الإسرائيلية الجديدة.

وأضاف أن بينيت وأصدقائه يمثلون "يمينًا مزيفًا" وأن الناس يعون ذلك جيدًا. وقال "إذا قُدّر لنا أن نكون في المعارضة، فسوف نفعل ذلك ورؤوسنا مرفوعة حتى نسقط هذه الحكومة السيئة ونعود لقيادة البلاد على طريقتنا. سنعود قريبا".

احتفالات بانتهاء حكم نتانياهو

وفي ميدان رابين في تل أبيب، احتفل معارضو نتانياهو بانتهاء حكمه وانطلقوا في مسيرة رافعين لافتات كتب عليها "وداعًا بيبي".

وقال تال سركيس (19 عامًا) "مشاعري مختلطة" بشأن التحالف القادم، لكنه "شيء تحتاج إليه إسرائيل". وبموجب الاتفاق المبرم بين ركني الائتلاف بيبنيت ومهندسه الوسطي يائير لبيد، سيتسلم بينيت رئاسة الحكومة خلال السنتين الأوليين، على أن يخلفه لبيد اعتبارًا من 2023 ولسنتين أخريين.

ووعد رئيس الوزراء الجديد بأن يمثل "ائتلاف التغيير إسرائيل برمتها". وشدد بينيت في مستهل جلسة البرلمان الإسرائيلي لمنح الحكومة الجديدة الثقة والتي شهدت صخبًا وانتقادات على أن "إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، رافضا إحياء الاتفاق النووي مع طهران.

وأشار الزعيم اليميني إلى أن "هذه الحكومة تبدأ عملها في ظل أخطر تهديد أمني"، مشددًا على أن بلاده "ستحتفظ بحرية تصرف كاملة" ضد طهران.

وشكّل لبيد الائتلاف الحكومي بالتحالف مع سبعة أحزاب، اثنين من اليسار واثنين من الوسط وثلاثة من اليمين بينها حزب "يمينا" القومي المتطرف برئاسة بيبنيت، وحزب عربي هو "الحركة الإسلامية الجنوبية".

انتقال سلمي للسلطة

وستتم مراسم التسليم الرسمي للحكومة الجديدة الإثنين في مكتب رئيس الوزراء. وتولى نتانياهو رئاسة الحكومة للمرة الثانية في 2009، بعد ثلاث سنوات في المنصب من 1996 إلى 1999.

ووصف نتانياهو الذي يواجه تهما بالفساد قد تنتهي به الى السجن، التشكيلة الحكومية بأنها "يسارية خطيرة". ودعا بينيت معلمه السابق نتانياهو إلى التنحي من دون مشاكل ليتذكر الإسرائيليون إنجازاته.

واتهم نتانياهو بينيت بـ"بيع النار في البلاد". كما رأى أن الائتلاف الناشئ "لا يعكس إرادة الناخبين" الإسرائيليين.

لكن حزبه الليكود وعد "بانتقال سلمي للسلطة" بعد أزمة سياسية استمرت أكثر من عامين وتخللها إما فشل في تشكيل حكومة واما ائتلاف حكومي استمر بضعة أشهر فقط.

ونتانياهو متهم بقضايا فساد أمام القضاء، ولن يتمتع بعد خروجه من السلطة بأي حصانة. وستواجه الحكومة الجديدة فور توليها السلطة تحديات عدة من بينها التوتر في الأجواء العامة، مثل مسيرة مثيرة للجدل لليمين المتطرف الثلاثاء قد تتوجه نحو الأحياء العربية في القدس الشرقية المحتلة التي تشهد منذ نحو شهرين احتجاجات.

وبعد إلغاء المسيرة أول مرة في العاشر من أيار (مايو) ومجددًا الخميس الماضي، سعى نتانياهو الى السماح بتنظيمها قبل التصويت الأحد وفق اتفاق محدد بين الشرطة والمنظمين. وتسبّب إصرار نتانياهو على تنظيم المسيرة باتهامه من جانب خصومه بتأجيج الوضع واتباع سياسة "الأرض المحروقة".

واندلعت الاحتجاجات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح في القدس لصالح جمعيات استيطانية.

وأدى ذلك إلى تصعيد دام مع حركة حماس في قطاع غزة استمر 11 يومًا وتسبب بمقتل 260 فلسطينيًا بينهم مقاتلون وبدمار هائل في القطاع المحاصر. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 13 شخصًا بينهم جندي.

وأنهى وقف إطلاق النار بوساطة مصرية المواجهات، لكن المحادثات من أجل هدنة دائمة لم تنجح وهذا ما سيشكل تحديًا آخر للحكومة.

وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم الأحد إن "سلوك هذه الحكومة على الأرض سيحدد طبيعة ومسار التعامل الميداني مع الاحتلال" مؤكدًا في الوقت نفسه على "مقاومة الكيان الاحتلالي وانتزاع حقوقنا منه بكل السبل وأشكال المقاومة وفي مقدمها المقاومة المسلحة".