كابول: لسنوات تجنب المتحدث الرئيسي باسم طالبان ذبيح الله مجاهد الظهور علنا حتى عندما كان يحشد مئات آلاف الأنصار على الانترنت وينشر تغريدات مباشرة لمستجدات عمليات التمرد.

لكن بعد أيام على استيلاء طالبان على كابول عقب انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، قدم ذبيح الله مجاهد نفسه علنا للمرة الأولى وذلك في مؤتمر صحافي مفاجئ في العاصمة الأفغانية.

للوهلة الأولى لم يبد الكثير مما يميز المتحدث باسم طالبان عن قياديها الآخرين. فهذا الجهادي الأربعيني يعتمر عمامة سوداء وقد أرخى لحيته السوداء وأبدى سلوكا متصلبا هو نتيجة عقود من الحرب.

واستهل تصريحاته قائلا "طردنا الأجانب".

هجوم خاص

قبل بضعة أيام أعلن مجاهد على منصات التواصل الاجتماعي اغتيال المتحدث الحكومي البارز داوا خان مينابال، وتفاخر بالقول إن مينابال "قتل في هجوم خاص نفذه المجاهدون".

والمتحدث باسم طالبان يجلس الآن في مقعد مينابال ويحاول تهدئة القلق إزاء إدارة طالبان للبلاد.

وقال مجاهد ردا على أسئلة من تبقى من وسائل الإعلام الأفغانية "كل من هم في المعسكر المعارض تم العفو عنهم بشكل تام".

وأضاف "نحن لا نسعى للانتقام".

لسنوات تصاعد الجدل حول ما إذا كان مجاهد شخصا واحد، واعتُبر اسمه بمثابة غطاء للجناح الإعلامي الواسع لحركة طالبان.

لكن مجاهد كان موجودا بالفعل ومرتاحا في ظهوره العلني الأول، وقدم تطمينات في بث مباشر نيابة عن مجموعة حظرت ذات يوم البث التلفزيوني.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت طالبان تتوقع أن تسامَح عقب اعمال العنف التي جاءت بالموت والخراب لمدن افغانية، لم يتهرب مجاهد من الإجابة.

دحر الاحتلال

واعتبر أن الخسائر ومهما كانت مدمرة، فإنها مستحقة.

وتابع "قوة محتلة هائلة دُحرت".

والحركة التي عرفت بحظر التلفزيون والإذاعة خلال حكمها الصارم في التسعينات، تكيفت مع طبيعة الإعلام الحديث الدائمة التغير، واستخدمته ببراعة لصالحها.

وكتب ريتشارد ستنيغل، المساعد السابق لوزير الخارجية في حكومة باراك أوباما، في مقالة في نيويورك تايمز "تدرك حركة طالبان أن حرب الإعلام هي الحرب الحديثة".

وأضاف "هم لا يحاولون بناء منصة جديدة، بل يحاولون الاندماج في المشهد القائم والهيمنة عليه".

ويُعتقد أن مجاهد يشرف على عملية علاقات عامة واسعة نسقت في السنوات الماضية عددا لا يحصى من البيانات الصحافية وطلبات إجراء مقابلات وأسئلة صحافيين.

والى جانب تواجده على وسائل التواصل الاجتماعي يدير مجاهد وفريقه شبكة مذهلة من مجموعات منصة واتساب، يرسلون عبرها معلومات محدثة للصحافيين.

ولا يعرف الكثير عن الأدوار السابقة للمتحدث باسم الحركة، لكن تأثيره على سلسلة انتصاراتها كان هائلا حتى عندما خرج متحدثون آخرون تولوا مزيدا من الأدوار العامة من جانب المكتب السياسي لطالبان في الدوحة.

تحت قيادة مجاهد تحكمت طالبان بالرواية العسكرية خلال الهجوم الأخير للحركة هذا الصيف، وكانت تقدم تفاصيل عن تحركات مقاتليها في وقت صمتت الحكومة إلى حد كبير.

ونصر طالبان كان يبدو محتما، وفق رواية المكتب الإعلامي لطالبان، في وقت استسلمت القوات الحكومية بشكل جماعي وغالبا من دون أي طلقة رصاص.

خلال الأيام العشرة الأخيرة للحرب، كان مجاهد يعلن سقوط كل مدينة جديدة بيد طالبان، في تغريدات على تويتر بات معها وزير الإعلام الفعلي في النزاع الذي كانت تكسبه حركته بسرعة.

ومع سيطرة الحركة الآن على السلطة سيكون أمام مجاهد مهمة جديدة، وهي إقناع الأفغان والمجتمع الدولي بأن طالبان قادرة على الانتقال من القتال إلى الحكم.

وقال مجاهد للصحافيين الثلاثاء "جميع الأمور يمكن حلها بالحوار".

وأضاف "نقدم لإخوتنا تطمينات. لدينا نفس البلد ونفس الأهداف".