إيلاف من لندن: بدأ مسيحيو العراق احتفالاتهم بعيد ميلاد السيد المسيح فيما دعا الكاظمي العراقيين الى التوحد والحوار بعيدا عن السلاح والكراهية بينما طالب الحكيم القوى السياسية الى المرونة في تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في كلمة خلال قداس أقيم في كاتدرائية ماريوسف وسط بغداد لمناسبة عيد الميلاد المجيد ليل الجمعة "في يوم الميلاد يتوقف صوت الحرب، ويجب علينا الاستمرار بصناعة الأمل، لقد خلق الله البشر شعوباً وقبائل وأدياناً، والعراق جامع لهذه المكونات العديدة، ويجب علينا أن نحافظ على هذا الإرث العراقي في التنوّع".
واشار الى انه لايعتقد "بوجود انسداد سياسي، أو في العمل السياسي، كانت هناك انتخابات وهناك تحديات نواجهها والآن هناك حوار، بعض الدول تتأخر فيها تشكيل الحكومات لمدة طويلة، لا يوجد خيار أمامنا سوى الحوار فهو الحل لبناء مستقبل يليق بالعراقيين بكل طوائفهم، ويجب أن يكون الحوار فرصة للأمل لا أن يتحول إلى عنصر تهديد وابتزاز، فالعراق يبنى عن طريق التفاهم.". ودعا الكاظمي العراقيين الى التوحد محذرا من ان الكراهية لا تبني دولة حقيقية معتبرا ان الحوار تحت السلاح والابتزاز غير مقبول كما اوضح في كلمته التي تابعتها "ايلاف " عبر قنوات محلية.
تنوع العراق الديني والثفافي مصدر قوة
واضاف الكاظمي "نحتفل بأعياد الميلاد المجيد التي أصبحت رمزاً لهوية وطنية عراقية عابرة، ويتحتم علينا أن نخلق هوية عراقية عابرة للطوائف والأديان، واليوم نحتفل بأيام الميلاد بوصفها أياماً للاحتفاء بالروحانية، والتسامح، والحياة حيث توحدُنا هذه الأيام المقدسة التي هي ذكرى لميلاد سيدنا المسيح، نبياً للمسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء".
واضاف الكاظمي قائلا "توحدنا سابقاً في مواجهة الإرهاب والتصدي للتنظيمات الإرهابية ونتوحد اليوم في إحياء يوم الميلاد المجيد، لقد شارك العراقيون بكل أطيافهم في مواجهة الإرهاب مسلمون ومسيحيون وكل الطوائف الأخرى ومن هذا المنطلق، زار قداسة البابا العراق (آذار مارس 2020) وكانت الزيارة مصداقاً على أهمية العراق الرمزية والروحية، وقد بعثت اهتمام العالم أجمع بالعراق كموطن للأديان، من إبراهيم (عليه السلام) إلى نبينا محمد (ص)".
عراقيون يحيون قداس ميلاد السيد المسيح في بغداد مساء الجمعة 24 كانون الاول/ديسمبر 2021
وخاطب العراقيين قائلا "هذا البلد وهو بلدكم يمثّل تنوعاً دينياً غنياً ورصيداً بشرياً وحضارياً وروحياً للعالم أجمع يمتلكُ ثروةً حقيقية، وهو التنوع الديني والثقافي الذي يمتلكه العراق، وينبغي للعراقيين جعله مصدر قوة، بعض الدول تنفق مليارات الدولارات من أجل خلق التنوع؛ لهذا علينا استثمار التنوع بما يدعم بمكانة العراق الوطنية والإقليمية والدولية".
لا يمكن تخيل هوية العراقيين بدون المسيحيين
وقال الكاظمي "لقد كان لحكومتي خلال العام ونصف العام التي تحملت خلالها المسؤولية أن تعمل على النهوض بجميع قوى المجتمع بمكوناتها الخيرة كافة؛ من أجل تدعيم مكانة العراق الإقليمية، فضلاً عن محاولة دعم النهضة الروحية والوطنية لأطياف المجتمع العراقي من أجل إرجاع التلاحم بين مكوناته، ومن أجل تدعيم مكانته الإقليمية والدولية". ونوه الى انه قد "كان لأهلنا المسيحيين وتكاتف رجال الدين والقيادات المسيحية مع المكونات الأخرى دور لا غنى عنه بأن تعمل يداً بيد من أجل تدعيم هذه المكانة".
وشدد بالقول "لا يمكن تخيل هوية العراقيين بدون المسيحيين ولا يمكنُ ذلك بدون المكونات الأخرى كافة من مواطني العراق وللأسف نسمع من يقول إن أعداد المسيحيين بالعراق في تناقص مستمر لهذا يجب أن نشجع المسيحيين على البقاء في العراق والمساهمة في بناء هذا الوطن، وبناء هويته الوطنية، وأن نواجه التحديات سوياً".
حركة دبلوماسية قوية
واشار الكاظمي الى ان "العراق قد شهد خلال هذه الفترة حركة وطنية ودبلوماسية قوية وذلك رغم التحديات الجسيمة التي واجهتها حكومتي من الجائحة والأزمة الاقتصادية والصراع الإقليمي والدولي" مبينا انه "ما كان لذلك أن يتمَّ لو لم يكن العراقيون متعاونين فيما بينهم ومساندين لجهود الحكومة ولذلك نجحنا في رفع اسم العراق، ووضع الخطوات التأسيسية الأولى للإصلاح الاقتصادي، وإجراء الانتخابات ناجحة ونزيهة في فترة قياسية، مضافاً إلى إطلاق مشاريع الإعمار والتعاون الاقتصادي مع دول المنطقة وتعزيزِ مكانة العراق إقليمياً ودولياً.
ونوه رئيس الوزراء الى انه قبل أسابيع تم رفع تصنيف العراق الائتماني درجتين، وهو ما يحدث للمرة الاولى منذ عام 2003؛ وهذه هي نتائج الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي التي بدأت تثمر.
الحكيم يدعو الى المرونة في تشكيل الحكومة الجديدة
ومن جهته قال رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم الذي حضر القداس ايضا انه يمكن تشكيل حكومة عراقية جديدة خلال اسبوعين مشدداً على ضرورة وجود برنامج حكومي خدمي لها.
الحكيم متحدثاً خلال حضوره في بغداد مساء الجمعة 24 كانون الاول ديسمبر 2021 قداس عيد الميلاد بكاتدرائية مار يوسف
وقال الحكيم في كلمة له "كلما أسرعنا بتشكيل الحكومة سنحقق مصالح الناس و نكون أمام فريق حكومي يدير البلاد وتوفير الخدمات وغيرها".. محذرا من ان تعطيل تشكيل الحكومة يؤدي الى ارتباك بمصالح الناس" .. مشدداً على "التعاطي بسعة صدر والاتفاق على خدمة الشعب وضرورة وجود برنامج حكومي يحقق خدمة الناس".
وأكد الحكيم في كلمته التي وزعها مكتبه الاعلامي وتابعتها "ايلاف" انه يمكن تشكيل الحكومة في غضون أسبوعين بالتعامل وفق المرونة المطلوبة وقال "نحن بحاجة الى رؤية تركز على المشتركات أكثر من الاختلافات".. منوها الى انه من المعيب ان نعجز عن إدارة الاختلاف وحل مشاكلنا فعلينا ان نبني عراقا واحدا ونكون بارعين في تطمين بعضنا بدلاً من الانقسام والثأر". ولفت الى ان "هناك مشتركات كبيرة مع أخوتنا المسيحيين في التعارف والتعاضد والحماية منذ ظهور الإسلام" .. مبينا ان "والعقيدة والتاريخ والمصالح المشتركة تجمعنا والهوية الوطنية تجمعنا تحت علم العراق".. مشددا بالقول "علينا الاعتزاز بالانتماء والتنوع كونه نعمة عظيمة من الله والمسيحيون في العراق هم جسرنا للعالم المسيحي".
الداخلية : نعمل لتوفير أجواء آمنة للمحتفلين
ومن جهته أكد وزير الداخلية عثمان الغانمي أن اجهزة وزارته تعمل على توفير الأجواء الأمنية المناسبة للمحتفلين برأس السنة الميلادية.
وقال الغانمي في بيان تابعته "ايلاف" انه "عندما تدق أجراس الكنائس في بلدي تعلن السلام وتعزف لحن الأمان، فسلام عليك أيها النبي عيسى في يوم مولدك المبارك وألف تحية للمسيحيين الذين عرفناهم محبين للحياة ونستذكر مواقفهم التاريخية التي جسدت معاني الشجاعة والتفاني".
وشدد بالقول "إننا سنعمل جاهدين على توفير الأجواء الأمنية المناسبة للمحتفلين في هذه الذكرى العطرة، مجدداً التهاني والتبريكات القلبية في أعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية".
الكنيسة العراقية الاقدم في العالم
يشار الى ان هجرة مسيحيي العراق من البلاد قد تسارعت بشكل كبير في أعقاب غزو العراق عام 2003 وما أعقبه من انتشار لمنظمات متطرفة شيعية وسنيّة حيث هاجروا إلى أوروبا وأميركا ودول أخرى هرباً من الاضطرابات الأمنية المتواصلة واستهدافهم من قبل تلك المنظمات والاستيلاء على ممتلكاتهم ومنازلهم بشكل ممنهج في أرجاء العراق خاصة في العاصمة بغداد بطرق وأساليب مختلفة شملت في بعض الأحيان مواقع دينية كالأديرة والمدارس القديمة.
وكان عدد المسيحيين في العراق عام 2003 يبلغ حوالي 1.8 مليون نسمة لكن عددهم تضاءل بنسبة 80 بالمائة بسبب استهداف الكنائس والمجتمعات المسيحية والتي شملت أعمال اختطاف وتعذيب وتفجيرات وقتل في جميع أنحاء البلاد فأنخفض عددهم حاليا الى حوالى 300 الف نسمة برغم ان الكنيسة العراقية واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم.
التعليقات