الأزمة السياسية - الاقتصادية اللبنانية تضر بسمعة حزب الله، وتضعه تحت ضغط شعبي، وتجهل شعبيته في تراجع مستمر، بحسب تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.

إيلاف من بيروت: كان جبران باسيل، زعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس اللبناني ميشال عون، هو من هاجم حزب الله، وقال إن ثمة "عواقب سياسية" لأفعاله، وهو يواصل منع اجتماع مجلس الوزراء.

ثم أدلى عون نفسه بتصريح مماثل قال فيه: "يجب إنهاء الانسداد غير المبرر والمتعمد والمنهجي الذي يفكك الدولة ويدفعها إلى الزوال". فمجلس الوزراء اللبناني لم يجتمع منذ أكتوبر الماضي.

التيار الوطني الحر بزعامة عون حليف لحزب الله في مجلس النواب اللبناني وانتخب رئيسا في عام 2016 بعد 29 شهرا من الجمود.

سرعان ما رد حزب الله على بيان عون بانتقاد باسيل الذي لديه تطلعات رئاسية عندما تنتهي ولاية عون العام المقبل، وأشار إلى أن باسيل قد يفقد دعمه.

في غضون ذلك، وقع عون الخميس على مرسوم رئاسي بالموافقة على إجراء الانتخابات التشريعية في 15 مايو 2022، بعد شهرين من الموعد الذي أراده البرلمان الحالي.

الانتقاد يتزايد

يتساءل الخبراء عما إذا كان قادة التيار الوطني الحر يعيدون بالفعل النظر في علاقاتهم بحزب الله في وقت قريب جدًا من الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2022، وماذا تقول هذه التصريحات الأخيرة حول الاستياء المتزايد من حزب الله في لبنان.

الانتقاد الموجه إلى حزب الله يتزايد بسرعة. كثير من الناس يتحدثون عنها بصوت عالٍ. الصحافة متشددة للغاية هذه الأيام، وهناك أيضا انتقادات يتم التعبير عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتحديد تويتر. في عام 2019، تم استهداف مكاتب حزب الله في النبطية، في قلب قاعدتهم الخاصة.

في الآونة الأخيرة، يبدو أن الاستياء يتزايد، بعد الانفجار في مرفأ بيروت. كما وعد نصر الله بحل أزمة الطاقة، لكن محاولته جلب سفن النفط من إيران باءت بالفشل. لم ينجح في فعل أي شيء له معنى.

لذلك، عندما يقول عون ما يقوله، فهو لا يتوجه إلى جهات أجنبية فحسب، لكن أيضًا إلى جمهور محلي غير راض عما يفعله حزب الله.

الأزمة أضرت بالحزب

يقول بيير عقل، وهو صحفي وباحث لبناني، إن الأزمة الاقتصادية والسياسية أضرت بسمعة حزب الله وشعبيته. يضيف: "أعتقد أن شعبية حزب الله انتهت. أنا أقدر اليوم أن أكثر من 80 في المئة من الناخبين ضده. بعد كل شيء، الشيعي اللبناني جائع مثل أي شخص آخر. حتى لو كان لديه أموال في البنك، فلا يمكنه سحبها، حيث لا يمكن للفرد سوى سحب ما يصل إلى 400 دولار شهريًا الآن. الناس فقراء، وعندما يذهبون إلى الصيدلية لشراء الحليب المجفف لأطفالهم لا يملكون الدولارات لدفع ثمنها، لأنهم ليسوا إيرانيين وليسوا من نشطاء حزب الله. كما اضطر حزب الله إلى قطع رواتب مقاتليه، لكنهم ما زالوا الوحيدين الذين يملكون المال. لذلك، ثمة صراع طبقي بين أغنياء حزب الله وأولئك الذين يفتقرون إلى كل شيء".

الانتخابات آتية، لذلك يصعب تصديق أن الكلمات ستلغي الولاءات والتحالفات السياسية. كما أن حزب الله ليس جزءًا من النخب اللبنانية التقليدية المسؤولة عن الأزمة الاقتصادية الحالية. هذه هي الصورة التي يريد الحزب الترويج لها. كما أن حزب الله عازم على منع خلاف مع المسيحيين، وهو ما يفسر "ردة الفعل المحدودة والمحسوبة بعد إطلاق النار في بيروت" في 14 أكتوبر الماضي، والذي قتل خلاله سبعة أشخاص خلال تظاهرة نظمتها جماعتا أمل وحزب الله الشيعيتان للمطالبة بإقالة طارق بيطار، القاضي الذي يحقق في تفجير مرفأ بيروت. وحمل حزب الله مسؤولية الحادث لقائد القوات اللبنانية سمير جعجع. لكن يبدو أن حزب الله غير مهتم بإشعال حرب أهلية في لبنان، ولا يريد تحمل مسؤولية دولة فاشلة.

اعتمد حزب الله لسنوات على الهياكل الاجتماعية والاقتصادية التي أنشأها في المناطق المأهولة بالشيعة من أجل زيادة شعبيته ودعمه بين قاعدته الفقيرة والمحرومة. تم إنشاء الجمعيات الخيرية والعيادات المجانية والمرافق التعليمية للأطفال في الأماكن التي أهملت من قبل سلطات الدولة لسنوات عديدة. وقدم الحزب قروضًا صغيرة من خلال ذراعه المالية، القرض الحسن. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، أتاح الحزب المساعدة للمجتمعات الأخرى، وليس للشيعة فقط.

مشكلة نقدية

مع ذلك، في الآونة الأخيرة، أدت الحقائق الاقتصادية القاسية في كل من إيران وسوريا والضغط من قبل الولايات المتحدة ضد الجماعة في أميركا الجنوبية إلى خلق مشكلة نقدية لحزب الله. يتساءل البعض عما إذا كانت الحركة ستكون قادرة على الاستمرار في تشغيل العديد من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للحفاظ على دعمها الشعبي.

لبنان يحتاج سبع ناقلات نفط كل 10 أيام، أي 30 ناقلة في الشهر. وقال عقل الذي يتخذ من باريس مقرا له ويتابع التطورات في لبنان عن كثب: "الحزب لم تعد يملك المبالغ المالية التي كان يتمتع بها من قبل".

يعتمد حزب الله بشكل كبير على الاقتصاد غير المشروع، أي عملية المخدرات التي يديرها مع السوريين. لذا، فإن المقربين من حزب الله يتمتعون ببعض المساعدات، بما في ذلك الوقود للمولدات والأدوية المدعومة والقروض وما إلى ذلك. بالطبع، هذه الإجراءات لن تحل المشكلة بالكامل. والخبراء متشائمون من تغيير محتمل في المعادلة السياسية في لبنان.

فمن يستطيع أن يقوم بثورة؟ فقط الشخص الذي تناول الإفطار في ذلك اليوم. سأكون مندهشا جدا إذا كانت التطورات الحالية ستغير الوضع بشكل كبير. حزب الله يفقد الدعم، لكن في الوقت الحالي، هذا لا يكفي للضغط عليه. يشعر عقل وكثير من اللبنانيين أن التصريحات الأخيرة لعون وصهره كانت مجرد نفاق.

مهمة بالفعل

يعتقد جوناثان سباير، الكاتب والمحلل والزميل في مركز Middle East Forum الأميركي للبحوث، أن تصريحات عون كانت مهمة بالفعل، حتى لو لم تحدث مواجهة فورية. إن استراتيجية "الحرس الثوري" المتمثلة في زرع حزب الله في الدول العربية بها عيب يؤدي إلى فشل اجتماعي واقتصادي. يتجلى ذلك في لبنان الآن، ومن الواضح أن عون يحاول عرض اتجاه مضاد لهذا الأمر، حيث يدعو إلى إصلاح العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت نفسه، لا يستطيع عون ولا غيره من غير المتحالفين مع قوات حزب الله أن يقدموا ولن يطرحوا تحديًا مباشرًا لمسارها الاستراتيجي الأساسي فيما يتعلق بوظيفتها كعنصر من عناصر الإستراتيجية الإقليمية الإيرانية".

في الوقت الحالي، ستكون الانتخابات النيابية في لبنان المقرر إجراؤها في العام المقبل أول تصويت منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في عام 2019. حاليًا، هناك القليل من اليقين بأنها ستتم كما هو مخطط لها وأن اللبنانيين الذين سئموا من الاقتصاد الفاشل والمعارك التي لا تنتهي بين السياسيين الفاسدين ستكون قادرة على الإدلاء بأصواتهم واختيار مستقبل أفضل.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.