إيلاف من لندن: رفض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بشدة الأربعاء محاولات مليشيات إشراك العراق في صراعات الخارج محذراً من أن ذلك سيجر المنطقة بأكملها إلى الفوضى.

وفي كلمة خلال اجتماع الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة مع قيادات الأجهزة الأمنية في محافظة ميسان (365 كم جنوب بغداد) التي وصلها رفقة وزيري الدفاع جمعة عناد والداخلية عثمان الغانمي فقد قدم في بدايتها التعازي إلى ذوي المغدورين القاضي أحمد فيصل الساعدي وضابط الشرطة حسام العلياوي اللذين اغتيلا قبل أيام منوهاً بالقول "نمرّ اليوم في ظروفٍ سياسيّة معقّدة جداً.. هذه المرحلة مفصليّة ومهمة، ولا يجوز لأحدٍ استغلال هذه الظروف لإشاعة الفوضى" كما نقل عنه مكتبه الإعلامي في بيان تابعته "إيلاف".
وشدد على جميع القوى دون استثناء، الأمنية والسياسية، والاجتماعيّة، بضرورة التحرّك السريع وتحمّل مسؤوليّاتها.. وقال إنّ "الفوضى لا ترحم أحداً، والجميع سيدفع الثمن، فعلينا أن نعمل معاً، ونتعاون لنصل إلى النتائج المرجوّة".


الكاظمي مجتمعاً الأربعاء 9 فبراير 2022 مع رئيس محكمة الاستئناف الاتحادية في محافظة ميسان الجنوبية (مكتبه الاعلامي)

لا تسامح مع المتجاوزين على الدولة
وأضاف الكاظمي قائلاً "نحن اليوم هنا في محافظة ميسان لنقول للمجرمين: ستنالون العقاب القاسي، ولا يعتقد أحد أن بإمكانه أن يعلو فوق القانون، أو يسعى إلى إشاعة الفوضى دون محاسبة".. موضحاً "اتخذنا إجراءاتٍ سريعة لمعالجة التداعيات الأمنية ووجهنا بتشكيل قيادة جديدة لعمليات ميسان، وسنعمل على إعادة وضع الخطة الأمنية لمعالجة الخروقات الحاصلة فيها".
وأكّد قائلاً "سأتابع شخصياً وضع المحافظة مع القيادة الأمنية المشتركة يوماً بيوم، وسيتم اعتقال جميع المجرمين وتسليمهم إلى القضاء، وإنزال أشد العقوبات بهم.. لا أحد فوق القانون، وليس مسموحاً لأحد أن يتجاوز الدولة ومؤسساتها".

دعم كامل للاجهزة ألامنية والقضائية
وتعهّد الكاظمي بتقديم كل الدعم للقضاء في ميسان وللأجهزة الأمنية، وكل ما تحتاجه القوات الأمنية من أجل استتباب الأمن وتنفيذ القانون.
وأضاف أنّ على المواطنين مساعدة القوات الأمنية والتعاون معها.. وناشد أبناء العشائرنا بأن لا يسمحوا للبعض ممن يسول له هواه أن يجرّهم إلى العصبيّة، والاصطفافات الخارجة بعيداً عن إطار الدولة.

لا لتصفية حسابات تتعدى حدود العراق
وأشار إلى ضرورة الالتفات إلى عدة أمور ومنها "رفضنا القطعي لاستثمار البعض للمشهد السياسي المحلّي، وتحويل البلاد إلى ساحة لتصفية حسابات تتعدى أحياناً حدود الوطن.. فالعراق لن يكون ساحة لتصفية الحسابات، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء".
ونوّه رئيس الوزراء إلى أن استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، والفوضى في العراق تعني تمدّدها في المنطقة، ولا أحد يرغب في ذلك.
وأشار إلى أنّ جرّ المشكلات إلى الداخل العراقي أو افتعالها في محافظة هنا أو هناك، أو إشراك العراق بمشكلات الخارج أمرٌ مرفوض جملةً وتفصيلاً".
وحذر الكاظمي من زجّ العراق في هذا الظرف الدقيق في أي مواجهات مماثلة، داخلية كانت أو خارجية قائلاً أن ذلك لا يعود بالنفع بل الضرر علينا جميعاً".
ويشير الكاظمي بذلك إلى تبني مليشيا "ألوية الوعد الصادق.. أبناء الجزيرة العربية" التابعة لكتائب حزب الله العراقية في الثالث من الشهر الحالي إطلاقها أربع طائرات مسيرة على دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد أكّد أيضاً رفضه الشديد لزجّ العراق بحرب إقليمية خطرة من خلال استهداف دولة خليجية بحجة التطبيع أو حرب اليمن.
وقال مقتدى الصدر في تغريدة على "تويتر" تابعتها "إيلاف" أنه "وبعد العنف المتصاعد في العراق من قبل جهات مسلحة إرهابية ضد مصالح الشعب والكتل السياسية سارع بعض الإرهابيين الخارجين عن القانون إلى زجّ العراق بحرب إقليمية خطرة من خلال استهداف دولة خليجية بحجة (التطبيع) أو بحجة حرب اليمن أو ما شاكل ذلك".
واعتبر الصدر أنّ "ذلك لا يكون بالعنف والاقتتال بل بالحوار والتفاهم مع الدول الإقليمية ولا يكون بتعريض المقدسات في العراق وشعبه للخطر فالعراق بحاجة للسلام والهيبة وعدم التبعية لأوامر الخارج".
وشدد على أنه "من المهم أن لا يكون العراق منطلقاً للاعتداء على دول الجوار والدول الإقليمية".. مشدداً على أنه "على الحكومة التعامل مع الفاعلين بجد وحزم وإلا فإنها ستكون مقصرة بل قد يتسبب سكوتها بما لا يحمد عقباه".

حماية الأسرة القضائية
ثم اجتمع الكاظمي اليوم أيضاً مع رئيس محكمة استئناف ميسان المحكمة الاتحادية في ميسان القاضي حيدر حنون زاير حيث شدّد على استقلالية عمل الهيئات القضائية وأشاد بشجاعتها في التصدي لقضايا الجريمة المنظمة، وكل ما يعكّر السلم الأهلي.
وقدّم تعازيه إلى الأسرة القضائية باستشهاد القاضي أحمد فيصل الساعدي، وجدّد تأكيده على تقديم الحماية الأمنية لها، وكلّ ما يسهل عمل القضاء المستقل، ويسهم في فرض كلمة القانون، وتقديم المجرمين إلى العدالة كما قال مكتبه الإعلامي.

اعتقال المتورطين بجرائم قتل
وتأتي زيارة الكاظمي إلى محافظة ميسان إثر تصاعد الاضطرابات الأمنية وعمليات الاغتيال والنزاعات المسلحة بين عشائرها خلال الأيام القليلة الماضية كان آخرها اغتيال القاضي أحمد فيصل الساعدي المختص بالتحقيق في قضايا المخدرات السبت الماضي وسط مدينة العمارة عاصمة المحافظة عندما أطلق مسلحون مجهولون 15 رصاصة عليه أمام مبنى كاتب العدل .


اعتقال متهمين بجرائم قتل وإرهاب ومخدرات بمحافظة ميسان الجنوبية الثلاثاء 8 فبراير 2022 (الإعلام الأمني)

وأدان المجلس الاعلى للقضاء العراقي الأحد بشدة حادثة إغتيال القاضي داعياً الكاظمي إلى إعادة تشكيل القيادة الأمنية المسؤولة عن أمن واستقرار المحافظة متهما القادة الأمنيين هناك بعدم تنفيذ أوامر القبض التي يصدرها القضاء ضد مرتكبي الجرائم هناك.

كما اغتيل مطلع الشهر الحالي ضابط في وزارة الداخلية وسط مدينة العمارة على يد مجهولين لاذوا بعدها بالفرار إلى جهة مجهولة. والضابط القتيل شقيق للقياديين في مليشيا عصائب أهل الحق وسام وعصام العلياوي اللذين اغتيلا بهجوم نفذه مجهولون على مقر العصائب في المدينة خلال أحداث احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.
وجاء مقتل حسام العلياوي بعد نحو ثلاثة أسابيع من اغتيال مسلم أبو الريش المتهم الرئيسي في اغتيال الشقيقين العلياوي.
وإثر ذلك وجه الكاظمي الأحد بفتح تحقيق فوري في عمليات الاغتيال الأخيرة ومحاسبة المقصرين من القادة الأمنيين ممن يثبت تماهلهم في متابعة حركة المجرمين والمشتبه بهم وعدم أداء واجباتهم أو تقاعسهم عن تنفيذ أوامر القبض ضدهم.
كما أمر بأعادة تشكيل قيادة عمليات المحافظة وكلفها بمهمة تولي القيادة والسيطرة على الأجهزة الأمنية كافة كما أناط باللواء الركن محمد الزبيدي مهام قيادة العمليات هناك.

وأمس قرر رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري إعفاء مدير أمن محافظة ميسان من منصبه فيما أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على 49 مطلوباً للقضاء في المحافظة متهمين بقضايا جنائية بينهم مطلوبين بتهم القتل العمد والإرهاب والمخدرات حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم أصولياً.