رانغون: قضت محكمة شكّلها المجلس العسكري الحاكم في بورما الأربعاء بسجن أونغ سان سو تشي خمس سنوات إضافية بتهمة الفساد، في إطار مجموعة قضايا جنائية قد يتم بموجبها سجن الزعيمة المدنية التي أطاحها الجيش لعقود.

ويحتجز الجيش سو تشي منذ أطاح انقلاب عسكري بحكومتها في شباط/فبراير العام الماضي في خطوة أحدثت فوضى في البلاد.

وفي آخر قضية، اتّهمت حائزة جائزة نوبل للسلام بقبول رشوى بمبلغ نقدي قدره 600 ألف دولار وسبائك ذهبية.

وبعد يومين من التأجيل، أصدرت محكمة خاصة في نايبيداو حكمها عند الساعة 09,30 (03,00 ت غ) الأربعاء.

وقال الناطق باسم المجلس العسكري زاو مين تون لوكالة فرانس برس "في ما يتعلّق بأخذ الذهب والنقود من يو فيو مين ثين، قضت المحكمة بسجنها خمس سنوات".

وأضاف "ستكون قيد الإقامة الجبرية. لا أعرف إن طلبت الاستئناف. يتم العمل بموجب القانون. إنها بصحة جيّدة على حد علمي".

وذكرت تقارير إعلامية محلية نقلا عن مصادر لم تسمها، أنها تنوي تقديم طلب استئناف ضد إدانتها بالفساد الأربعاء.

وما زالت سو تشي تواجه سلسلة اتهامات جنائية أخرى، بما في ذلك انتهاك قانون الأسرار الرسمية والفساد والتزوير الانتخابي، ويمكن أن يتم سجنها لأكثر من مئة عام إذا أدينت بجميع التهم.

وحكم على الزعيمة البالغة 76 عاما بالسجن ست سنوات بتهمة التحريض على الجيش، وخرق قواعد كوفيد وقانون الاتصالات، رغم أنها ستبقي قيد الإقامة الجبرية بينما تواجه اتهامات أخرى.

ولم تقدّم طلب استئناف ضد أي من هذه الإدانات.

ومنع الصحافيون من حضور جلسات الاستماع في المحكمة وحظر على محامي سو تشي التحدث إلى وسائل الإعلام.

وأجبرت سو تشي على التغيّب عن جلسات الاستماع على مدى ثلاثة أيام بعدما فرض عليها حجر صحي جرّاء إصابة أحد موظفيها بكوفيد.

وفي عهد النظام العسكري السابق، أمضت سو تشي فترات طويلة في منزل عائلتها في رانغون، كبرى مدن بورما.

واليوم، باتت معزولة في منطقة لم يتم الكشف عنها في العاصمة، بينما بات اتصالها بالعالم الخارجي يقتصر على اجتماعات مع محاميها تسبق المحاكمات.

وقال نائب مدير منطقة آسيا لدى هيومن رايتس ووتش فيل روبرتسون لفرانس برس "انتهت فعليا أيام أونغ سان سو تشي كامرأة حرة".

وأضاف "يعني تدمير الديموقراطية الشعبية في ميانمار (التسمية الأخرى لبورما) أيضا التخلص من أونغ سان سو تشي والمجلس العسكرية لا يترك شيئا للصدفة".

شجبت فرنسا "بأكبر قدر من الحزم" الحكم الجديد بالسجن الصادر في حق سو تشي "بعد إجراءات قانونية تعسفية".

ونددت المتحدثة باسم وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل بمحاكمة "ذات دوافع سياسية" و"خطوة جديدة نحو تفكيك دولة القانون" و"انتهاك صارخ جديد لحقوق الإنسان في بورما".

أشعل الانقلاب احتجاجات واسعة النطاق واضطرابات سعى الجيش إلى سحقها بالقوة.

وبحسب مرصد محلي، أسفرت الحملة الأمنية عن مقتل أكثر من 1700 مدني بينما تم توقيف حوالى 13 ألف شخص.

وكانت سو تشي تمثّل أمل بورما للانتقال إلى الديموقراطية على مدى أكثر من 30 عاما، لكن الحكم السابق القاضي بسجنها ست سنوات يعني بأنها ستغيب عن الانتخابات التي أعلن المجلس العسكري بأنه ينوي تنظيمها بحلول العام المقبل.

وأفاد المحلل المستقل المتخصص في الشأن البورمي ديفيد ماثيوسون أن المجلس العسكري يستخدم القضايا الجنائية لإخراج سو تشي من المشهد السياسي.

وقال لوكالة فرانس برس إن "هذه ليست إلا خطوة يائسة أخرى لترسيخ الانقلاب (...) إنها مدفوعة سياسيا بكل بساطة".

وتم توقيف العديد من حلفائها السياسيين منذ الانقلاب، بينهم وزير كبير حكم عليه بالسجن 75 عاما، بينما أجبر كثيرون على الاختباء.

وشكّلت مجموعة من النواب الذين أطيح بهم من حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية" حكومة موازية أطلق عليها "حكومة الوحدة الوطنية" في مسعى لضرب شرعية المجلس العسكري.

لكن "حكومة الوحدة الوطنية" لا تسيطر على أي أراض ولم تعترف بها أي حكومة أجنبية.

وظهرت "وحدات حماية الشعب" هي عبارة عن ميليشيات مدنية في أنحاء البلاد لقيادة المعركة ضد المجلس العسكري.

ويقول محللون إن الجيش البورمي المسلّح والمدرّب بشكل جيد تفاجأ بمدى فعالية "وحدات حماية الشعب" وواجه صعوبات في احتوائها في بعض المناطق.

ودعا قائد المجلس العسكري مين أونع هلاينغ إلى عقد محادثات سلام مع المجموعات العرقية المتمرّدة التي تأسست منذ زمن بعيد في مختلف أنحاء بورما والتي تسيطر على أراض واسعة وتخوض معارك ضد الجيش منذ عقود.

وتعاني بورما من اضطرابات منذ الانقلاب الذي أثار مخاوف المستثمرين الأجانب الذين تدفّقوا إلى البلاد بعد انتقالها إلى الحكم الديموقراطي عام 2011.