الرياض: تسبّبت العواصف الترابية المستمرة الثلاثاء في تعطيل الرحلات الجوية وإغلاق المدارس ودخول آلاف الاشخاص إلى المستشفيات في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط، في ظاهرة يرجح أن تزداد سوءا خلال السنوات المقبلة على وقع تأثير التغيرات المناخية.

وخيم الغبار وانعدام الرؤية على العراق والكويت والسعودية وإيران، في ظاهرة مترابطة يعزوها الخبراء إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر.

وغطت سحب الغبار الأصفر العاصمة الرياض ومناطق شرق وغرب البلاد في ظاهرة بدأت تنحسر مساء الثلاثاء، حسب ما أفاد المركز الوطني للأرصاد في المملكة الصحراوية.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية نقلا عن المركز توقّعه "نشاطًا في الرياح السطحية المثيرة للأتربة والغبار تؤدّي إلى شبه انعدام في مدى الرؤية الأفقية على المنطقة الشرقية وأجزاء من منطقة الرياض".

وأضافت "في حين يستمر تأثير العوالق الترابية التي تحد من مدى الرؤية الأفقية على أجزاء من مناطق القصيم (شرق) وحائل (شمال) والمدينة المنورة ومكة المكرمة (غرب) ونجران (جنوب)".

في الرياض، حجبت سحب الغبار الكثيفة الرؤية وبات من الصعب تمييز أبراج منطقة وسط الرياض ومن بينها برج المملكة العملاق من مسافة أقل من 500 متر. وغطّت طبقات الرمال الصفراء المباني والسيارات المركونة في الشوارع وأثاث المنازل، فيما طغت رائحة التراب على الأجواء، على ما أفاد صحافيو وكالة فرانس برس.

وباتت حركة السير بطيئة في الرياض بسبب صعوبة الرؤية. وحذّرت اللوحات الإلكترونية على الطرق السريعة السائقين إلى ضرورة خفض سرعتهم.

ولم يصدر عن السلطات السعودية أي قرارات بتعليق الرحلات الجوية حتى مساء الثلاثاء.

وقال عامل البناء الباكستاني كليم الله وهو يقوم بتركيب البلاط في مدخل أحد الأبنية في وسط الرياض "العمل في الخارج صعب جدا بسبب التراب ولكن يجب تسليم هذا المبنى اليوم".

وتابع الرجل الثلاثيني الذي لفّ قطعة قماش حول وجهه لتفادي الغبار "أحاول أن أغسل وجهي من فترة لأخرى".

ويعد السعودي عبدالله العتيبي أفضل حالا إذ يعمل في وظيفة مكتبية.

وقال العتيبي (39 عاما) وهو يفرك عينيه فيما يسرع لدخول بنايته "العواصف الترابية جزء من ثقافتنا واعتدنا عليها لكن بعضها يكون شديدا".

وعادة ما تتعرض السعودية لعواصف ترابية بين آذار/مارس وأيار/مايو مع تباين في شدتها وتأثيرها.

ومساءً، ذكرت قناة الإخبارية الحكومية أن أقسام الطوارئ في مستشفيات ومراكز الرعاية الصحية في الرياض استقبلت "1285 شخصا مصابين بأمراض الجهاز التنفسي الناجمة عن التعرض لموجات الغبار التي اجتاحت العاصمة".

تعرض العراق الإثنين لعاصفة شديدة هي الثامنة منذ منتصف شهر نيسان/ابريل. وأغلقت السلطات على الإثر المطارات والإدارات العامة وعلّقت الامتحانات في الجامعات والمدارس.

والثلاثاء، صفت الأجواء تدريجا في بغداد، غداة العاصفة التي حولّت السماء إلى اللون البرتقالي وتسببت في مشاكل في الجهاز التنفسي لدى 4 آلاف شخص تم إدخالهم إلى المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.

وتسبب الأتربة المصاحبة للعواصف الترابية مشكلات صحية جمة لمرضى الربو والحساسية والامراض الرئوية المزمنة وامراض القلب، وكذلك كبار السن والاطفال والحوامل.

وواصلت سبع من محافظات العراق الثماني عشرة تعليق الدوام الرسمي في الإدارات العامة لليوم الثاني تواليا.

كذلك ستبقى المدارس مغلقة في بغداد وفي الجنوب في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، وجرى تأجيل الامتحانات الجامعية المقررة الثلاثاء، على ما ذكرت وكالة الانباء العراقية الرسمية.

وخيم غبار رمادي الثلاثاء على الأجواء في المناطق الجنوبية غير البعيدة عن الحدود مع الكويت.

وفي الكويت، عطّلت السلطات الدراسة الثلاثاء بسبب سوء الأحوال الجوية واستمرار موجة الغبار "حرصا على مصلحة الطلاب"، حسب ما أفاد وزير التربية علي المضف في مداخلة على التلفزيون الرسمي مساء الاثنين.

وأوقفت السلطات الكويتية الإثنين حركة الطيران لنحو ساعة ونصف الساعة بسبب سوء الأحوال الجوية، قبل أن تسمح للطائرات بمواصلة الإقلاع والهبوط.

وأعلنت مؤسسة الموانئ الكويتية الإثنين ايقاف حركة الملاحة البحرية موقتا في موانئها الثلاثة نتيجة لسوء الاحوال الجوية.

وفي إيران، أغلقت الإدارات الحكومية والمدارس والجامعات الثلاثاء في الكثير من المحافظات بسبب "الطقس غير الصحي" والعواصف الرملية، على ما أفادت وسائل الإعلام الرسمية.

كذلك علقت بعض الرحلات الجوية في مطارات جنوب وجنوب غرب البلاد، على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.

وقال حسن عبدالله المسؤول في مركز "وسم" للأرصاد الجوية المتخصص في طقس المنطقة العربية إنّ العواصف الترابية باتت "أكثر قوة من قبل" متوقّعا استمرارها وتكرارها في شكل أكبر.

وأرجع ذلك إلى "تواجد تغيرات مناخية ينتج عنها زيادة عدد منخفضات البحر المتوسط واستمرار نشاطها لفترة أطول وانخفاض مستوى نهري دجلة والفرات وتفكك التربة بسبب تفاوت معدلات الامطار في شمال شرق سوريا والعراق".

وتوقّع أنّ تزداد قوة هذه التغيرات المناخية خلال السنوات المقبلة في المنطقة والتي يجب على السكان التأقلم معها، مشيرا إلى ضرورة "زراعة الأشجار بشكل افضل ومعالجة انخفاض مستوى نهري دجلة والفرات بشكل عاجل" لمواجهتها.