الماتي (كازاخستان): أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الأحد في كازاخستان في إطار استفتاء على تعديل دستوري يفترض أن يطوي صفحة عهد الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف الذي حكم البلاد مدى 30 عاما إلى أن هزّت سلطته تظاهرات وأعمال شغب.

وأغلقت آخر مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 15,00 بتوقيت غرينتش. وقبل ساعة من ذلك أعلنت لجنة الانتخابات أن نسبة المشاركة قاربت 68 %. وينتظر صدور نتائج موقتة مساء الأحد.

وشهدت الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة في وسط آسيا والغنية بالمعادن والموارد النفطية اضطرابات في كانون الثاني/يناير أوقعت أكثر من 230 قتيلا.

وكانت تلك أسوأ أعمال عنف شهدتها البلاد منذ استقلالها في 1991، وسبقتها احتجاجات سلمية على ارتفاع أسعار الوقود تطوّرت إلى صدامات بين قوات الأمن ومدنيين.

قبل تلك الاضطرابات، كان الرئيس قاسم جومارت توكاييف (69 عاما) يعد الذراع اليمنى لنزارباييف البالغ 81 عاما والذي تنحى في 2019 لكنّه احتفظ بنفوذ سياسي كبير.

وشكّلت الاضطرابات التي وقعت في كانون الثاني/يناير منعطفا، إذ يبدو أن توكاييف استفاد من الأزمة للتحرر من نفوذ سلفه والتخلص من بعض المقربين منه.

من شأن الاستفتاء على الدستور أن يعدل حوالى ثلث بنوده في كازخستان ويجرد خصوصا نزاباييف من لقب "زعيم الأمة" الذي يمنحه سلطات واسعة.

كذلك، يلحظ التعديل الدستوري منع مقرّبي القادة من تولي مناصب حكومية رفيعة المستوى، وهو تدبير يبدو أنه يستهدف خصوصا عائلة نزارباييف.

وبحسب توكاييف، يفترض أن يضع الاستفتاء حدا للنظام "السوبر رئاسي" الذي لطالما حصر النفوذ بيد نزارباييف.

ويتوقّع أن يؤيد المشاركون في الاستفتاء التعديلات. ولم تنظم أي حملة مناهضة للتعديل في هذا البلد السلطوي المعروف بقمع أي انتقاد.

وفي ألماتي كبرى مدن البلاد تشكلت طوابير أمام مراكز الاقتراع على ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

وقال أيان وهو طالب في الثامنة عشرة صوت للمرة الأولى إنه يؤيد إلغاء الوضع المميز الذي يتمتع به نزارباييف.

وأكد أن الرئيس السابق "يشغل حيزا في كتب التاريخ لكن كل المواطنين متساوون أمام الدستور".

لكن في العاصمة نورسلطان، أوضح بولات رجل الأعمال البالغ 46 عاما أنه لن يصوت "لأن الاستفتاء مجرد إجراء شكلي يهدف إلى تعزيز موقع السلطة الحالية".

ولا يزال الغموض يحيط بالأسباب التي أدت إلى أعمال الشغب في كانون الثاني/يناير وبالجهات التي تقف وراءها. وتسببت أعمال العنف بأضرار كبيرة في وسط ألماتي، علما بأن العاصمة نور سلطان التي سمّيت كذلك تيمّنا بالرئيس السابق في 2018 بقيت بمنأى منها.

واتّهم توكاييف "إرهابيين" بالسعي إلى الاستيلاء على السلطة وأعطى توجيهات للجيش بـ"إطلاق النار بهدف القتل" خلال الاضطرابات.

في الثامن من كانون الثاني/يناير اعتُقل الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في كازاخستان كريم ماسيموف، المقرّب من نزارباييف، بتهمة الخيانة بعد إقالته في أعقاب أعمال الشغب التي شهدتها البلاد، ما عزز التكهنات بصراع على السلطة.

بعد الأزمة، وجّه توكاييف انتقادات علنية لنزارباييف متّهما إياه بحماية "أثرياء" خلال عهده على حساب الشعب. وأوقف ابن شقيق الرئيس السابق، خيرت ساتيبالدي، في آذار/مارس واتُهم بالاختلاس.

لكنّ توكاييف نوّه في المقابل بإنجازات سلفه، أحد الكوادر السابقين للحزب الشيوعي. وعمل على تطوير البلاد الباردة والقاحلة والمليئة بالسهوب بالاعتماد على مواردها النفطية.

ويقيم كل من نزارباييف وتوكاييف علاقات وثيقة مع روسيا المجاورة، بالتوازي مع شراكات مع الغرب والصين.

وخلال أعمال الشغب طلب توكاييف من روسيا المساعدة، فأرسلت قوات لإعادة إرساء الأمن في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التحالف العسكري بقيادة موسكو.

ويؤكد الكرملين أن لا خلفيات سياسية لهذا التدخل.

ومنذ أزمة كانون الثاني/يناير، لم تسجل أي إطلالة علنية لنزارباييف، لكنه دعا في مقابلة أجريت معه الإثنين إلى التصويت لصالح التعديلات الدستورية.