طوكيو: ألقى أفراد عائلة وأصدقاء رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي نظرة الوداع عليه الاثنين في طوكيو بينما أشاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن به واصفا إياه بأنه كان "صاحب رؤية".

في الأثناء، أعلن الائتلاف الحاكم في اليابان فوزه في انتخابات جرت في أجواء خيّم عليها الحزن الأحد، بعد يومين من مقتل آبي بإطلاق النار عليه خلال تجمّع انتخابي.

ونقل جثمان آبي بعد ظهر الاثنين من منزل عائلته إلى معبد زوجوجي حيث سُجي لإلقاء نظرة الوداع عليه قبل جنازته الخاصة الثلاثاء. وستجري مراسم تأبين عامة له في موعد لاحق لم تقدم تفاصيل بشأنها بعد.

بلينكن

وصل بلينكن في زيارة سريعة لم تكن مقررة لليابان بينما يقوم بجولة آسيوية، لنقل تعازي وانشطن.

وسلّم رئيس الوزراء فوميو كيشيدا رسائل من الرئيس الأميركي جو بايدن موجّهة لعائلة آبي وقال "نحن أصدقاء. وعندما يتألم أحد الأصدقاء، يأتي الآخر لرؤيته".

وأضاف أن آبي "عمل أكثر من أيّ شخص آخر للارتقاء بالعلاقة بين الولايات المتحدة واليابان"، واصفا إياه بأنه "صاحب رؤية يملك القدرة على تحقيق هذه الرؤية".

وأعلنت وسائل إعلام تايوانية بأن نائب الرئيسة التايوانية وليام لاي قام أيضا بزيارة مفاجئة إلى اليابان لتقديم التعازي في اغتيال آبي، في خطوة من شأنها أن تثير حفيظة الصين.

ويعد لاي بذلك أرفع مسؤول حكومي تايواني يزور اليابان منذ قطعت الأخيرة رسميا علاقاتها مع تايبيه عام 1972 للاعتراف ببكين، بحسب عدة وسائل إعلام تايوانية.

ونقلت وكالة الأنباء المركزية الرسمية في تايوان عن النائب كيو كيو-وين (من الحزب الحاكم) قوله إن لاي ألغى برامج أخرى لإجراء الزيارة التي وصفها بأنها تمثّل "اختراقا دبلوماسيا".

تحتجز السلطات المتّهم بقتل آبي، وهو تيتسويا ياماغامي (41 عاما) الذي قال للشرطة إنه استهدف رئيس الوزراء السابق لاعتقاده بأنه ينتمي إلى منظمة معيّنة لم يُعلن عن اسمها رسميا بعد.

وذكرت تقارير إعلامية يابانية أنه يحمّل المجموعة التي وصفت بأنها منظمة دينية، مسؤولية الصعوبات المالية التي تواجهها عائلته نظرا إلى أن والدته قدّمت تبرّعات كبيرة لها.

والاثنين ذكرت "كنيسة التوحيد"، وهي حركة دينية عالمية تأسست في كوريا في خمسينات القرن الماضي، أن والدة ياماغامي عضو فيها.

وقال رئيس الكنيسة في اليابان توميهيرو تاناكا خلال مؤتمر صحافي تم تنظيمه على عجل في طوكيو "كانت تحضر مناسباتنا مرة كل شهر"، رافضا التعليق على مسألة التبرعات.

وأشار تاناكا إلى أن الكنيسة رُوعت إثر عملية قتل آبي "الهمجية" وأكد بأنها ستتعاون مع تحقيقات الشرطة.

ويعتقد بأن ياماغامي قضى ثلاث سنوات في سلاح البحرية الياباني وشاهد مقاطع مصوّرة على "يوتيوب" تعلّم من خلالها صناعة أسلحة نارية في المنزل مثل ذاك الذي استخدم في الهجوم، وفق ما أفادت مصادر مطلعة على التحقيقات الإعلام المحلي.

جرت الانتخابات الأحد رغم الاغتيال، بينما شدد كيشيدا على ضرورة تأكيد أن العنف لن يهزم الديموقراطية.

وفاز الائتلاف الحاكم المؤلّف من الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي ينتمي إليه آبي وحليفه "كوميتو"، بأكثر من 75 من أصل المقاعد الـ125 التي جرى التصويت لتجديدها الأحد، علما أنه كان يشغل 69 مقعدا في السابق، وفق منصات إخبارية وطنية.

وكان الفوز متوقعا قبل الاغتيال.

وينتمي الحزبان إلى ما باتت حاليا غالبية عظمى من الثلثين مستعدّة لتعديل دستور البلاد السلميّ. ولطالما سعى آبي لهذا التعديل من أجل الاعتراف بجيش البلاد وتعزيزه.

وقال كيشيدا للصحافيين الاثنين إن المقاعد التي فاز بها الائتلاف تمثّل فرصة لـ"حماية اليابان" واستكمال تحقيق إنجازات آبي الذي قالت وسائل إعلام يابانية إنه سيُقلد أرفع وسام في البلاد.

وتعهّد كيشيدا الذي تولى السلطة في أيلول/سبتمبر التعامل مع أزمات الجائحة والتضخم والمسائل المرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا. وسرت تكهّنات بشأن تعزيز شعبيته بعد هجوم الجمعة.

لكن نسبة المشاركة في الانتخابات ارتفعت بشكل ضئيل وما زالت تعد منخفضة وبلغت 52 في المئة، بحسب تقارير.

وانتُخب عدد قياسي من المرشّحات بلغ 35 امرأة، كما فاز بعض المرشّحين الخارجين عن المألوف لأول مرة، ينتمي أحدهم إلى حزب مناهض للقاحات.

وآبي متحدر من أسرة معروفة في عالم السياسة وكان أصغر رئيس وزراء سنا في البلاد بعد الحرب لدى توليه السلطة أول مرة عام 2006 عندما كان يبلغ 52 عاما.

وأثارت مواقفه القومية المتشددة انقسامات وخصوصا رغبته في تعديل الدستور السلمي، بينما واجه سلسلة فضائح تشمل اتهامات بالمحسوبية.

لكن آخرين أشادوا به خصوصا لاستراتيجيته الاقتصادية التي بات يطلق عليها اسم "Abenomics" وجهوده الرامية لتثبيت موقع اليابان في الساحة الدولية، بما في ذلك عبر إقامة علاقات وطيدة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.