أثينا: تحيي اليونان هذا الأسبوع الذكرى المئوية لما تعرفه باسم "كارثة سميرنا" (إزمير بالتركية) وهي المذبحة والنزوح الجماعي لمئات الآلاف من اليونانيين في أيلول/سبتمبر 1922 بعدما طردوا من تركيا المجاورة، في أحد الفصول الأشد إيلاما في تاريخ البلاد المعاصر.

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في نهاية الأسبوع الماضي بمناسبة الفعاليات المخصصة لهذا الحدث المحفور في الذاكرة الجماعية "منذ مئة عام فقد جسمنا الوطني قسما ثمينا منه في آسيا الصغرى في مأساة لا توصف".

استعادة أراضي

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918 ونهاية الحرب العالمية الأولى، حاول الجيش اليوناني استعادة أراضي آسيا الصغرى (السواحل الغربية لتركيا) التي خسرها منذ أكثر من 500 عاما وحيث كانت تقيم أقلية يونانية كبرى مع أقليات أخرى.

لكن في 1922، تسبب جيش مصطفى كمال أتاتورك في أكبر هزيمة لليونان وعانى السكان اليونانيون في الأناضول من تداعيات ذلك مع تعرضهم لتجاوزات وأعمال نهب وعمليات اغتصاب في القرى الواقعة على الساحل التركي.

في المقابل، في تركيا يحتفل بهجوم قوات أتاتورك الهادف لطرد الجنود اليونانيين على انه محطة مهمة أدت الى إعلان الجمهورية التركية.

من 13 إلى 17 أيلول/سبتمبر 1922، دمر حريق مدينة سميرنا ما أدى إلى طرد السكان اليونانيين من هذه المنطقة وقد وصلوا بأعداد كبيرة إلى اليونان.

أعلن 14 أيلول/سبتمبر يوم ذكرى وطنية لليونانيين الذين فقدوا في آسيا الصغرى. هذا الأسبوع، من المقرر إقامة معارض ومؤتمرات وعروض وحفلات موسيقية في هذه الذكرى المئوية لسنة 1922 التي تعد مفصلية في البلاد.

تقول رلى شاتزيجورجيو التي فرت جدتها من المذابح والدمار وحدها مع ثمانية أطفال، "نشأنا على قصص أجدادنا من آسيا الصغرى، ذكريات جنتهم المفقودة". كان يتم إرسال الرجال في معظم الأحيان الى مخيمات عمل قسري في تركيا.

وتعتبر هذه المسؤولة عن متحف حول الهيلينية في آسيا الوسطى في نيا فيلادلفيا، إحدى ضواحي اثينا حيث استقر اللاجئون اليونانيون أنه "بعد مئة عام، لا يزال الجرح مفتوحا. الألم الذي نقلته الأجيال السابقة لا يزال قائما".

بينهم العديد من التجار الذين نقلوا معهم الأفكار التقدمية والموسيقى الشرقية وخبراتهم ومطبخهم الأناضولي.

خلال إحصاء أخير في 1928، تم تسجيل 1,22 مليون لاجىء من آسيا الصغرى، خمس عدد سكان اليونان آنذاك.

بعدما كانوا في بادىء الأمر يقيمون في خيم في الشوارع، امام معبد قديم او مبان حكومية في اثينا، أعيد نقلهم الى منازل صغيرة متواضعة.

تروي ديسبينا موغويانيس السبعينية قصتها قائلة "كانت والدتي تبلغ من العمر ثماني سنوات حين وصلت إلى اليونان. قتل والدها أمام منزلها في فورلا (أورلا باللغة التركية) وتوفيت أختها الصغرى البالغة من العمر ستة أشهر أثناء الرحلة".

تضيف "في أثينا، كان الاستقبال المخصص لهم فاترا. كان ينظر الينا على اننا لاجئون +من أصول تركية+".

بعد حريق سميرنا، رسمت معاهدة لوزان عام 1923 الحدود بين اليونان وتركيا وأصدرت قرارا بتبادل السكان بين يوناني الأناضول وأتراك تراقيا (شمال شرق اليونان).

يقول يانيس غلافيناس وهو مؤرخ وأمين معرض "بعد عام 1922، لم تعد اليونان هي نفسها" مضيفا "اتذكر عام 1922" في متحف تكنوبوليس التابع لبلدية اثنيا، وهو مصنع غاز سابق كان يعمل فيه العديد من المنفيين.

يضيف أن "العواقب سياسية واقتصادية واجتماعية وديموغرافية".

لا تزال العلاقات بين أثينا وأنقرة متوترة. وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأسبوع الماضي بعدما اتهم اثينا بانتهاك المجال الجوي التركي "لدينا كلمة واحدة لليونان: لا تنسوا إزمير".

تقول رينا زالما التي تتحدر عائلتها من الأناضول إن "تصريحاته لا يمكن إلا أن تثير الحزن وتؤجج الحقد بين الشعوب التي كانت تعيش معا في السابق".

واضافت هذه السبعينية التي قامت بزيارة أرض أجدادها إن "التوترات يؤججها القادة. لكن الشعوب تتفهم وتحترم بعضها البعض".

لكن بالنسبة إلى ديسبينا موغويانيس فان زيارة آسيا الصغرى غير واردة.

تقول "هذه القصة تركت بصماتها علي طوال حياتي وعلى أولادي أيضا. لقد حملت أربعة أجيال ثقل هذه المأساة".