طهران: جرت الإثنين تظاهرات جديدة في إيران، وخصوصاً في طهران ومشهد، تنديداً بوفاة شابة إثر توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق"، فيما نفت الأخيرة مجدّداً أيّ مسؤولية لها في هذه الحادثة.
وذكرت وكالتا فارس وتسنيم الإيرانيتان للأنباء أنّ تظاهرة أقيمت مساء الأحد في سنندج عاصمة محافظة كردستان في شمال غرب إيران من حيث تتحدّر الشابة، فيما سارت تظاهرات أخرى الاثنين في جامعات عدة من العاصمة إيران.
وأعلنت وكالة فارس أنّه مساء الاثنين سار المئات في شارع الحجاب بوسط طهران، مردّدين "شعارات مناهضة للسلطات، وخلعت نساء الحجاب".
وأظهر شريط فيديو قصير نشرته الوكالة حشداً يضم عشرات الأشخاص بينهم نساء خلعن الحجاب وهتفن "الموت للجمهورية الإسلامية".
وقال وكالة فارس "اعتقلت الشرطة عدة اشخاص وفرقت الحشود بالهراوات والغاز المسيل للدموع".
وذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن تجمعاً مماثلاً جرى في مشهد أول مدينة مقدسة في البلاد (شمال شرق).
"ملابس غير ملائمة"
وفي 13 أيلول/سبتمبر، أوقفت الشابة مهسا أميني (22 عاماً)، المتحدرة من محافظة كردستان، في العاصمة طهران بحجة ارتداء "ملابس غير ملائمة"، على يد عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلّفة التحقق من تطبيق القواعد الإسلامية ومنها إلزامية وضع الحجاب في الجمهورية الإسلامية.
وتفرض "شرطة الأخلاق" على النساء في إيران قيوداً مشددة على الملبس، بينها منعهن من ارتداء معاطف قصيرة فوق الركبة أو سراويل ضيقة وسراويل جينز بها ثقوب، إضافة إلى الملابس ذات الألوان الفاقعة.
ودخلت الشابة في غيبوبة إثر توقيفها، وتوفيت الجمعة الفائت في المستشفى، بحسب قناة التلفزيون العامة وعائلتها.
موجة غضب
واعتبر ناشطون أن وفاة مهسا أميني "مشبوهة"، غير أن شرطة طهران أكدت الأسبوع الفائت عدم حصول أي "احتكاك جسدي" بين الشرطيين والضحية.
وأثارت وفاة الشابة موجة غضب في إيران. كما طلب الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي فتح تحقيق في الحادثة.
وبعد تظاهرة أولى السبت في مدينة ساغير، مسقط رأس مهسا أميني، احتشد حوالى 500 شخص في تظاهرة في سنندج، وفق وكالة فارس.
وأوضحت الوكالة أن "المتظاهرين أطلقوا شعارات ضد المسؤولين وحطموا زجاج بعض السيارات وأحرقوا حاويات قمامة"، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت "الغاز المسيل للدموع لتفريق" المتظاهرين وأوقفت عدداً منهم.
وذكرت وكالة فارس أن "العديد من المتظاهرين على اقتناع بأن مهسا قضت تحت التعذيب".
وفي العاصمة الإيرانية، أطلق طلاب حركات احتجاجية في جامعات عدة، بينها جامعتا طهران وشهيد بهشتي، مطالبين السلطات بـ"إيضاحات" بشأن وفاة الشابة، وفق وكالة تسنيم.
الشرطة تتنصل
ونفى قائد شرطة طهران الجنرال حسين رحيمي، مجدداً "الاتهامات الظالمة في حق الشرطة".
وقال "لم يحصل أي إهمال من جانبنا. لقد أجرينا تحقيقات (...) وكل الأدلة تثبت عدم حصول أي إهمال أو أي سلوك غير ملائم من جانب شرطيينا".
وأضاف "ما حصل حادث مؤسف ونأمل ألا نشهد يوماً مثل هذه الحوادث مجدداً".
وجدد رحيمي قوله إن الشابة خرقت قواعد اللباس، مشيراً إلى أن الشرطيين طلبوا من أقارب مهسا تزويدها بـ"ملابس محتشمة".
ويوم وفاتها، نشر التلفزيون الحكومي مقطع فيديو قصيراً من كاميرا مراقبة يظهر امرأة عُرّف عنها على أنها مهسا أميني تنهار في مركز الشرطة بعدما تحدثت معها شرطية.
وعلق والد الفتاة أمجد أميني على ذلك قائلاً لوكالة فارس الاثنين إن "الفيديو مجتزأ"، ومشيراً إلى أن ابنته "نُقلت بصورة متأخرة إلى المستشفى".
وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي السبت إن "مهسا كان لديها على ما يبدو مشكلات (صحية) سابقة"، و"أجريت لها عملية جراحية في الدماغ حين كانت في الخامسة من العمر".
لكنّ والد الضحية نفى هذه المعلومات، مؤكداً أن ابنته كانت "بصحة ممتازة".
وأُوقفت الشابة خلال زيارتها طهران مع عائلتها.
انتقادات دولية
وقد واجهت الشرطة الأخلاقية في الأشهر الأخيرة انتقادات بسبب استخدامها العنف في تدخلاتها.
وأعرب العديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية، عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة. ودعا الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي محمد خاتمي السلطات إلى "تقديم مرتكبي هذا العمل إلى العدالة".
والإثنين، دان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وفاة مهسا أميني، واصفاً ما تعرّضت له بأنّه "غير مقبول" وداعياً السلطات إلى معاقبة المسؤولين عن موتها.
من جهتها، اعتبرت فرنسا أنّ توقيف أميني وموتها في الاعتقال "صادمان للغاية"، داعية إلى "تحقيق شفاف لكشف كل ملابسات هذه المأساة"، وفق وزارة الخارجية.
التعليقات