إيلاف من بيروت: على الرغم من الهجمات الهائلة على البنية التحتية الأوكرانية الجارية منذ أيام، بدأ مروجون روس يشيرون إلى أنهم يفهمون في أعماقهم أن الكرملين يخسر الحرب. الرد هو محاولة التعبئة برسم صورة قاتمة ومخيفة لما قد تبدو عليه الهزيمة.
ردت روسيا على هجوم 8 أكتوبر الذي استهدف جسر كيرتش بضرب البنية التحتية الأوكرانية والمناطق المدنية، في شكل من أشكال العقاب الجماعي قد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب. أصبحت هذه الهجمات جديدة الآن لكن نطاقها الحالي واسع. في ليلة 12-13 أكتوبر وحدها، تعرضت أكثر من 40 مدينة أوكرانية للقصف بوابل من القذائف الروسية.
مع ذلك، لم تُحدث هذه الهجمات فرقًا ملموسًا في العمليات العسكرية. يستمر التقدم الأوكراني على جبهات خاركيف وخيرسون، كما حدث في الشهر الماضي، ما دفع بالعديد من المحللين إلى استنتاج أن استهداف روسيا للمدنيين والبنية التحتية هو علامة على خياراتها العسكرية المحدودة.
بعضهم يفهم
يبدو أن بعض الروس يفهمون ذلك. إلى جانب التهديدات الجريئة والدعوات لمزيد من الضربات على البنية التحتية المدنية، ثمة قدر متزايد من التعليقات التي تتناول عواقب الهزيمة. على وجه الخصوص، يتم التعبير عن هذه المخاوف في البرنامج الدعائي الأول في روسيا: أمسيات مع فلاديمير سولوفيوف، حيث تُصوّر الهزيمة على أنها كارثة تاريخية، وليس لروسيا وحدها. صرحت المخرجة كارين شاهنازاروف، حين اشتركت في البرنامج على الهواء في نهاية سبتمبر، بأن الغرب لا يفهم العواقب التي قد يعانيها إذا هُزمت روسيا. من وجهة نظرها، أحلام الغرب في مسيرات فخر المثليين في شوارع موسكو ستصاب بخيبة أمل، بدلًا من ذلك "سنرى تفككًا دمويًا لبلد مليء بالأسلحة النووية، وستكون عواقب ذلك غير متوقعة".
بالمثل، ذكر موقع ريا نوفوستي الروسي الرسمي للأنباء في مقال بعنوان "لا تستطيع روسيا تحمل الهزيمة"، أن الفوضى ستعم البلاد. كتب مؤلف المقال: "أي إضعاف سابق لروسيا كان مصحوبًا بنزاعات دموية على حدودها"، مشيرًا إلى الحرب الأهلية الروسية ما بعد القيصرية والصراعات داخل الاتحاد السوفياتي قيبل انهياره، وإلى إن الغرب سيسعى بلا شك إلى استغلال ضعف روسيا لإراقة الدماء.
ثورة المستنقعات
هذه موضوعات ثابتة في الدعاية في عهد بوتين. خلال الاحتجاجات الشعبية العفوية في 2011-2012، أخبر المروجون الروس أن تغيير السلطة سيؤدي حتمًا إلى "انهيار روسيا، وفوضى دموية، وحرب". قيل للسكان أن "ثورة المستنقعات" أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، التي سعت إلى تكرار انتفاضات ليبيا وسوريا في روسيا. ولتبرير التعبئة "الجزئية" في 21 سبتمبر، لعب بوتين مرة أخرى على وتر حساس: مخاوف الفوضى والتقطيع، معلنًا أن "هدف الغرب هو إضعاف روسيا وتقسيمها وتدميرها". تم توسيع هذا الموضوع منذ ذلك الحين لتوضيح النقطة التي مفادها أن الهزيمة كارثة جماعية.
يمكن الدعاية الروسية أن تبدو سخيفة للغرباء، وغالبًا ما تكون كذلك. الأكاذيب شفافة إلى درجة أن لا حاجة لدحض فردي. مع ذلك، فإن الأحداث، التي تصورها الكرملين، يمكن أن تكون محققة لذاتها. إن لم يفكر الغرب قبل عام 2022، أو 2014 على وجه الخصوص، في الحاجة إلى النصر على روسيا، فهو يفعل الآن. إن الرغبة في هزيمة روسيا هي الهدف الضمني لجهود معظم دول الناتو. لذا، فإن التهديد الذي يتهدد النظام والذي بدا مؤخرًا فقط ثمرة عقل فلاديمير بوتين الخصيب، يهدد الآن بالتحقق.
الويل للمهزومين!
ينعكس هذا الاتجاه بوضوح في مقال نشرته Readovka، إحدى قنوات Telegram الروسية الشعبية المؤيدة للحرب، تحت عنوان "الويل للمهزومين. ماذا يحدث إن هُزمنا". خلافاً للأساطير الدعائية السابقة، فإن بعض عواقب هزيمة روسيا موصوفة بعبارات واقعية تمامًا. يقول المقال إن الهزيمة تعني خسارة دونباس وشبه جزيرة القرم، وأن على روسيا "تسليم عدد كبير من الأشخاص للمحاكمة"، بمن فيهم "رجال الميليشيات والصحفيون" الذين يمثلون "الجزء الأكثر نشاطًا في البلاد". سيتبع ذلك نقص في المال والتكنولوجيا؛ ستضطر الدولة إلى الاعتراف بالذنب بسبب سلوكها السابق (بعبارة أخرى، حملة "إزالة النازية" سيئة السمعة)، وكذلك قبول عملية إنهاء الاستعمار، ما يعني الانسحاب من الأراضي التي يشير إليها الكرملين باسم قريب من الخارج.
يواجه الغرب والمعارضة الروسية مهمة معقدة: مساعدة المجتمع الروسي على تقبّل العواقب الحتمية للهزيمة، وأن هذه ليست رهيبة كما يقول المروجون (على الأقل بالنسبة للروس العاديين). كما يُذكر أن الدول التي تشن حروبًا عدوانية على جيرانها يجب أن تقبل أنها خسرت، وأن هذا ليس ذنب أحد بل ذنبهم. هذه ليست مجرد نزوة من المنتصرين، لكنها نتيجة طبيعية لجرائم عهد بوتين.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "موقع تحليل السياسة الأوروبية"
التعليقات