أشرف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على التدريبات السنوية لقوات الردع النووي الاستراتيجية في وقت تتزايد فيه حدة المواجهات بين روسيا والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ ثمانية أشهر.

وقال الكرملين إن التدريبات شهدت إطلاق صواريخ بالستية وصواريخ كروز. في المنطقة القطبية ومنطقة أقصى شرق روسيا.

وكانت الولايات المتحدة قد أُخطرت مسبقاً بالتدريبات وفقاً لبنود معاهدة "ستارت" الجديدة حول الحد من استخدام الأسلحة الاستراتيجية الهجومية وتقليص أعدادها.

وتأتي عمليات إطلاق الصواريخ هذه في وقت تزعم فيه روسيا بدون دليل أن أوكرانيا تخطط لاستخدام "قنبلة قذرة".

والقنبلة القذرة هي متفجرات ممزوجة بمادة مشعة، وقد رفضت الدول الغربية المزاعم الروسية على نطاق واسع باعتبارها مزاعم كاذبة.

وحذّرت كييف من أن المزاعم الروسية تشير إلى أن موسكو نفسها ربما تكون في طور التحضير لمثل هذا الهجوم.

وكانت آخر تدريبات نووية روسية قد أجريت قبل خمسة أيام من غزو أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن المسؤولين الروس بدأوا في "تحضير مجتمعهم" لاحتمال استخدام الأسلحة النووية. لكنه أضاف أنه لا يعتقد أن روسيا مستعدة لاستخدامها في الوقت الحالي.

وقبيل انطلاق التدريبات، أشار مسؤولون عسكريون أمريكيون في واشنطن إلى أن الروس كانوا يمتثلون، من خلال إبلاغهم الولايات المتحدة، للقواعد والالتزامات الخاصة بالحد من التسلح.

وتأتي هذه التدريبات أيضاً في وقت يجري فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) التدريبات السنوية للردع النووي، والتي أطلق عليها اسم "الظُهر الصامد"، في شمال- غربي أوروبا. وقال الحلف الدفاعي الغربي إن الطلعات الجوية التدريبية تشارك فيها 14 دولة وستستمر حتى يوم الأحد وهي تجرى فوق بلجيكا والمملكة المتحدة وبحر الشمال.

وتجري روسيا تدريباتها النووية على خلفية استمرار العمليات العسكرية في مناطق جنوبي وشرقي أوكرانيا.

وقد أرسلت روسيا قوات إلى مدينة خيرسون الجنوبية الرئيسية للمساعدة في الدفاع عن المدينة. وكانت روسيا قد احتلت خيرسون في الأيام الأولى من الحرب، لكنها تعرضت للضغط مؤخراً مع تقدم الزحف الأوكراني إليها.

وظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على شاشة التلفزيون الروسي ليقول إن هدف التدريب هو أن تمارس عناصر القيادة والسيطرة في الجيش تنفيذ "ضربة نووية هائلة على يد القوات النووية الاستراتيجية رداً على ضربة نووية من العدو".

رسم بياني يوضح عدد الرؤوس النووية الاستراتيجية الروسية
BBC

وقال الكرملين إن صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز "يارز" أطلق من موقع إطلاق في "بليستسك" الذي يقع على بعد حوالي 800 كيلومتر إلى الشمال من موسكو، كما أطلق صاروخ باليستي من طراز "سنيفا" من بحر بارنتس إلى موقع "كورا" البعيد للتجارب والواقع في إقليم كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا.

وأضاف الكرملين بأن كافة الصواريخ وصلت إلى أهدافها.

وبث التلفزيون الرسمي الروسي صورا لبوتين وهو يشاهد التدريبات عبر الفيديو.

وبُثت لقطات له وهو يدلي بتصريحات عبر رابط الفيديو لمؤتمر لأجهزة الاستخبارات الإقليمية والتي كرر فيها مزاعمه حول خطة أوكرانية لاستخدام قنبلة قذرة.

كما كرر مزاعم أخرى لا أساس لها من الصحة صدرت عن روسيا خلال الأشهر الأخيرة بشأن أوكرانيا، من بينها أن الولايات المتحدة حولتها إلى "أرض اختبار للتجارب البيولوجية العسكرية".

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف الأربعاء: "رأي الشخصي هو أن بوتين لن يستخدم الأسلحة النووية". وعلى نحو مستقل، أبلغ قناة تلفزيونية أمريكية أن الهجوم المضاد في الجنوب أعيق بفعل الأجواء الماطرة.

وفي خطاب إلى الأمة ألقاه في سبتمبر/ ايلول الماضي، قال بوتين إن بلاده تملك "أسلحة دمار متعددة" وسنستخدم "كافة الوسائل المتاحة لنا"، مضيفاً "أنا لا أخادع".

وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي معلقاً لبي بي سي على تصريحات بوتين: "إنها لحظة خطرة (في الحرب) لأن الجيش الروسي حُشر في الزاوية، ورد فعل بوتين- الذي يهدد باستخدام الأسلحة النووية- سيئ للغاية".

كم يبلغ عدد الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا؟

تُعتبر جميع الأرقام المتعلقة بالأسلحة النووية تقديرية لكن، وفقاً لاتحاد العلماء الأمريكيين، فإن روسيا تمتلك 5,977 رأساً نووياً- وهي الأدوات التي تشعل فتيل انفجار نووي- مع أن هذا الرقم يشمل حوالي 1,500 رأس نووي أحيلت على التقاعد ومن المقرر أن يتم تفكيكها.

ومن بين الـ 4,500 رأس نووي أو ما يقارب هذا العدد المتبقية، معظمها يعتبر أسلحة نووية استراتيجية- أي صواريخ باليستية أو صواريخ يمكن توجيهها إلى أهداف بعيدة المدى. وهذه هي الأسلحة التي ترتبط عادة بالحرب النووية.

أما الرؤوس النووية الأخرى فهي أصغر حجما، وأقل تدميرا، وهي تستخدم للأهداف الموجودة على مسافات قصيرة في ساحات القتال أو في البحر.

لكن هذا لا يعني أن لدى روسيا آلاف الرؤوس الحربية النووية طويلة المدى جاهزة للاستخدام الآن.

ويقدّر الخبراء أن يكون هناك في الوقت الراهن نحو 1,500 رأسا حربية نووية "منشورة"، بمعنى أنها موضوعة على قواعد ومنصات إطلاق الصواريخ والقاذفات أو على الغواصات في البحر.

وتمتلك تسع دول أسلحة نووية. هذه الدول هي: الصين، وفرنسا، والهند، وإسرائيل، وكوريا الشمالية، وباكستان، وروسيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة.

وتأتي الصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة بين 191 دولة موقّعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

إحصاءات بالسلاح النووي في العالم
BBC

ما هي الأسلحة النووية التكتيكية التي تمتلكها روسيا؟

الأسلحة النووية التكتيكية عبارة عن رؤوس حربية نووية صغيرة وأنظمة إطلاق مخصصة للاستخدام في ساحة المعركة، أو لتوجيه ضربة محدودة للعدو.

وهي مصممة لتدمير أهداف العدو في منطقة معينة دون التسبب في تداعيات إشعاعية واسعة النطاق.

وقد تصل القدرة التدميرية لأصغر سلاح نووي تكتيكي إلى كيلو طن واحد أو أقل (أي أن قوة الانفجار الناتج عنه تعادل ألف طن من مادة تي إن تي المتفجرة) وقد يصل حجم أكبرها إلى 100 كيلو طن.

أما الأسلحة النووية الإستراتيجية في أكبر من حيث القوة التدميرية ( قد تصل إلى 1000 كيلو طن) ويتم إطلاقها من مسافات بعيدة.

رؤوس حربية على واجهة العلم الروسي
BBC

على سبيل المقارنة فإن القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما عام 1945 كانت قوتها 15 كيلو طن.

وفقًا للاستخبارات الأمريكية تمتلك روسيا حوالي 2000 سلاح نووي تكتيكي.

يمكن تحميل الرؤوس الحربية النووية التكتيكية على أنواع مختلفة من الصواريخ التي تحمل عادة رؤوساً تقليدية مثل الصواريخ المجنحة وقذائف المدفعية.

ويمكن أيضاً إطلاق الأسلحة النووية التكتيكية من الطائرات والسفن مثل الصواريخ المضادة للسفن والطوربيدات وشحنات تفجير الأعماق.

تقول الولايات المتحدة إن روسيا صرفت مبالغ طائلة مؤخراً على هذه الاسلحة بهدف تحسين مداها ودقتها.