قدّر مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أن صافي عدد المهاجرين إلى المملكة المتحدة بلغ 504,000 حتى شهر يونيو/ حزيران من هذا العام، وهو أعلى رقم يسجل على الإطلاق.

ويعود هذا الارتفاع إلى دخول الأشخاص بصورة شرعية من خارج منطقة الاتحاد الأوروبي وإلى استئناف السفر بعد جائحة كوفيد.

ويعتبر استقبال اللاجئين من أفغانستان وأوكرانيا وهونغ كونغ من العوامل الأخرى التي ساهمت في الارتفاع.

وكانت الحكومة البريطانية قد وعدت بتقليص صافي الهجرة ـ وهو الفرق بين أعداد الأشخاص الذين يدخلون المملكة المتحدة وأعداد من يغادرونها.

وستكثف الأرقام التي نُشرت الخميس النقاش الدائر حول الدور الذي يلعبه العاملون من خارج البلاد في الاقتصاد البريطاني وسوق العمالة الأوسع- وذلك بعد أسابيع من صدور تصريحات لوزيرة الداخلية سويلا بريفمان قالت فيها إنها ترغب بإحياء الهدف الحكومي الذي تم تفويته مراراً والمتمثل في تخفيض صافي الهجرة إلى ما دون المائة ألف شخص.

وكان ذلك الهدف، الذي وضعه رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وساندته تيريزا ماي، قد أسقطه بوريس جونسون الذي قال إنه سيخفض من مستوى الهجرة بينما يعمل على ضمان حصول الشركات ومصالح الأعمال على المهارات التي تحتاجها.

وقالت بريفرمان إن الأرقام القياسية للهجرة "مفهومة" بالنظر إلى الظروف في أوكرانيا وأفغانستان وهونغ كونغ وإلى "كرم الشعب البريطاني".

وقالت أيضاً: "لكن الشعب يتوقع منا بحق أن نضبط حدودنا ونحن نظل ملتزمين بخفض الهجرة مع مرور الوقت".

وقالت بريفرمان إن المستوى الحالي من الهجرة يفرض ضغوطاً على توفير السكن وكذلك على الصحة والتعليم والخدمات العامة الأخرى.

من جانبها، أقرت وزيرة الداخلية في حكومة الظل إيفيت كوبر بوجود عوامل فريدة وراء أرقام هذا العام، لكنها قالت إن هناك أيضاً "دلائل حقيقية على سوء إدارة المحافظين لنظامي اللجوء والهجرة".

وقالت إن المحافظين "لا يملكون السيطرة" على النقص في المهارات أو حالات اللجوء عبر القوارب الصغيرة، وأردفت قائلة: "نحتاج إلى اتخاذ إجراء بخصوص هذا الأمر، وبدلاً من ذلك فإننا لا نرى إجراءً من جانب المحافظين".

وبالإجمال، فإن ما يقدر بـ 1.1 مليون شخص هاجروا إلى المملكة المتحدة حتى يونيو/ حزيران من هذا العام. وبعد طرح عدد أولئك الذين هاجروا، نجد أن عدد سكان المملكة المتحدة ارتفع بمقدار 504,000- وهو إجمالي صافي الهجرة. ويعتبر هذا رقماً قياسياً- فهو قفزة من ارتفاع بلغ أكثر من 330,000 شهده العام 2016، وهو العام الذي شهد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

مهاجرون يصلون إلى دوفر بالقوارب الصغيرة عبر القنال الإنجليزي
Getty Images
مهاجرون وصلوا إلى دوفر بالقوارب الصغيرة عبر القنال الإنجليزي

وبلغ عدد طلبات اللجوء، من بينها طلبات من وصلوا في قوارب صغيرة عبر القنال الإنجليزي، 73 ألفاً خلال الفترة حتى سبتمبر/ أيلول هذا العام- وهو رقم يؤكد على أن أولئك المهاجرين لا يمثلون سوى نسبة صغيرة جداً من مجمل أولئك الذين يصلون إلى البلاد في أي فترة معينة.

فقد تأثر الارتفاع في أعداد المهاجرين بوصول أشخاص من خارج الاتحاد الأوروبي- من بينهم 170 ألف شخص من أوكرانيا و 76 ألفاً من هونغ كونغ بموجب مشروع إعادة توطين الأشخاص الذين يعدون مواطنين بريطانيين.

وجاء حوالى 277 ألفاً للدراسة- مع تضاعف معدل تأشيرات الطلاب تقريباً عن العام السابق.

"مرتفع بصورة غير معتادة"

وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن رفع قيود السفر ربما تسبب بارتفاع أعداد الطلاب- وما زال من المبكر جداً القول ما إذا كان الارتفاع يمثل اتجاها طويل الأجل. كما أن الأرقام تجريبية في جانب منها حيث يحاول الخبراء إيجاد طرق أكثر تطوراً لإحصاء الأشخاص.

وقالت مادلين سامبشن، مديرة وحدة البحوث في مرصد الهجرة المستقل سياسياً بجامعة أوكسفورد: "أشارت جميع التنبؤات إلى أن الهجرة ستنخفض نتيجة لخطة الهجرة ما بعد البريكست، والتي قيدت بشكل كبير من الخيارات المتاحة أمام مواطني الاتحاد الأوروبي للانتقال إلى المملكة المتحدة- وبالتأكيد، فإن صافي الهجرة من الاتحاد الأوروبي يظل سالباً".

وأردفت قائلة: "لكن الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي ارتفعت، لأسباب لا تتعلق بالسياسات المصممة للحلول محل حرية الحركة بين دول الاتحاد الأوروبي".

وقالت سامبشن إن "المسارات الإنسانية لأوكرانيا وهونغ كونغ وعودة الطلاب الدوليين لعبت الدور الأكبر في زيادة مستويات الهجرة".

وأضافت أن "هذه المستويات العالية بصورة غير اعتيادية لصافي الهجرة نتجت عن مجموعة فريدة من الظروف في أعقاب الحرب في أوكرانيا والتعافي من أزمة كوفيد-19".

وختمت قائلة: "لا يمكننا أن نفترض بأنها تمثل "نمطاً طبيعياً جديداً" وسيكون من التسرع اتخاذ قرارات سياسية كبيرة استناداً إلى هذه الأرقام فقط".

سويلا بريفرمان
Getty Images
سويلا بريفرمان تقول إن الأرقام القياسية للهجرة "مفهومة"

"إهمال" اللجوء

وتظهر إحصاءات مستقلة نشرتها وزارة الداخلية أن رقماً قياسياً من الأشخاص يبلغ 143,000 شخص ينتظرون الآن قراراً حول طلباتهم باللجوء، بفضل التأخير في عملية اتخاذ القرار.

وينتظر حوالي 41,000 منهم بين سنة وثلاث سنوات صدور قرار بشأن طلباتهم، وفقاً لدراسة مستقلة.

وفي أحد الأمثلة على التأخير، تظهر أرقام جديدة أن 50 ألبانياً فقط من بين 7,219 ألبانياً وصلوا بواسطة القوارب الصغيرة حصلوا على قرارات بشأن طلباتهم للجوء.

وقال إنفر سولومون، رئيس مجلس اللاجئين، إن الأرقام تؤكد على الحاجة الملحة للتحرك من جانب الحكومة لتفعيل النظام.

وقال إن "هذه الإحصاءات تؤكد مرة أخرى إهمال الحكومة وسوء إدارتها لنظام اللجوء بسبب عدم الاستثمار في إيجاد نظام منسق وفعال".

وأضاف أن "عدد الرجال والنساء والأطفال الذين يعيشون الآن طي النسيان ارتفع بواقع 20 ألفاً خلال ثلاثة أشهر فقط".

وأردف قائلاً: "يتعين على الوزراء أن يشكلوا فريق عمل مختصا ويملك موارد جيدة من أجل تحسين عملية معالجة طلبات اللجوء، بهدف تقليل البؤس البشري وتخفيض التكاليف المتصاعدة لإسكان أولئك الذين ما زالوا على قائمة الانتظار".