واشنطن: يعوّل الرئيس الأميركي جو بايدن على تفاؤله لتحفيز الأميركيين في خطاب حال الاتحاد الثلاثاء، من خلال عرض الجهود والنتائج التي يحققها في مجال تعزيز اقتصاد الولايات المتحدة، وتمهيد الأرضية الملائمة لخوض الانتخابات الرئاسية مجددا في السنة المقبلة.
وبعدما أمضى العامين الماضيين في إدارة الخروج من تبعات الجائحة، وإنهاء عقدين من الحرب في أفغانستان، والرد الغربي على الغزو الروسي لأوكرانيا، والتوترات السياسية الحادة في واشنطن، يجد بايدن (80 عاما) نفسه مخوّلا الاحتفاء بالكثير مما حقّقه.
وقال الإثنين "أريد أن أتحدث الى الشعب الأميركي وأطلعه على حال الأمور، ماذا يحصل، وما أتطلع قدما للعمل عليه".
سيلقي بايدن خطابه في مبنى الكابيتول أمام حضور يشمل أعضاء الكونغرس بمجلسيه (النواب والشيوخ)، والغالبية العظمى من المسؤولين الكبار في الإدارة، إضافة الى جمهور عريض عبر شاشات التلفزيون، مدعوما بالأنباء عن استعادة اقتصاد البلاد عافيته من تبعات الجائحة، وتراجع البطالة الى مستويات هي الأدنى منذ عقود.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن بايدن "رئيس شديد التفاؤل".
الا أنه لن يكون بمقدور هذا التفاؤل أن يكون السمة الوحيدة للخطاب السنوي، اذ يأتي هذا العام بعد أيام من توتر مع بكين، إثر قيام سلاح الجو - بأمر مباشر من بايدن - بإسقاط منطاد صيني حلّق فوق الأراضي الأميركية، قالت واشنطن إنه مخصص للتجسس. ودفعت الأزمة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى إرجاء زيارة كان يستعد للقيام بها الى الصين، الى موعد غير محدد.
كما يأتي الخطاب بعدما أظهر استطلاعان للرأي أجريا في الآونة الأخيرة، أن أكثر من نصف الناخبين يرفضون ترشح بايدن لولاية رئاسية ثانية في 2024.
وأمضى بايدن نهاية الأسبوع في منتجع كامب ديفيد الرئاسي محاطا بكبار مستشاريه وكاتبي الخطابات الرئاسية للتدقيق في الكلمة التي يستعد لإلقائها.
وأكدت جان-بيار أنه على رغم أن كتابة الخطاب بدأت قبل أسابيع، سيتم إجراء تعديلات عليه "حتى اللحظة الأخيرة".
سيقف بايدن الى المنبر وفي جعبته بعض المؤشرات الجيدة الكفيلة بإضفاء صبغة إيجابية على خطابه.
فنسبة التضخم التي بدا قبل أشهر أنها قد تتحول الى تهديد وجودي لإدارة بايدن، آخدة في التراجع، ومئات المليارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين باتت تضخّ في برامج أقرت في الولاية الرئاسية الحالية، مخصصة لتحفيز التصنيع التكنولوجي وإصلاح البنى التحتية.
وأظهرت أرقام رسمية نشرت الجمعة، أن نسبة البطالة انخفضت الى أدنى مستوى لها منذ 50 عاما، ما دفع بايدن الى إبداء سعادته لأن "حال الاتحاد وحال الاقتصاد قويان".
ورغم أن بايدن لم يؤكد رسميا بعد ترشحه لولاية ثانية، يتوقع أن يوفّر له خطاب حال الاتحاد دفعا قويا في هذا الاتجاه، لاسيما وأنه يعتزم أن يتبعه بجولتين أقرب ما تكونان الى الحملات الانتخابية، وذلك بزيارته ولايتي ويسكونسن وفلوريدا الأربعاء والخميس.
وعلى رغم الإيجابيات التي سيحملها بايدن معه الى مبنى الكونغرس، يتوقع أن يجد تحت قبته بعض الصعوبات التي قد تعقّد العامين الباقيين من ولايته.
فعندما يبدأ الرئيس الأميركي خطابه، سيكون نصف أعضاء الكونغرس الجالسين في القاعة، وأبرزهم رئيس مجلس النواب كيفن ماكارثي الجالس خلفه مباشرة، من الجمهوريين المصمّمين على استخدام غالبيتهم الطفيفة والمستجدة في المجلس لعرقلة سياساته.
ومن الآن، ترتسم معالم أزمة حادة بين الإدارة الديموقراطية لبايدن والجمهوريين الرافضين رفع السقف الائتماني للبلاد، والذي عادة ما يكون خطوة إجرائية روتينية.
وتحذّر إدارة بايدن من أن تعنّت الجمهوريين قد تكون له تداعيات دولية كبرى، ويدفع الولايات المتحدة - أكبر اقتصاد في العالم - للتخلف عن سداد ديونها.
ويمكن لتوترات وعدم يقين من هذا القبيل، إضافة الى الشكوك المحيطة بمستقبل بايدن، أكبر الرؤساء سنّا في تاريخ البلاد، أن تكون من العوامل التي تعكس بعض التشاؤم في استطلاعات الرأي، اذ أظهر واحد أجرته مؤخرا شبكة "آي بي سي" التلفزيونية وصحيفة "واشنطن بوست"، أن 58 بالمئة من الديموقراطيين والمستقلين ذوي التوجه الديموقراطي، يرون أن على الحزب تقديم مرشح آخر الى الانتخابات الرئاسية في 2024.
وردا على سؤال بشأن عدم الرضا الذي تعكسه الاستطلاعات، أقرت جان-بيار بأن العديد من الناخبين لا يزالون قلقين من عدم الاستقرار الاقتصادي.
وقالت "هذه فترة معقدة جدا"، مشددة على أن خطاب حال الاتحاد سيكون "لحظة مهمة".
التعليقات