باب الهوى (سوريا): يتراجع الأمل بالعثور على أحياء الجمعة في تركيا وسوريا بعد أكثر من مئة ساعة على زلزال عنيف قضى فيه أكثر من 21700 شخص في إحدى أسوأ الكوارث في هذه المنطقة منذ قرن.

ودخلت قافلة أولى من المساعدة مؤلفة من ست شاحنات الخميس إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة في شمال غرب سوريا من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي على ما أفاد أحد مراسلي وكالة فرانس برس.

وأوضحت المنظمة الدولية للهجرة أن القافلة تحمل بطانيات وفرشاً وخيماً ومستلزمات طوارئ ومصابيح تعمل بالطاقة الشمسية لتغطية حاجات ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص.

"خيبة أمل"

إلا أن منظمة الخوذ البيضاء الدفاع المدني العامل في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، أعربت عن "خيبة أملها" معتبرة "إن المساعدات الأممية التي يجري الحديث عن دخولها لشمال غربي سوريا هي مساعدات دورية، وتوقفت خلال الأيام الأولى من الزلزال، والآن تم استئنافها".

وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن حول المساعدات العابرة للحدود.

وأعلنت الخارجية التركية أنها تعمل على فتح معبرين آخرين "مع المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة" دمشق "لأسباب إنسانية".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت الثلاثاء أن نقل المساعدات عبر معبر باب الهوى تأثر بتضرر الطرقات بسبب الزلزال.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غيبريسوس الخميس إنه "في طريقه إلى سوريا" بينما أعلنت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر مريانا سبولياريتش في تغريدة مساء الخميس وصولها إلى حلب في سوريا مشددة على أن "المجتمعات المحلية التي انهكتها سنوات من القتال العنيف باتت مشلولة الآن جراء الزلزال".

مواصلة جهود البحث

على جانبي الحدود، تهدمت آلاف المساكن. وتضاعف فرق الانقاذ والإغاثة الجهود بحثاً عن ناجين رغم انقضاء الساعات الاثنين والسبعين الأولى الحيوية فيما يزيد البرد الصقيعي من صعوبات الوضع.

وتمكن 130 عامل إنقاذ أرسلتهم دولة قطر من إخراج صبي في الثانية عشرة حياً من بين الأنقاض في مدينة نورداجي الريفية البالغ عدد سكانها 40 ألف نسمة والواقعة قرب مركز الزلزال في تركيا.

وينشط أيضاً مئات من عمال الإغاثة أتوا من ماليزيا وإسبانيا وكازاخستان والهند ودول أخرى.

ويتابع السكان المضطرون إلى المبيت في خيام أو سيارات وهم يبكون عمل المسعفين الذين يحاولون تحديد مكان ناجين محتملين بواسطة مسيّرات وكاميرات كشف تعمل بالطاقة الحرارية.

في مدينة أنطاكية جنوبا التي دمرها الزلزال قطع عمال مناجم مسافة ألف كيلومتر لتقديم المساعدة. وقد تسلح هؤلاء بمعاول ومجارف ومناشير تستخدم في المناجم وهم يحاولون مساعدة أشخاص عالقين تحت كتل الأسمنت والحديد.

وكانت جرافة تساعد في إزالة الركام عندما طلب منها المشرف على فريق عمال منجم زوغولداك قرب البحر الأسود، التوقف. وكان يحطم بمطرقته كتلة من الأسمنت وطلب غطاء بعدما عثر على طفل ميتاً في سريره. وقد حمل الوالد جثة الطفل الملفوفة بشرشف بين ذراعيه صامتاً.

نسيبة كولوبيجي أوغلو التي تمكنت من الخروج سالمة من سريرها مع ابنتها، فقدت ستة من أقاربها في الزلزال ولم تعد تأمل بالعثور عليهم أحياء.

وهي ممتنة لعمل المناجم، لكنها حانقة من الحكومة وتندد ببطء عمليات الاغاثة شأنها في ذلك شأن هاكان تنريوردي وهو من سكان مدينة أديامان في جنوب تركيا.

وأوضح هذا الأخير "نحن مجرحون في الصميم من أن أحداً لا يدعمنا".

وأضاف محمد يلديريم غاضباً "لم أر أحداً قبل الساعة 14,00 من اليوم التالي للزلزال" أي بعد 34 ساعة على أول زلزال موضحاً "لا دولة ولا شرطة ولا جنود. عار عليكم لقد تركتمونا لحالنا".

تفيد الأرقام الرسمية الأخيرة بأن الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 وتبعته أكثر من مئة هزة ارتدادية أسفر عن ما لا يقل عن 21719 قتيلا، 18342 في تركيا و3377 في سوريا.

وتخشى المنظمات الإنسانية خصوصاً انتشار وباء الكوليرا الذي عاد للظهور قبل فترة في سوريا.

مساعدات طارئة

وأرسل الاتحاد الأوروبي مساعدات أولى إلى تركيا بعد ساعات على الزلزال الاثنين. إلا انه لم يعرض إلا مساعدة محدودة لسوريا عبر برنماج المساعدات الإنسانية المعمول بها أساسا بسبب العقوبات الدولية المفروضة على هذا البلد منذ بدء الحرب فيه العام 2011.

والأربعاء طلبت سوريا رسمياً مساعدة الاتحاد الأوروبي وطلبت المفوضية الأوروبية من الدول الأعضاء تلبية هذا الطلب.

وزار المفوض الأوروبي لتنسيق مساعدات الاتحاد الأوروبي يانيش لينارسيتش، غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا للقاء مسؤولين فضلا عن منظمات إنسانية تنشط في شمال غرب سوريا على ما أعلنت المفوضية.

وأعلن البنك الدولي الخميس تقديم مساعدة قدرها 1,78 مليار دولار لتركيا فيما كشفت واشنطن أنها ستخصص 85 مليوناً لتركيا وسوريا. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أيضاً الرفع المؤقت لبعض العقوبات المفروضة على سوريا بهدف نقل المساعدات بأسرع وقت ممكن إلى السكان المنكوبين.

وخصصت فرنسا مساعدة طارئة للشعب السوري بقيمة 12 مليون يورو. من جهتها أعلنت لندن الخميس مساعدة مالية إضافية قدرها 3,4 ملايين يورو على الأقل لتصل مساعدتها الإجمالية إلى 4,3 ملايين يورو مخصصة للخوذ البيضاء.