تم الاعلان في بغداد عن اتجاه إجراء أول تعداد شامل للسكان منذ 25 عامًا خلال العام الحالي، لكن شكوكا تثار حول ذلك بسبب الخلافات السياسية التي اعاقت إجراؤه منذ عام 2010.

ايلاف من لندن: خلال ترؤس رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني اليوم اجتماعاً للمجلس الأعلى للسكّان، تم إقرار الوثيقة الوطنية للسياسات السكّانية المحدّثة، المقدّمة من المجلس الوزاري للتنمية البشرية. ومؤخرا، أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن عدد سكان البلاد لعام 2022 بلغ 42 مليونا و248 ألفا و883 نسمة، بمعدل زيادة سنوية بلغت 2.5 في المئة.

موظفو احصاء عراقيون يتدربون في 19 مارس 2015 على اجراء التعداد العام للسكان

محاولة اجراء التعداد السكاني هذا العام

شدّد السوداني على ضرورة بذل أقصى الجهود لإجراء التعداد السكاني التنموي خلال هذا العام، ووجّه بتهيئة كل الإمكانات والمتطلبات البشرية والفنية والمالية واللوجستية المطلوبة لإنجاز هذا التعداد، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".

وأشار إلى أن الحكومة تعوّل على أهمية إجراء التعداد في تنفيذ السياسات الحكومية وتحقيق أهداف البرنامج الحكومي، فضلاً عن أهميته في إعداد الخطط المستقبلية التي تساعد في تنمية المجتمع ونهضته.

وشهد الاجتماع مناقشة الإجراءات التي اتخذها الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، ومتطلبات تنفيذ التعداد العام للسكان، والأدوار المتوقّعة من الوزارات الأخرى ذات العلاقة.

وأطلع المجلس على قرارات الجلسة الرابعة للمجلس العربي للسكّان والتنمية، وجرى التأكيد على أن يكون التعداد ضمن التوصيات الدولية ومبادئ الأمم المتحدة العشرة، وكذلك الاسترشاد بالستراتيجية العربية للتخطيط السكّاني.

وتشير مصادر عراقية الى ان التعداد السكاني سيكلف الدولة في حال اجرائه 100 مليون دولار.

خلافات سياسية عرقلت اجراء التعداد

منذ عام 2010، عرقلت الخلافات السياسية اجراء تعداد سكاني جديد في العراق. فلم يتوصل اجتماع للقادة السياسيين في أواخر ذلك العام الى تحديد موعد لإجراء الاحصاء السكاني. بدلا من ذلك، قرر تشكيل لجان لكل محافظة فيها مشاكل تعيق اجراء التعداد السكاني وخاصة محافظتي كركوك ونينوى الشماليتين اللتين تضمان خليطًا من قوميات عربية وكردية وتركمانية ومكونات مسيحية، بعد ان هددت هذه المحافظتان بمقاطعة الإحصاء في ما لو اجري في موعد لم تتفق عليه جميع الكتل السياسية.

كان من أبرز الخلافات التي اعاقت التعداد عدم الاتفاق حول ما اذا يبج الاشارة الى قومية الشخص ومذهبه في استمارة التعداد التي يديب عليها المواطن حيث لم يتم اي اتفاق على ذلك لحد الآن.

على الرغم أن المحكمة الاتحادية أكدت في رأي لها الفصل بين التعداد السكاني العام وإجراءات الإحصاء في مدينة كركوك في نطاق إجراءات المادة 140 حول المناطق المتنازع عليها إلا أن هذا التفسير لم يقنع عرب وتركمان كركوك الذين أكدوا مقاطعتهم للإحصاء في حال تم تنفيذه بمعزل عن تطبيق قرارات سابقة أبرزها تشكيل لجنة تقصي الحقائق في المدينة عن عمليات تغيير سكاني قام بها الأكراد في المدينة منذ عام 2003.

كما تتخوف طائفة الصابئة المندائيين من أن "يسجل الإحصاء السكاني المقبل نهاية لمكون الصابئة المندائيين الذين يعتبرون من أقدم سكان العراق". وكان عددهم في العراق أكثر من 300 ألف نسمة، لكن المتبقي منهم داخل البلاد حاليا لا يزيدون عن 30 ألفًا فقط . كما ترى طائفة الشبك (تعيش في سهل نينوى وتنحدر من أصول فارسية نزحت إلى العراق قبل أكثر من ألفي عام) انها تتعرض للإنهاء حيث أجبر الآلاف من أبنائها على التسجيل في سجلات النفوس بأنهم أكراد تحت وسائل مختلفة من الضغط على حد قول افراد منها.

الأول منذ 25 عامًا

اذا جرى الاحصاء السكاني الجديد هذه العام فأنه سيكون الاول منذ 25 عاما حيث كان آخر تعداد قد اجري عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات اقليم كردستان الثلاث خارج سيطرة الحكومة ولذلك فأنه ييجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003 .

جرت محاولات عدة بعدها لإحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية حوله وطبقا للدورة الاحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 الا انه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم إلى عام 2010 ثم عام 2019 الى وقت لم يحدد بسبب مخاوف من تسييسه .

منتظر ان يحدد التعداد في حال اجرائه عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا الى النزوح داخل العراق خلال سنوات الحرب مع الارهاب. كما سيكشف التعداد عن عدد السكان الذين يعيشون في اقليم كردستان العراق الامر الذي سيحدد حصته في ايرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 14 في المئة. واذا وجد التعداد ان الاكراد يمثلون النسبة الاكبر من العدد الاجمالي للسكان فان الدستور ينص على حصول الاقليم على مزيد من الاموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي.

منتظر ان يظهر التعداد التركيبة الدينية للعراق ذي الاغلبية المسلمة لكنه سيتعمد الا يسأل السكان عن مذهبهم حيث تؤكد وزارة التخطيط انه بالنسبة للديانة.. الشخص عندما يُسال يقول مسلم.. مسيحي.. يزيدي.. صابئي لكن لا يقول سني او شيعي .. فلا تتضمن استمارة التعداد سؤال عن المذهب لان الامر حساس جدا.

مكونات العراق القومية

كان أول تعداد لسكان العراق قد جرى في عام 1934 حيث بلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين ليبلغ سبعة في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق.

وبينما تم تأجيل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران، فإن آخر تعداد أجري في عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونا.

منذ ذلك العام، لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية.