موسكو: أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء أن روسيا علّقت مشاركتها في المعاهدة الروسية الأميركية "نيو ستارت" بشأن نزع السلاح النووي، ما يفاقم القطيعة مع الغرب الذي تتهمه موسكو بتصعيد الحرب في أوكرانيا.

واستدعت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء السفيرة الأميركية في موسكو لين ترايسي لتسليمها طلبا للولايات المتحدة بسحب "جنود وعتاد" حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية.

وفي خطاب للأمة يذكر بزمن الحرب الباردة، تعهد بوتين أيضاً مواصلة هجومه العسكري بطريقة "منهجية" في أوكرانيا.

من جهته، تعهّد رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندري ييرماك الثلاثاء أن تقوم أوكرانيا بـ"طرد ومعاقبة" روسيا.

كذلك، ندّد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان ب"سخافة" خطاب بوتين المعادي للغرب.

"غير مسؤول"

وجاء خطاب بوتين عن حال الأمة قبل ساعات من خطاب آخر للرئيس الأميركي جو بايدن الموجود في بولندا بعد زيارة غير مُعلنة لأوكرانيا الإثنين حيث وعد الأوكرانيين بمزيد من الأسلحة.

لكن خطاب بوتين كان له وقع كبير، خصوصاً وأنه أعلن تعليق مشاركة موسكو في آخر معاهدة لمراقبة الأسلحة بين أكبر دولتين نوويتين في العالم، روسيا والولايات المتحدة، وهدّد بإجراء تجارب نووية جديدة إذا قامت واشنطن بذلك أولاً.

وقال الرئيس الروسي "يريدون إلحاق هزيمة استراتيجية بنا، ومهاجمة مواقعنا النووية، ولهذا السبب بات واجبا علي أن أُعلن أن روسيا ستعلّق مشاركتها في معاهدة (نيو) ستارت".

ويعدّ هذا الاتفاق الذي وُقع في العام 2010 آخر اتفاق ثنائي من نوعه يلزم القوتين. وكانت روسيا قد أعلنت في بداية آب/أغسطس تعليق عمليات التفتيش الأميركية المخطّط لها في مواقعها العسكرية في إطار الاتفاق، مؤكدة أنّ هذه الخطوة جاءت ردا على العراقيل الأميركية أمام عمليات التفتيش الروسية في الولايات المتحدة.

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن قرار روسيا تعليق معاهدة خفض الأسلحة النووية مع واشنطن "مؤسف للغاية وغير مسؤول"، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة ما زالت مستعدة للحوار بشأن هذه القضية.

كذلك، انتقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ روسيا لتعليق مشاركتها في المعاهدة قائلاً "آسف لقرار روسيا اليوم تعليق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت".

ضمان "أمن" روسيا

وبعدما أكّد بوتين أن هدفه ضمان "أمن" روسيا، تعهّد تحقيق أهداف هذا الهجوم "خطوة بخطوة وبعناية ومنهجية"، رغم أنّ القوات الروسية مُنيَت بسلسلة انتكاسات عسكرية في الأشهر الأخيرة.

وفي السياق، قال المناطق باسم القيادة الإقليمية الجنوبية للجيش الأوكراني فلاديسلاف نزاروف عبر تلغرام إن "العدو ضرب مبانيَ سكنية وبنى تحتية حيوية أثناء خطاب بوتين".

وأضاف بوتين أنّ الغرب يريد "إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا مرة واحدة وإلى الأبد"، متهما واشنطن وحلفاءها الأوروبيين بتحمّل "مسؤولية تأجيج النزاع الأوكراني و(سقوط) ضحاياه".

وتابع "ولكنّ لا بد أنهم يعرفون أنّه من المستحيل هزيمة روسيا في ساحة المعركة"، قبل أن يشكر "كل الشعب الروسي على شجاعته وتصميمه". ودعا إلى دقيقة صمت على أرواح العديد من الجنود الروس الذين قُتلوا في أوكرانيا.

وفي إشارة إلى العقوبات الدولية على بلاده، اعتبر بوتين أنّ الغرب "لم يحقّق شيئا ولن يحقّق شيئاً"، في الوقت الذي قاوم الاقتصاد الروسي بشكل أفضل ممّا توقعه الخبراء.

وقال "لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين"، معتبرا أنّ الغرب فشل في "زعزعة استقرار مجتمعنا".

وفي إشارة إلى احتمال تفاقم القمع الداخلي الذي يترافق مع الهجوم العسكري، قال بوتين إنّ "أولئك الذين اختاروا خيانة روسيا يجب أن يحاسَبوا أمام القانون".

"سخافة" الخطاب

وتعكس تصريحات الرئيس الروسي رؤية للصراع تختلف عن تلك التي كشفها بايدن في اليوم السابق في كييف، والذي من المتوقّع أن يردّ على بوتين في خطابه المرتقب من القلعة الملكية في وارسو الثلاثاء عند قرابة الساعة 4,30 بعد الظهر بتوقيت غرينتش.

وكان الرئيس الأميركي أكّد خلال زيارته إلى أوكرانيا أنّ "كييف لا تزال صامدة. الديموقراطية لا تزال صامدة".

في هذه الأثناء، ندّد البيت الأبيض بـ"سخافة" خطاب بوتين المعادي للغرب. وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان للصحافيين "لا أحد يهاجم روسيا. هناك نوع من السخافة في فكرة أنّ روسيا كانت تتعرّض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا أو من أي طرف آخر".