تُجمع جلّ وسائل الإعلام الفرنسية على أن الجزائريين أوقعوا السلطات الفرنسية في فخّ يصعب التخلّص منه. ففي عام1968، أمضت باريس اتفاقية مع نظام هواري بومدين تقوم على تقديم تسهيلات كبيرة للجزائريين للدخول إلى فرنسا. وهي تسهيلات لا يتمتع بها الأجانب الآخرون.
وخلال اعدادها لقانون جديد للهجرة، اصطدمت السلطات الفرنسية بالاتفاقية المذكورة، وأوقعتها في حيرة لا تدري كيف تتخلص منها. ومع اقتراب زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لباريس خلال شهر يونيو-حزيران، تزداد حيرة الفرنسيين بعد أن تيقنوا أن الاتفاقية المذكورة فخّ نصبه لهم الجزائريون في "زمن الغفلة".

ويقول كزافييه دريانكور(Xavier Driencourt)، السفير الفرنسي السابق، والمسؤول راهنًا عن اللجنة المكلفة إعداد قانون الهجرة الجديد بإن الرئيس الراحل بوتفليقة أشار له خلال مقابلة أجراها معه بأن التاريخ أنصفت الجزائريين بحقوق ضمنتها لهم اتفاقية 1968.
وفي هذا الاطار، فإن التأشيرة هي الثمن الذي يتوجب على فرنسا دفعه للجزائر مقابل احتلاها لها على مدى مائة واثنين وثلاثين سنة.

وفي حوار أجرته معه مجلة "لوفيغارو" في شهر ديسمبر الماضي، قال الرئيس الحالي عبد المجيد تبون :" يتوجب على فرنسا أن تمنح الجزائريين تأشيرة مدتها 132 سنة".

وفي جوار مع مجلة"لوبوان"، أشار كزافييه دريانكور بإن اتفاقية 1968، أُمضيت لما كان عدد سكان الجزائر لا يتجاوز العشرة ملايين. وكانت فرنسا تعيش آنذاك نهضة اقتصادية كبيرة تحتاج إلى اليد العاملة. لذلك سعت السلطات الفرنسية إلى تسهيل دخول الجزائريين إلى فرنسا، وإقامتهم على أراضيها. ورغم أن التأشيرة فرضت على جميع البلدان انطلاقًا من عام 1986، فان ذلك لم يحدّ من تدفق المهاجرين الجزائريين. والآن هناك حوالي 13 بالمائة من المهاجرين جزائريون. وهناك ملايين من أصول جزائرية يقيمون في فرنسا. لذا لا بد من اعداد قانون يُلغي الاتفاقية المذكورة، وإلاّ فإن المشاكل المنجرة عن هجرة الجزائريين سوف تزداد تعقيدًا وصعوبة في إيجاد الحلول لها.

ويضيف السفير الفرنسي قائلا بإن الرئيس عبد المجيد تبون قال في أكثر من مرة بإن إلغاء اتفاقية 1968، سيكون بمثابة:" اعلان حرب" نظرًا لأهميتها بالنسبة لبلاده التي تتخبط في أزمات اقتصادية خانقة. وأمام مستقبل يبدو مجهولا، لا تجد الشبيبة الجزائرية متنفسًا لها سوى الرياضة، والتدين، والعنف، والهجرة إلى فرنسا بتأشيرة أو بغير تأشيرة.

ويرى كزافييه دريانكور أن السلطات الفرنسية تتردد في الغاء الاتفاقية المذكورة، والتفاوض بشأنها مع السلطات الجزائرية لأنها تخشى النتائج التي يمكن أن تترتب عن ذلك. فقد تقوم الجزائر بسحب سفيرها. وقد ينتفض الفرنسيون من أصول جزائرية احتجاجًا على ذلك.

ويضيف السفير الفرنسي قائلا بإن المسؤولين الجزائريين الذين تكونوا في مدرسة بريجنيف السوفياتية، يعرفون جيدا أن اتفاقية 68 لم تعد تعكس المعطيات الجديدة، لكنهم يريدون الضحك على غباوة الفرنسيين.