خلال الأسبوع الأول من شهر حزيران-يونيو الحالي، قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بزيارة إلى أفريقيا الجنوبية لحضور اجتماع وزراء خارجية دول البريكس، أي البرازيل، والهند، وروسيا، والصين، وأفريقيا الجنوبية.
والهدف من هذا الاجتماع هو اعداد قمة رؤساء هذه الدول التي ستنعقد في جوهانزبورغ في شهر أغسطس-آب المقبل، والتي قد يحضرها فلاديمير بوتين الذي تلاحقه المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وتطالب المعارضة في أفريقيا الجنوبية باعتقال الرئيس الروسي فور وصوله إلى مطار جوهانزبورغ. كما تطالب الحكومة باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا خصوصا وأنها من بين الدول التي أمضت على اتفاقية روما لعام 1998، والتي بموجبها تمّ انشاء محكمة العدل الدولية لمقاضاة مرتكبي جرائم حرب.

ويقول زعماء المعارضة بأنهم مضطرون لرفع أصواتهم عاليا لأن حكومة بلادهم تعودت خلال السنوات الماضية على عدم احترام تعهداتها. ففي عام2015، سمحت للرئيس السوداني السابق عمر البشير بالدخول إلى أراضيها لحضور قمة اتحاد الدول الأفريقية رغم أنه كان مطلوبا من محكمة العدل الدولية. كما أنها أصدرت مؤخرًا بيانًا تضمن فيه الحصانة الديبلوماسية لكل المشاركين في قمة البريكس المقبلة. إلاّ أن وزير الخارجة ناليدي باندور يقول بإن ما جاء في البيان اجراء روتيني، وإن الحصانة لا تلغي إجراءات محكمة العدل الدولية ضد أي مشارك في القمة".

وتقول جريدة "لوفيعارو" الفرنسية بإن حكومة بلاد نلسن مانديلا التي تتزعم راهنًا مجموعة البريكس، تجد نفسها في وضع هشّ للغاية. فهي لا ترغب في "الإساءة" لصديقتها روسيا التي ساندتها خلال فترة التمييز العنصري. وفي الآن نفسه هي لا تريد استعداء الدول الغربية. ويعلم الرئيس سيريل رامافوزا جيدا أنه ليس من مصلحة بلاده تعكير العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية الداعم الثاني لاقتصادها.

وعلى المستوى الرسمي، أعلنت بريتوريا حيادها، إلاّ أن انتقادات كثيرة وجهت إليها بشأن علاقاتها مع موسكو. وفي الأمم المتحدة امتنعت عن التصويت لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي أواخر شهر جانفي الماضي، استقبلت بالأحضان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أن تشارك في مناورات عسكرية بحرية الى جانب كل من روسيا والصين. وبحكم وزنها السياسي والديبلوماسي في القارة الأفريقية، فإن بريتوريا تجد نفسها في قلب صراع النفوذ بين روسيا الولايات المتحدة الأميركية. وكلما ازداد التقارب بين موسكو وبريتوريا، إلاّ وازادت مخاوف المستثمرين. لذلك فإن منح الحصانة الديبلوماسية لفلاديمير بوتين يمكن أن تكون له تبعات خطيرة على أسواق المال والأعمال...