الخرطوم: قُتِل ما لا يقل عن 14 شخصا في معارك في محيط مقر قيادة الشرطة في الخرطوم التي قد تغيّر سيطرة قوات الدعم السريع عليها المعطيات في العاصمة السودانية على ما أفاد ضابط سابق في الجيش.

مساء الأحد وبعد شهرين ونصف الشهر على بدء الحرب بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، أعلنت قوات الدعم في بيان "الانتصار في معركة رئاسة الاحتياطي المركزي".

وأضافت "استولت قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي ومعسكر عوض خوجلي على كميات كبيرة من المركبات والأسلحة والذخائر".

وأكد الجيش في بيان الاثنين أن "المليشيا المتمردة استولت يوم أمس (الأحد) على أحد مقرات الشرطة السودانية بعد مهاجمته لثلاثة أيام متواصلة".

وتابع الجيش أن "مرافق الشرطة في جميع أنحاء العالم تعتبر مرافق خدمية لا علاقة لها بالعمليات العسكرية".

ووصفت القوات المسلحة أن ما حققته قوات الدعم السريع "ليس انتصارا عسكريا .. بقدر ماهو هزيمة أخلاقية وتعدٍ سافر على مؤسسات الدولة".

وقال ضابط متقاعد في الجيش طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس إن "سيطرة متمردي الدعم السريع على الاحتياطي المركزي إن استمرت، سيكون لها تأثير كبير على المعركة في الخرطوم".

وأفاد شاهد عيان بجنوب الخرطوم فرانس برس أن قوات الدعم السريع "قصفت، باستخدام مسيرة، نقطة تفتيش للجيش في حي الكلاكلة، ما تسبب في إصابة حافلة تقل مدنيين"، وهو أمر أكده شهود آخرون.

وتابع المصدر نفسه "موقع رئاسة الاحتياطي جنوب الخرطوم يجعله يتحكم في المدخل الجنوبي للعاصمة كما أن الدعم السريع بوجوده في الاحتياطي ومعسكره الرئيسي... وسيطرته على مصنع اليرموك للصناعات العسكرية، أصبح مهدِّدا رئيسيا لقيادة سلاح المدرعات... وهو احد أدوات تفوق الجيش".

وحتى وإن خسرت قوات الدعم السريع لاحقًا هذا الموقع الاستراتيجي، تظهر أشرطة الفيديو التي بثتها أجهزة الدعاية التابعة لها رجالها يستولون على مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخائر ما يجعلها قادرة على الاستمرار طويلا في حرب الاستنزاف التي اندلعت في 15 نيسان/أبريل.

خسائر غير معلنة
ولم تعلن قوات الدعم السريع منذ بداية النزاع عن أي حصيلة بخسائرها في المعارك العنيفة التي تستخدم فيها المدفعية فيما تتعرض مواقعها لغارات الجيش الجوية.

إلا أن مصدرا في الجيش قال إن قوات الدعم السريع "تجاوز عدد قتلاها 400" في المعركة للسيطرة على المقر.

أسفرت المعارك منذ اندلاعها عن مقتل 2800 شخص، وفق منظمة أكلد غير الحكومية كما نزح في الداخل أو لجأ الى الدول المجاورة 2,5 مليون سوداني، وفق الأمم المتحدة.

لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى بكثير لأن أيا من الطرفين المتحاربين لم يصدر بيانات رسمية حول خسائرهما والكثير من الجثث ما زالت منتشرة في شوارع الخرطوم أو دارفور في غرب البلاد عند الحدود مع تشاد حيث تدور أعنف المواجهات.

والأحد سجلت "14 حالة وفاة، بينها طفلان" في محيط مقر قوات الاحتياط على ما ذكر مكتب التوثيق للانتهاكات الذي يحاول تنظيم عمليات الانقاذ والنقل إلى المستشفيات القليلة التي ما زالت في الخدمة في المنطقة.

وأضاف المصدر نفسه أن "عدد الإصابات بلغ 217 خضع منهم 147 للجراحة وبلغ عدد الاصابات البليغة والحرجة 72".

النيل الأزرق
وفي ولاية النيل الأزرق، هاجم متمردو قوات الحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، مدينة الكرمك الحدودية مع إثيوبيا، ودارت اشتباكات بينهم وبين الجيش، الأمر الذي أجبر المواطنين على الفرار إلي داخل الأراضي الاثيوبية.

ولم يوقع الحلو على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 في جوبا، بين مجموعات التمرد المسلحة في السودان والحكومة المدنية الانتقالية التي تولت السلطة عقب اطاحة الرئيس السابق عمر البشير.

ونتيجة هذه الاشتباكات، أعربت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) عن "قلقها البالغ إزاء أعمال العنف الأخيرة في محلية الكُرمك".

وأفادت البعثة الأممية في بيان الاثنين "عبر مئات المدنيين إلى إثيوبيا بحثا عن الأمان" نتيجة العنف بين قوات الحلو والجيش يومي 25 و26 حزيران/يونيو بقرى ديم منصور وأبو نذير وكورابودي بمحلية الكرمك.

واتصالا بسياق العنف خارج الخرطوم، أصدرت لجنة الأمن بولاية جنوب كردفان قرارا "بحظر التجول في مدينة كادوقلي عاصمة الولاية اعتبارا من السادسة مساء (16,00 ت غ) وحتى السادسة صباحا اعتبارا من الاثنين".

منذ بدء الحرب بات ثلثا المستشفيات والمؤسسات الصحية خارج الخدمة بعدما تعرض بعضها للقصف فيما احتل المتحاربون البعض الآخر أو انها عالقة وسط المعارك. أما تلك التي ما زالت في الخدمة فعليها التكيف مع نقص حاد في الأدوية وانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة فيما فر الكثير من أفراد طواقم الرعاية الصحية أو قضوا في الحرب.

وتتواصل المعارك أيضا في نيالا كبرى مدن جنوب دارفور حيث قتل ما لا يقل عن 12 مدنيا الأحد على ما أفاد طبيب لفت إلى عدم إحصاء عدد كبير من الجرحى والقتلى لأن المعارك تحول دون إمكان التنقل.

خلال الليل أفاد سكان في نيالا عن قصف مدفعي كثيف. وقال احدهم لوكالة فرانس برس إن "القذائف تسقط في منازل المدنيين".

ويضطر كل يوم عدد جديد من الناس للنزوح هربًا من المعارك وأعمال العنف الجنسي والنهب المنتشرة.

وبالمجمل، نزح 2,2 مليون سوداني داخل بلادهم فيما لجأ نصف مليون إلى الدول المجاورة.