قال مصدر مطلع في الحكومة العراقية لـ "إيلاف" عن اتخاذ السوداني سلسلة إجراءات للتصدي لتحديات سعر الصرف، ودعم المصارف العراقية، وجذب الاستثمارات الأجنبية.


إيلاف من لندن: مازلت المعركة التي تخوضها الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني مستعرة للسيطرة على سعر صرف الدولار، ومن الواضح انه تمكن من تحقيق خطوة ملموسة في هذا المجال.

وتحاول الحكومة العراقية زيادة الاعتماد على العملة المحلية من جهة وزيادة مخزون الاحتياطي من العملات الأجنبية الاخرى من جهة أخرى لكبح الزيادة غير المبررة في سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي فيما يعرف بالسوق الموازي.

كما تواصل الحكومة العمل على تحسين أداء النظام المصرفي بما يضمن ان تتماشي البنوك العراقية مع أنظمة الدفع الالكتروني الدولية حتى تتمكن من استقطاب العملات الأجنبية بسلاسة وتضمن عدم تسربها خارج البنوك التي لا تعتمد على احدث أنظمة الدفع الالكتروني والرقابة.

وفي هذا الاطار، ترأس السوداني اجتماعا يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، ضم وزيرة المالية، ومحافظ البنك المركزي ومديري المصارف الحكومية، لبحث ما تحقق في خطة الإصلاح المالي والمصرفي التي تتبعها الحكومة العراقية منذ توليها المسؤولية.

وخلال الاجتماع، كلف السوداني مديري المصارف الحكومية بإعداد خطة تُقدم خلال شهر واحد، لتطوير عمل المصارف تتضمن الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية والتقنية، والانتقال من العمل الورقي إلى العمل والتعامل الإلكتروني لكل فعاليات المصارف، وتوسيع خدمات الدفع الإلكتروني، ووضع رؤية شاملة للمصارف في منح التسهيلات الائتمانية والقروض، وتطوير أدوات الضبط والرقابة.

كما حذر السوداني من ان مديري المصارف سيخضعون إلى تقييم الأداء في ضوء تطبيقهم الخطة، ومقدار الإنجاز.

حزمة إجراءات حكومية
وتعمل الحكومة العراقية على تحقيق اصلاح حقيقي من خلال اتخاذ قرارات جريئة تسهم في تحسين بيئة الاستثمار، وتطوير عمل القطاعين العام والخاص، بالإضافة الى إجراءات من شأنها كبح جماح الدولار في السوق الموازي بما يعزز الاستيراد والتجارة.

وكشف مصدر حكومي لـ"إيلاف" عن اتخاذ حكومة السوداني لحزمة إجراءات لمعالجة الفارق في سعر الصرف أهمها تنظيم العملية الاستيرادية وضمان دخول اكبر عدد من التجار والمستوردين لنافذة بيع العملة الاجنبية من خلال تسهيل اجراءات فتح الحساب وعمليات الايداع واجراءات اخرى تتعلق باصدار هوية المستورد والتي من شأنها تسهيل متطلبات "اعرف زبونك" لفئة التجار والمستوردين.

وتجري الحكومة والبنك المركزي مفاوضات مستمرة مع الجانب الإيراني، وفقا للمصدر الحكومي، لتنظيم التجارة بين البلدين واتخاذ افضل الخيارات فيما يخص دفع المستحقات والمبالغ والمناقشات تجري بوتيرة جيدة.

وتسعى الحكومة العراقية الى انجاز جملة من المشاريع المهمة لضمان عدم تأثر الفئات الفقيرة والفئات المتوسطة الدخل من فارق سعر الصرف حيث تعمل وزارتا التجارة والصحة على استيراد المواد المهمة وتوفيرها بالدينار العراقي وبأسعار مستقره ومثالها مشروع السلة الغذائية، والسلة الدوائية والسلة الانشائية وسلة المواد الاحتياطية لقطاع النقل، وبعضا منها بدأ العمل عليه منذ مدة.

وتدرس الحكومة حاليا انشاء منطقة حرة لاستيراد المواد ومن ثم تسويقها للقطاع الخاص وضمان ايصالها للمستهلك وباسعار تنافسية وبالدينار العراقي.

دعم المصارف
وخلال الأيام الماضية دخلت الحكومة العراقية في مفاوضات محمومة مع الجهات الدولية لتعزيز توفر سلة من العملات الأجنبية في البنوك العراقية.

فقد كشف مصدر حكومي مطلع، أن عدد المصارف العراقية التي يمكن تعزيز رصيدها بالدولار الأميركي أصبح 10 مصارف، وذلك بفضل سلسلة من الاجتماعات عقدها مسؤولو البنك المركزي العراقي مع مسؤولين أميركيين في ابوظبي.

كما تم، وفق المصدر الحكومي، حل المشاكل المتعلقة بالحوالات المرفوضة وتم الاتفاق بان يكون رفض الحوالات مستندا لأسباب قوية. ولطالما شكل رفض الحوالات عقبة امام استيراد الكثير من السلع بسبب العقوبات المفروضة على ايران وسوريا وتركيا وهي دول ترتبط تجاريا مع العراق بصورة كبيرة.

وفي اطار جهود تعزيز احتياطيات المصارف العراقية من النقد الأجنبي، ‎تم رفع عدد المصارف التي يتم تعزيز ارصدتها باليوان الصيني من خلال مصرف التنمية السنغافوري الى 13 مصرفا، حيث تم فتح حسابات لـ6 مصارف عراقية في هذا المصرف، وسيتم خلال الفترة القادمة اضافة 7 مصارف اخرى لتمويل التجارة والاستيرادات العراقية من الصين، حيث تقدر تلك الاستيرادات بنحو 12 مليار دولار سنوياً.

في حين أن عدد المصارف التي عززت حساباتها بالروبية الهندية لدى مصرف التنمية السنغافوري 2، وستتم إضافة مصارف أخرى خلال الأسبوعين المقبلين. ومن شأن هذه الالية ان تساهم في تمويل استيرادات العراق من الهند وخاصة الادوية والمواد الغذائية والتي تقدر بنحو 3 مليار دولار.

وفي أبو ظبي أيضا، جرت اجتماعات أخرى جمعت احد المصارف الاماراتية والبنك المركزي العراقي والجانب الاميركي لتنفيذ آلية تعزيز الارصدة بالدرهم الاماراتي للمصارف العراقية (UAE Dirham pilot)، ومن المتوقع ان تبدأ آلية تعزيز الارصدة بالدرهم الاماراتي خلال الايام القليلة المقبلة.

وتنخرط الحكومة العراقية أيضا في مفاوضات جدية وصلت الى مراحلها الاخيرة لتعزيز ارصدة بعض المصارف العراقية باليورو لدى مصرف يوباف (UBAF) لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي.

جذب الاستثمار الأجنبي
ان السوداني مصر على اصلاح القطاع المصرفي ويعمل على انهاء التضارب في السوق الموازي وتوحيد سعر الصرف، ويبدو ان الجهود يبذلها تأتي بثمار الاستقرار في الأسواق وضبط التعاملات المصرفية والحوالات المالية التي كانت مصدر للإشكالات مع الخزانة الاميركية.

كل المؤشرات تؤكد أن العراق سيشهد مرحلة تطور في جذب الاستثمارات ويصبح سوقا واعدا للاستثمارات الأجنبية والمستثمرين الذين طالما عانوا من البيروقراطية في التعاملات المصرفية وقلة التواصل مع المصارف العالمية. اذ ان الإجراءات المتخذة كفيلة بربط النظام المصرفي العراقي مع النظام المصرفي العالمي، كما ان هذه الإصلاحات هي الإيفاء بوعد السوداني لمكافحة الفساد والمنتفعين من ازمة الدولار والسوق الموازي.