في قاعدة جوية في الأردن (الأردن): أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول المساعدات الإنسانية لغزة وعملية السلام في الشرق الأوسط في زيارة يتخللها إحياء عيد الميلاد مع الجنود الفرنسيين المنتشرين في المملكة.

ونقل بيان عن الديوان الملكي عن العاهل الأردني تأكيده لماكرون خلال لقائهما في مدينة العقبة الساحلية (328 كلم جنوب عمان) على شاطئ البحر الأحمر "ضرورة أن يضغط العالم بأسره لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين" وعلى "التحرك وبشكل فوري لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستدام إلى قطاع غزة، الذي يشهد وضعا إنسانيا كارثيا".

وجدد "رفض الأردن المطلق للتهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة"، معتبرا أنهما "امتداد للدولة الفلسطينية الواحدة". وأكد أن "لا سلام ولا استقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين".

من جهته، أكد ماكرون حرص فرنسا "على زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة، بالتنسيق مع الأردن".

كما أبدى رغبة بلاده "بمعالجة عدد من الأطفال الغزيين المصابين بالسرطان في مستشفيات بفرنسا بالتنسيق مع الأردن"، واستعداد دول أوروبية أخرى لذلك.

وغادر ماكرون باريس في خضم أزمة سياسية بشأن قانون الهجرة المثير للجدل، واختار مرة أخرى منطقة الشرق الأوسط التي تهزها الحرب المستعرة في غزة، للقاء التقليدي مع القوات الفرنسية لإحياء أعياد أواخر العام.

وكان في استقباله الملك عبد الله لدى نزوله من الطائرة الرئاسية في مطار مدينة العقبة عند الساعة 15,50 بعد الظهر (12,50 ظهرا ت غ)، بحسب ما أفادت صحافية في وكالة فرانس برس.

وزار ماكرون عمان في 25 تشرين الأول/أكتوبر خلال جولة في المنطقة للتعبير عن التضامن مع إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر في جنوب اسرائيل، ولإعادة إطلاق فكرة حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.

مواجهة حال الطوارئ الانسانية
وخلال تفقده الجنود الفرنسيين في الأردن، قال ماكرون "في مواجهة حال الطوارئ الانسانية المطلقة في غزة، لن نوفر جهودنا المشتركة للتوصل الى وقف لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن والاستجابة للحاجات الطارئة للسكان".

وأبدى دعمه لإقامة منصة مشتركة مع الأردن لتوفير المساعدات الإنسانية للقطاع الفلسطيني المحاصر.

ووصلت طائرة فرنسية محمّلة لـ11 طنا من المساعدات الخميس الى الأردن، على أن تليها طائرة ثانية خلال أيام.

وشدد ماكرون على دعم فرنسا "لإعادة فتح الأفق السياسي حول حلّ الدولتين".

ومع إقراره بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، أكد ماكرون الأربعاء في مقابلة مع قناة "فرانس 5"، إنه "لا يمكننا أن نسمح بترسيخ فكرة أن محاربة الإرهاب بشكل فعال يعني تدمير كل شيء في غزة أو مهاجمة السكان المدنيين بشكل عشوائي والتسبب في سقوط ضحايا مدنيين". وشدد على "ضرورة العمل على تهيئة الظروف الملائمة للعودة إلى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

الى ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي أن الهجمات التي ينفّذها الحوثيون في البحر الأحمر دعما للفلسطينيين، "تهديد غير مقبول" للملاحة البحرية.

وقال "التهديد الذي يشكله الحوثيون على حرية الملاحة أمر غير مقبول"، مشيدا بـ"الدور المحوري" الذي أدته البحرية الفرنسية في الأيام الأخيرة.

وأتت زيارة ماكرون للقاعدة "لتسليط الضوء على التزام فرنسا الدائم بمكافحة الإرهاب"، وفق الإليزيه.

وألقى ماكرون كلمته أمام 350 جنديا فرنسيا في القاعدة قبل تناول عشاء عيد الميلاد.

عملية "شمّال"
يشكل الجنود الفرنسيون المنتشرون في الأردن جزءا من عملية "شمّال" التي تضم إلى الجنود المتمركزين في الأردن إلى جانب 250 جنديا فرنسيا في العراق وسوريا في إطار المشاركة الفرنسية في عملية "العزم الصلب" التي انطلقت في 2014 ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف وتديرها الولايات المتحدة.

وكان مقتل ثلاثة جنود فرنسيين هذا الصيف في العراق، أحدهم أثناء العمليات وآخر في حادث وثالث خلال "تدريب عملياتي"، تذكيرا بأن فرنسا لا تزال منخرطة في المنطقة التي لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية ينشط فيها.

لكن "العملية تطورت وتركز حاليا على تقديم المشورة والمساعدة ومهام التسهيل لصالح القوات العراقية"، بحسب الإليزيه الذي أوضح أن عدد الضربات المساندة للقوات العراقية أصبح اليوم "قليلا".

وتتمركز حاليا أربع طائرات مقاتلات فرنسية من طراز "رافال" في الأردن.

ومنذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية وأدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة، تزايدت هجمات المجموعات الموالية لإيران في سوريا والعراق ضد القواعد الأميركية.

وهي المرة الأولى يزور فيها الرئيس الفرنسي قاعدة جوية موقتة في الخارج للقوات الجوية لبلاده في عيد الميلاد.

وفي كانون الأول/ديسمبر من عام 2022، توجه ماكرون إلى حاملة الطائرات شارل ديغول قبالة سواحل مصر. وفي الأعوام السابقة، انتقل ماكرون مرات عدة الى دول إفريقية مثل تشاد أو ساحل العاج حيث كان الجيش الفرنسي منخرطا بشكل كبير في الحرب ضد الجهاديين.

مغادرة النيجر
وبينما يزور الرئيس الفرنسي القاعدة الجوية في الأردن الجمعة سيغادر آخر جنود بلاده النيجر، كما أعلن النظام العسكري الحاكم في نيامي، بعد أكثر من عشر سنوات على بدء مكافحة الجهاديين في البلاد.

وبعد طردها من مالي وبوركينا فاسو ثم النيجر من قبل المجالس العسكرية، أعيد انتشار القوات الفرنسية جزئيا في أوروبا الشرقية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

وشدد ماكرون الخميس على أهمية مواصلة دعم كييف. وسأل الرئيس الفرنسي عما سيكون عليه مستقبل الأوروبيين في حال انتهت الحرب لصالح موسكو.

وقال "لذلك، سنواصل مساعدة الأوكرانيين. ما نقوم به، وإن كان مكلفا، هو مفصلي بالنسبة الى أمننا المستقبلي، بالنسبة الى دورنا في أوروبا، ومن أجل سيادة أوكرانيا".