أدرك بنيامين نتنياهو التحولات في المزاج الأميركي، لذا يتوجه إلى الرأي العام في الولايات المتحدة بمقالة يشرح فيها شروطه للسلام مع الفلسطينيين

إيلاف من بيروت: في مقالة له، نشرتها صحيفة "وال ستريت جورنال" الأميركية، يقول رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن الأهداف المرجوة من الحرب في غزة هي تدمير حماس، وتجريد غزة من السلاح، واستئصال التطرف في المجتمع الفلسطيني برمته.

في ما يأتي ترجمة "إيلاف" لمقالة نتنياهو في الصحيفة الأميركية:

لابد من تدمير حماس، ولابد من نزع سلاح غزة، ولابد من استئصال التطرف في المجتمع الفلسطيني. هذه هي الشروط الأساسية الثلاثة لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين في غزة.

أولاً، لا بد من تدمير حماس، الوكيل الرئيسي لإيران. تدعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والعديد من الدول الأخرى نية إسرائيل القضاء على هذه الجماعة الإرهابية. لتحقيق هذا الهدف، لا بد من تفكيك قدراتها العسكرية، وإنهاء حكمها السياسي على غزة. تعهد قادة حماس بتكرار مجزرة 7 أكتوبر مراراً وتكراراً. لهذا السبب، تدميرها هو الرد الملائم الوحيد لمنع تكرار مثل هذه الفظائع المروعة. وأي شيء أقل من ذلك يؤدي إلى المزيد من الحرب وسفك الدماء.

لتدمير حماس، تمتثل إسرائيل تمامًا للقانون الدولي. ويمثل هذا الأمر تحديًا خاصًا لأن جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية حماس يتمثل في استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعًا بشرية. تضع حماس بنيتها التحتية الإرهابية داخل المنازل والمستشفيات والمساجد والمدارس وغيرها من المواقع المدنية، ما يعرض السكان الفلسطينيين للخطر عمدا.

تبذل إسرائيل قصارى جهدها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى بإسقاط المنشورات وإرسال الرسائل النصية واستخدام وسائل أخرى لتحذير سكان غزة للابتعاد عن الأذى. وعلى النقيض من ذلك، تبذل حماس قصارى جهدها لإبقاء الفلسطينيين في طريق الأذى، وغالباً تحت تهديد السلاح.

إلقاء اللوم بشكل غير عادل على إسرائيل عن هذه الخسائر البشرية لن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم على استخدام الدروع البشرية. كي نجعل هذه الإستراتيجية القاسية والهازئة غير فعّالة، على المجتمع الدولي أن يلقي اللوم بشكل مباشر على حماس عن هذه الخسائر البشرية. ويجب عليها أن تدرك أن إسرائيل تخوض المعركة الأكبر في الحرب الحضارية ضد البربرية.

ثانياً، يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح، وعلى إسرائيل أن تضمن عدم استخدام المنطقة مرة أخرى كقاعدة لمهاجمتها. من بين أمور أخرى، يتطلب هذا إنشاء منطقة أمنية مؤقتة حول غزة، وإنشاء آلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع.

توقع قيام السلطة الفلسطينية بنزع السلاح في غزة حلم بعيد المنال. السلطة تقوم بتمويل الإرهاب في يهودا والسامرة وتعليم الأطفال الفلسطينيين للسعي إلى تدمير إسرائيل. وليس مستغربًا أنها لم تظهر القدرة أو الرغبة في تجريد غزة من السلاح. وفشلت في القيام بذلك قبل أن تطردها حماس من القطاع في عام 2007، كما فشلت في القيام بذلك في الأراضي الخاضعة لسيطرتها اليوم. وفي المستقبل المنظور، سيكون على إسرائيل أن تحتفظ بالمسؤولية الأمنية المهيمنة على غزة.

ثالثاً، لا بد من استئصال التطرف في غزة. على المدارس أن تعلم الأطفال كيف يعتزون بالحياة بدلاً من الموت، ويجب على الأئمة أن يتوقفوا عن الدعوة إلى قتل اليهود. ويحتاج المجتمع المدني الفلسطيني إلى التحول حتى يتمكن شعبه من دعم مكافحة الإرهاب بدلاً من تمويله.

مرجح أن يتطلب ذلك قيادة شجاعة تتحلى بأخلاق عالية. لا يستطيع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حتى أن يدين الفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر. وينفي العديد من وزرائه وقوع جرائم القتل والاغتصاب أو يتهمون إسرائيل بارتكاب هذه الجرائم المروعة ضد شعبها. وهدد آخر بتنفيذ هجوم مماثل في الضفة الغربية.

تمت عملية استئصال التطرف بنجاح في ألمانيا واليابان بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. واليوم، أصبح كلا البلدين حليفين عظيمين للولايات المتحدة ويعملان على تعزيز السلام والاستقرار والازدهار في أوروبا وآسيا.

في الآونة الأخيرة، منذ هجمات 11 سبتمبر، قاد القادة العرب ذوو الرؤية المستقبلية في الخليج الجهود الرامية إلى القضاء على التطرف في مجتمعاتهم وتحويل بلدانهم. ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات إبراهيم التاريخية وتتمتع اليوم باتفاقيات سلام مع ست دول عربية. إن مثل هذا التحول الثقافي لن يكون ممكناً في غزة إلا بين الفلسطينيين الذين لا يسعون إلى تدمير إسرائيل.

بعد تدمير حماس، تصبح غزة منزوعة السلاح ويبدأ المجتمع الفلسطيني عملية اجتثاث التطرف، ويصبح ممكنًا إعادة بناء غزة، وتصبح احتمالات السلام الأوسع في الشرق الأوسط حقيقة واقعة.

المصدر: "وال ستريت جورنال"