دفعت هجمات حماس في 7 أكتوبر بالهود المتشددين، المعفيين اصلًا من الخدمة العسكرية، إلى التطوع أفواجًا في الجيش الإسرائيلي
إيلاف من بيروت: يغادر مردخاي بورات منزله كل صباح مرتديًا بدلة وقبعة سوداء اللون، يصل إلى قاعدة شورة العسكرية في وسط إسرائيل ويرتدي ملابسه العسكرية الخضراء.
بورات يهودي متشدد، لا يريد أن تراه عائلته أو جيرانه في بني براك في زيه العسكري كي لا يكتشفوا سره... فقد تطوع في الجيش الإسرائيلي. إنه واحد من عدد متزايد من اليهود المتشددين، أو الحريديم، الذين ردوا على هجوم حماس في 7 أكتوبر بالانضمام إلى الحملة الإسرائيلية للقضاء على الجماعة المسلحة، على الرغم من حصولهم على إعفاء من الخدمة العسكرية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".
منذ ذلك الهجوم المفاجئ، عندما خرجت حماس من غزة لتقتل 1200 شخص وتحتجز 240 رهينة أخرى، سعى المتطوعون من كافة ميداين الحياة الإسرائيلية إلى الانضمام إلى المجهود الحربي، لكن كان ابرزهم المتقدمون الحريديم الجدد، البالغ عددهم 2000 متطوع.
نقطة خلاف
تقول الصحيفة الأميركية: "لطالما كان إعفاءهم من التجنيد الإلزامي نقطة خلاف في بلد تشكل فيه الخدمة العسكرية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وأدى ذلك إلى سقوط حكومة بنيامين نتنياهو في عام 2019، في أزمة انتخابية استمرت أربع سنوات".
عارض الحريديم بشدة إجبارهم على الخدمة العسكرية، إذ يجب أن يقضوا كل الوقت المتاح في دراسة التوراة، وهم يشعرون بالقلق من أن الشباب الحريديم الذين تم إرسالهم إلى الجيش قد لا يعودون أبدًا إلى واجباتهم الدينية. دفع نفوذهم القادة الإسرائيليين إلى تلبية مطالبهم. فتم إعفاؤهم من مراعاة معايير التعليم الوطنية ودفع بعض الضرائب.
الآن، الاندفاع للتطوع في الجيش يبقى من المحرمات بين بعض الحريديم، لكن الضرورات تبيح المحظورات، كما أن هجوم حماس والحرب الإسرائيلية التي قتلت فيها القوات الإسرائيلية 21.320 شخصًا وأصابت 55.603 شخصًا في غزة، يعيدان تشكيل التباينات في المجتمع الإسرائيلي المنقسم. يقول نيتشومي يافي، المحاضر في كلية الدراسات الاجتماعية والسياسية بجامعة تل أبيب: "لدينا المجتمع الحريدي الذي يضفي الشرعية على الجيش، ولدينا مجتمع الحريديم الذي يبدو أكثر استعدادًا الآن للتطوع".
يتطوعون أفواجًا
استطلع يافي آراء الحريديم حول مواقفهم بشأن الجيش في مارس 2022 ومرة أخرى بعد 7 أكتوبر. في عام 2022، وافق 35 في المئة على ضرورة المساهمة في الدفاع عن إسرائيل. بعد هجمات حماس، ارتفعت هذه النسبة إلى 49 في المئة.
بعد 7 أكتوبر، كلف الجيش الإسرائيلي حاخامًا حريديًا تجنيد أفراد من الطائفة. كان رامي رافاد (65 عامًا) قد خدم في سلاح الجو الإسرائيلي، وفي غضون ساعات، استجاب له أكثر من 400 شخص. وسرعان ما تجاوز عدد المتطوعين 1000 متطوع". يقول رافاد إن رسائله كانت حاسمة. يضيف: "الأيديولوجيا الحريدية ليست ضد فكرة الجيش، ففي التوراة روايات عن الجنود والحرب، لكن لا يمكنك إجبار الحريديم على الخدمة العسكرية".
بحسب الجيش الإسرائيلي، من بين 2000 متقدم من الحريديم منذ 7 أكتوبر، تم قبول 450 منهم، وهؤلاء قلة في جيش يقدر عدد أفراده بنحو 170 ألفًا في الخدمة الفعلية. يقول يافي إن هذا تحول مجتمعي كبير.
لم يكن الحريديم أكثر انفصالًا عن المجتمع الإسرائيلي مما كانوا عليه في يوم 7 أكتوبر. كان يوم السبت اليهودي وعطلة "سيمحات توراة"، واستيقظ اليهود على صفارات الإنذار تصدح أكثر من المعتاد. لكن، لأنهم يمتنعون عن استخدام الكهرباء في أيام السبت، ما عرفوا السبب. يقول بورات: "لم أكن أعلم أنه بينما كنت أرنم، كان الآخرون يبكون".
المصدر: "واشنطن بوست"



















التعليقات