إيلاف من بيروت: في الأيام الأولى من الهجوم الإسرائيلي على غزة، توسلت حماس للحصول على هدنة، وأطلقت سراح 105 رهائن في سبعة أيام. لكنها رفضت منذ ذلك الحين عرضين لوقف القتال، وكان كل منهما أكثر سخاءً من سابقه. فما الذي تغير؟

سؤال تجيب عنه صحيفة "وال ستريت جورنال" الأميركية بالقول: "بعدما تجاهلت الجماعة الإرهابية الاقتراح المصري خلال عطلة الميلاد، أوضح عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن ’لا مفاوضات من دون وقف كامل للعدوان‘، أي نهاية للحرب. في 20 ديسمبر الجاري، قال عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد، في معرض رفضه العرض الإسرائيلي، إن الحركة لم تعد مهتمة بوقف للنار أسبوعًا أو أسبوعين أو ثلاثة، على الرغم من أن إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح كبار إرهابيي حماس أيضًا".

يقدم مئير بن شبات، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي من عام 2017 إلى عام 2021، تفسيرًا واقعيُا لهذا التبدل. كتب: "حماس الآن تشعر بالثقة الكافية لرفض أي صفقة لا تحقق لها النصر بشكل مباشر. قد تكون هذه الثقة مضللة، لكنها ليست بلا أساس"، موضحًا أنه على الرغم من أن الظروف التي تعمل في ظلها القوات الإسرائيلية صارت أصعب مما كانت عليه في الماضي، فإن الأمور تحسنت بالنسبة إلى مقاتلي حماس".

بين كرّ وفرّ
تحت ضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تستخدم إسرائيل الآن قوة نارية أقل للتمهيد لتقدمها في الميدان، "وهذا يترك المزيد من الفرص لحماس لنصب الكمائن للجنود الإسرائيليين"، بحسب الصحيفة الأميركية.

يختبئ مقاتلو حماس في أنفاق جيدة التجهيز. كتب بن شبات: "ستحصل حماس على سيطرة فعلية على معظم المساعدات التي تدخل القطاع". ومرة أخرى، وتحت ضغط بايدن، سمحت إسرائيل بزيادة تدفق الوقود إلى غزة الذي تحتاجه حماس للبقاء تحت الأرض.

تقول "وال ستريت جورنال": "هناك ثلاثة اتجاهات سياسية قد تشجع حماس أيضاً. يتلخص الأول في الحملة المتنامية التي يقوم بها الصحفيون الإسرائيليون لتحرير الرهائن بأي ثمن، بل وحتى ترك حماس في السلطة. ومثل مقتل الرهائن الثلاثة عرضياً ضربة سياسية للاعتقاد بأن المجهود الحربي الذي تبذله إسرائيل سيعيد الرهائن إلى بيوتهم".

بحسب الصحيفة، يكشف الاتجاه الثاني عن سلوك أميركي يعبر عن رغبة عارمة في تهدئة القتال مع وكلاء إيران، لذا تمر هجمات الحوثيين في اليمن على سفن البحر الأحمر من دون رد، وتفلت الميليشيات العراقية التي تضرب القواعد الأميركية من العقاب. وبينما أدى القصف اليومي الذي يشنه حزب الله إلى نزوح نحو 100 ألف إسرائيلي من منازلهم، تحث واشنطن القدس على إبقاء ردها عند الحد الأدنى.

ضغط بايدن
في الاتجاه الثالث، يدعم البيت الأبيض الهجوم الإسرائيلي المضاد في غزة، لكن تركيزه ينصب الآن على تقليصه. تقول الصحيفة: "تظهر تقارير شبه يومية عن مسؤولين أميركيين كبار يحثون إسرائيل على الانتقال إلى المرحلة التالية من العمليات، أي قتال منخفض الحدة مع غارات من الحدود. وتقول إسرائيل إنها تحتاج إلى مزيد من الوقت لطرد حماس، لكن ارتفاع الخسائر العسكرية له أثره".

تختم الصحيفة إجابتها عن السؤال الأساسي بالقول: "هذا هو طريق حماس نحو البقاء والنصر: تحول سابق لأوانه في المجهود الحربي الإسرائيلي للتقيد بالجدول الزمني السياسي الذي وضعه بايدن. فلماذا تتخلى عن أوراق مساومة الرهائن الخاصة بك إن كنت تحتاج إلى الصمود أسابيع قليلة أخرى لا أكثر؟".

تضيف الصحيفة: "ربما يكون الخلل في تحليل حماس هو أنه يفترض أن إسرائيل ستتبع نصيحة بايدن حتى الهزيمة. بعد السابع من أكتوبر، لا تعتمدوا على ذلك. فليس أمام إسرائيل من خيارات سوى المضي قدماً في حربها، حتى تقضي نهائيًا على حماس".

المصدر: "وال ستريت جورنال"