يسعى بنيامين نتنياهو إلى ترسيخ صورة له في أذهان الإسرائيليين: حامي الأمة. لكن، وفقاً لدراسة حديثة، الأغلبية العظمى من الإسرائيليين لا يرونه كذلك

إيلاف من بيروت: أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في منتصف ديسمبر أنه على الرغم من أن 66 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن القوات الإسرائيلية قادرة على تدمير حماس في غزة، فإن 69 في المئة قالوا إنهم يريدون إجراء الانتخابات بمجرد انتهاء الحرب. وقال 39 في المئة فقط ممن صوتوا لصالح حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنهم سيصوتون له مرة أخرى.

في استطلاع آخر أجرته جامعة بار إيلان، قال 24 في المئة فقط من الإسرائيليين إنهم يعتقدون أن نتنياهو هو مصدر موثوق للأخبار المتعلقة بالحرب، فيما قال 73 في المئة إن المتحدث العسكري الرسمي هو مصدرهم الأكثر ثقة.

أصحاب قرار
بحسب "التايمز" البريطانية، قال أحد كبار المسؤولين: "القرارات اليومية بشأن الحرب يتخذها الجنرالات الثلاثة السابقون في حكومة الحرب"، في إشارة إلى وزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس وغادي آيزنكوت. وفيما يتعلق بالقرارات الكبرى، مثل موعد شن الهجوم البري وما إذا كان سيتم قبول صفقة إطلاق سراح الرهائن وهدنة أسبوع، تأخر نتنياهو وتردد لأسابيع. وهذا هو الآن نهجه تجاه القرار الكبير التالي الذي يواجه إسرائيل – كيف ومتى سيتم تقليص الحملة في غزة. وخلال زيارته للخطوط الأمامية، نقل مكتبه عنه قوله للجنود: "لن نتوقف. الحرب ستستمر حتى ننهيها".

لكن، في القنوات السرية، تبدو رسالة نتنياهو أقل صراحة. تم تفويض ديفيد بارنيا، رئيس الموساد للتفاوض على هدنة مؤقتة ثانية مع حماس مقابل إطلاق سراح 40 رهينة إسرائيلية أخرى محتجزة في غزة. ويتواجد مفوض نتنياهو، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، في واشنطن لإجراء محادثات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حول خطوات إسرائيل التالية في تقليص حجم عملياتها في غزة.

تقول "التايمز": "نتنياهو في مأزق. تراجعت شعبيته السياسية، وتخلت عنه قطاعات كبيرة من قاعدته، على الأقل في استطلاعات الرأي. لكن الإسرائيليين، الذين ما زالوا يعانون الصدمة بعد السابع من أكتوبر يؤيدون الحرب ضد حماس".

لا يحب الدبابات
على الرغم من أن كثيرين خارج إسرائيل يعتبرونه داعية للحرب، فإن نتنياهو لم يكن مرتاحًا أبدًا لخوض حروب واسعة النطاق يحتاج فيها إلى وضع مصير إسرائيل، ومستقبله السياسي، في أيدي الجيش. مر أكثر من 50 عامًا منذ انتهاء مسيرة نتنياهو العسكرية برتبة نقيب. في عام 1972، تلقى عروضًا للترقية، لكن للبقاء في الجيش الإسرائيلي، كان عليه الموافقة على إعارته إلى وحدة عسكرية أو مشاة عادية. وكان قد أمضى خمس سنوات مشغل مهام خاصة في وحدة الكوماندوز السرية "سايريت متكال" المتخصصة في العمليات خلف خطوط العدو. لم يكن يرغب في تولي مسؤولية مجموعة من المجندين في وحدة غير النخبة، وفضل ترك الجيش بدلاً من ذلك.

خلال السنوات الـ 16 التي قضاها كرئيس للوزراء، كان يكره إرسال فرق الجيش الإسرائيلي الكبيرة وغير العملية المدرعة إلى المعركة، بل يفضل العمليات الخاصة الصغيرة أو الضربات الجوية.

قال أحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين: "الصورة المفضلة لنتنياهو باعتباره سيد الأمن في إسرائيل لا تدعمها أفعاله. قبل كل شيء، يتجنب المخاطرة ولا يحب المواقف العسكرية التي يشعر أنه لا يستطيع السيطرة عليها."

جذور سياسية
لانزعاج نتنياهو من الجيش الإسرائيلي جذور سياسية أيضًا. فهو مقتنع أن معظم الجنرالات ينتمون إلى "النخب اليسارية" التي تعارضه وتزدريه. ما لا يقل عن سبعة من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي الذين خدموا في هذا المنصب منذ أن تولى نتنياهو منصبه لأول مرة في عام 1996، انضموا إلى الأحزاب أو الحركات السياسية التي تدعو لاستبداله، بينهم الجنرال ووزير الدفاع السابق بيني غانتس الأوفر حظًا لخلافة نتنياهو إذا أجريت الانتخابات الآن. نتنياهو غير مرتاح لفكرة ترك الأمور في أيدي الجنرالات.

الجمهور الإسرائيلي في وضع فريد الآن. البلدان التي تخوض حرباً تشهد في العادة تأثير "الالتفاف حول العلم"، خصوصًا في فترة التوهج الوطني المبكر للحرب، قبل أن تبدأ خيبة الأمل في الزحف إليها. ويترجم هذا التأثير في العادة إلى ارتفاع مؤقت على الأقل في شعبية زعيم البلاد. مؤكد أن إسرائيل تمر بفترة "الالتفاف حول العلم". دعم الجمهور الإسرائيلي يذهب إلى جيش الدفاع الإسرائيلي وجنرالاته، على الرغم من إدانتهم بالفشل في منع هجوم 7 أكتوبر، وهم الذين يقودون القتال ضد حماس.

بالنسبة إلى معظم الإسرائيليين، نتنياهو، باستراتيجيته المتمثلة في السماح لحماس بالبقاء مسؤولة عن غزة لسنوات عديدة، هو المذنب الرئيسي في ما حصل في 7 أكتوبر. إنهم لا يثقون به ليقودهم في الحرب التي شنتها إسرائيل.

المصدر: "التايمز"