إيلاف من دبي: تصف "إندبندنت" البريطانية إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بأنه "هو واحد من الشخصيات البارزة القليلة في العالم التي تعود خبرتها في المناصب العليا إلى القرن العشرين". فقد تم انتخابه لهذا المنصب أول مرة في عام، وشهد مبادرات سلام شارك في بعضها شخصياً، فضلاً عن الانتفاضات وعمليات عسكرية نجاح متفاوت وفظائع وحشية، "وطوال ذلك الوقت، كان صريحا، بل وأكثر من ذلك. لكنه قال بعض الأشياء البالغة الأهمية في توقيت سيء، مثل رفضه الأخير فكرة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وحل الدولتين".

بحسب "إندبندنت"، بعد أشهر من الدبلوماسية الصبورة والدعم من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يبدو هذا الموقف من نتنياهو "إهانة إلى حد كبير، ومحتمل أنها كانت إهانة مقصودة". فلعله منزعج من المناشدات المستمرة لضبط النفس من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومن بايدن نفسه، لذا أزاح الأعباء عن صدره بالقول إنه يعتقد أن على إسرائيل أن تحتفظ بسيطرة أمنية على الأراضي غرب نهر الأردن، والتي ستشمل أي كيان فلسطيني مستقبلي. فذها، برايه، شرط ضروري، "وهو يتعارض مع فكرة سيادة لفلسطينية. أقول هذه الحقيقة لأصدقائنا الأميركيين، كما أوقفت محاولة فرض واقع علينا من شأنه الإضرار بأمن إسرائيل".

توبيخ فوري
أثار هذا الرفض توبيخاً فورياً من البيت الأبيض، الذي أشار، بإنصاف، إلى أنه "لا طريقة لحل التحديات الطويلة الأمد التي يواجهونها لتوفير الأمن الدائم، ولا طريقة لحل التحديات القصيرة الأمد المتمثلة في إعادة بناء قطاع غزة من دون دولة فلسطينية". لكن نتنياهو أوضح وجهة نظره، وأحدث ضررًا كبيرًا.

تقول "إندبندنت": "تحدى نتنياهو علناً، من دون سبب وجيه، أقوى حليف لإسرائيل، الحليف الوحيد الذي يستطيع، في حالة حدوث أزمة وجودية، أن يحمي إسرائيل من أعدائها. إنها قلة احترام، من شأنها أن تثير غضب الدول العربية التي تمكنت إسرائيل من تحقيق السلام معها، وتلك التي كانت على وشك التوقيع على معاهدات وتطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى أن أشعلت حماس الحرب الحالية".

لا تستطيع إسرائيل أن تتحمل استعداء مصر أو الأردن أو المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة، أو أي من جيرانها الآخرين ــ لكن، هذا هو على وجه التحديد ما اختار نتنياهو أن يفعله، بلامبالا مطلقة. بطبيعة الحال، سيتشجع أعداء إسرائيل، وسيعتبرون تصريحات رئيس الوزراء دليلاً إضافياً على أنه لا يمكن أبداً إنشاء دولة فلسطينية ما دام هناك حكومة إسرائيلية برئاسة نتنياهو.

حقيقة مزعجة
تشير "إندبندنت" إلى حقيقة مزعجة وراء تعبير نتنياهو: "بسبب انتشار المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على نطاق واسع في الضفة الغربية، والتي أنشئت على مدى عقود عديدة، إلى جانب التوغلات الأخرى، فإن مفهوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية لم يعد قابلاً للتطبيق كما كان من قبل، في حين أن الوضع في غزة يتحدث عن نفسه".

يلجأ الساسة الغربيون إلى حل الدولتين ويفضلون مواجهة المشاكل الخطيرة والملحة في المنطقة، مثل المجاعة الوشيكة في غزة. وفي كثير من الأحيان، يصبح حل الدولتين شعاراً يُقال بدلاً من الفكر أو العمل. واضح أن الحكومات التي يقودها حزب الليكود هي التي سمحت ببناء المستوطنات غير القانونية وقوضت المحاولات السابقة لجعل حل الدولتين حقيقة واقعة. لكن، بعيداً عن السخرية، تظل الحقيقة أن العوامل على الأرض التي ستحدد ما إذا كانت إسرائيل وفلسطين قادرتين على التعايش كدولتين ذات سيادة قد تغيرت جذرياً منذ اتفاقيات أوسلو، كما تقول "إندبندنت"، مضيفةً: "يقول نتنياهو إنه يريد إسرائيل آمنة، لكن سلوكه في غزة وتأملاته الأخيرة بشأن التوصل إلى تسوية سلمية تؤدي إلى نتائج عكسية، ولا تمثل خطته أكثر من حرب دائمة يتخللها وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية من حين إلى آخر. ولا يمكنها أن تجعل إسرائيل آمنة".

تختم "إندبندنت" قائلةً: "ربما ينتظر نتنياهو ليرى إذا كان دونالد ترامب سيعود إلى البيت الأبيض. فأفكار ترامب بشأن مستقبل المنطقة هيأكثر إذلالاً للفلسطينيين من أفكار نتنياهو نفسه. الأمل الوحيد في السياسة الإسرائيلية الداخلية هي أن نتنياهو ربما لن يبقى فترة طويلة في منصبه بعد انتهاء الحرب في غزة. والحقيقة أنه لا يحرر الرهائن، ولا ينتصر في الحرب، وهو بالتأكيد ليس الرجل الذي تحتاجه إسرائيل للفوز بالسلام".

المصدر: "إندبندنت"